02-02-2023
مقالات مختارة
|
أخبار اليوم
لا ننكر أهميّة انتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة أصيلة، ولا نستخفّ بوجوب المتابعة المستمرّة لباقي الأساسيات السياسية والتقليدية في البلد. ولكن هل تكفينا القِمَم الروحيّة أو حتى الزمنية التي لا همّ لها سوى لَمْلَمَة الفراغ الرئاسي، فيما تموت نسبة لا بأس بها من اللبنانيين بـ "كرباج" دولار السوق السوداء؟
حظوة
للطوائف والمذاهب سلطة على السياسيّين والاقتصاديين، لا يُمكن لأحد أن ينكرها. فلكلّ رجل دين "مَوْني"، أو حظوة، أو كلمة مسموعة بنسبة أو بأخرى، على سياسيّين وغير سياسيّين، وعلى كل من يُمسِك بأداة تأثير حياتية يوميّة على الناس.
فمتى تختار المرجعيات الروحية، المسيحية والإسلامية على حدّ سواء، استعمال تلك الحظوة، بدلاً من الاسترسال بالمواقف "الانغماسية" في الرئاسيات حصراً من جهة، وبتراشُق المواقف على خلفيّة الاختلاف في وجهات النّظر السياسيّة، من جهة أخرى؟
لعبة أكبر من الجميع
شدّد مصدر واسع الاطلاع على أن "مصالح الناس لم تَعُد أولوية. وحتى إن الانقسام يطاول رجال الدين في لبنان، الى درجة أن الموقف الذي يصدر عن بكركي في لحظة، يُناقضه (المفتي الجعفري الممتاز الشيخ) أحمد قبلان خلال مدّة زمنيّة قياسية بسرعتها".
وأشار في حديث لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "الرياح الإيرانية - السعودية - الغربية - الأميركية - الفرنسية تتجاذب لبنان. وبقِمَم روحيّة أو بلقاءات نيابية مسيحية في بكركي، أو من دونها، لا شيء سيوصلنا الى مكان لأن اللّعبة أكبر من نواب ووزراء، وحتى أكبر من كافة الرؤساء في لبنان".
انهيارات كاملة
وأكد المصدر أن "التنسيق الفرنسي - الأميركي - المصري - السعودي - القطري في شأن لبنان، سيقدّم العناوين المطلوبة من الرئيس اللبناني الجديد، ومن رئيس الحكومة الجديد. كما سيطلب ضمانات على مستوى من هو ذاك القادر على الالتزام بتلك العناوين، وبتنفيذها. فالأزمة ما عادت محصورة بالفراغ الرئاسي وحده، بل بمستقبل رئاسة الحكومة وقيادة الجيش أيضاً. وإذا انتُخِبَ قائد الجيش (العماد جوزف عون) رئيساً، سيبدأ النّزاع السياسي حول قيادة الجيش من بعده، وسنكون أمام مشكلة جديدة في البلد".
وأضاف:"شباط، هو شهر النّظر الى ارتطام المؤسّسات ببعضها، وتفكُّكها، وذلك بعدما تفكّك القضاء، وانفلش دولار السوق السوداء وفق أُفُق مفتوح. فالانهيار القضائي الأخير على خلفية التحقيقات في ملف انفجار مرفأ بيروت كان مُبرمَجاً ومقصوداً ومطلوباً، وليس صدفة. واذا فُرِضَت عقوبات على المُعرقلين لتحقيقات القاضي طارق البيطار، سيبدأ زمن الانهيارات الكاملة".
في انتظار الخارج
ولفت المصدر الى أن "لا قدرة للاجتماعات السياسية، ولا للقِمَم الروحيّة، ولا للمؤتمرات، على حلّ الأزمات. فالقرارات ليست بِيَد أحد في الداخل، والحلّ ينتظر قراراً خارجياً. فعندما يحسم الخارج قراره في الملف اللبناني تتوضّح الحلول، وذلك تماماً كما أن الانسحاب السوري والفلسطيني من لبنان في الماضي، وغيرها من الأمور والأحداث، ما كانت لتحصل لولا صدور قرار خارجي في شأنها".
وختم:"يبقى القول إنه الى حين وضوح الرؤية الخارجية في الشأن اللبناني، سنرزح تحت نير العيش في بلد فاقد للتشريع، وللقانون، وللنّظام، حيث لا دولة، ولا سلطة فعليّة، ولا وزارات. بلد يُسيَّر من خارج أي قاعدة منطقية أو علمية، وبفوضى مالية وقضائية تمنع الاستثمارات، وتُنهي الثّقة بلبنان".
أخبار ذات صلة