يزداد المشهد الرئاسي تعقيدا مع مرور الوقت. وبدلا من ان تدفع الازمة الاقتصادية والمالية والمعيشية، القوى السياسية الى التنازل ووضع المياه في نبيذها، هي تواصل الاشتباك في ما بينها وتوسّع رقعة معاركها. فأمس مثلا، قرر رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، مهاجمة قائد الجيش العماد جوزاف عون بالمباشر. ففيما يقض هم وصول الاخير الى رئاسة الجمهورية مضجع رئيس "لبنان القوي" الذي يريد اما ان يكون الرئيس او ان يختاره، اعتبر باسيل أنّ "قائد الجيش يخالف قوانين الدفاع والمحاسبة العمومية ويأخذ بالقوّة صلاحيات وزير الدفاع ويتصرّف على هواه بالملايين بصندوق للأموال الخاصة وبممتلكات الجيش ورئيس الحكومة أصدر قرارات غير قانونية وآخرها وضع مدراء عامين بالتصرّف"، مهددا في موازاة ذلك، باعلان ترشّحه في خطوة ستفاقم الغيوم في السماء الرئاسية الملبدة اذ ستحرج حزب الله بطبيعة الحال.
وسط هذا الانسداد المحلي السياسي، تتجه الانظار الى فرنسا علّ الخرقَ يأتي منها الى بيروت. ففي باريس، يُعقد لقاء دولي خماسي في ٦ شباط المقبل مبدئيا، لبحث الوضع في لبنان والاستحقاق الرئاسي، في حضور ممثلين عن فرنسا، والولايات المتحدة الاميركية، والسعودية، ومصر، وقطر.
ووفق ما تقول مصادر دبلوماسية لـ"المركزية"، فإن المؤتمر إما سيؤدي الى حل او انه لن يؤدي الى شيء. المعادلة بهذه البساطة. فباربس بحسب المصادر، تضغط لكي تضع القوى المجتمِعة خريطةَ طريق واضحة لتأمين حصول الاستحقاق الرئاسي في أقرب وقت، وهي تريد ان تُطلق عقب هذا اللقاء الخماسي، سلسلة محادثات مع ايران، لضمان تسهيلها الانتخابات في بيروت. اي ان الاليزيه، ومعه مصر وقطر، لا يريد ان يكون المؤتمر للصورة او لمشاورات عادية حول لبنان وأزمته، بل يريده "حاسما".
لكن في المقابل، تتابع المصادر، واشنطن والرياض ليستا بالحماسة عينها، وهما لا تهتمان بالتطورات اللبنانية وبتفاصيلها، وجل ما يهمهما الاستقرارُ ولجمُ حزب الله، على ان تواصلا دعمها للجيش ومساعداتهما الانسانية للمنظمات غير الحكومية اللبنانية. وفي ضوء برنامج الرئيس المنتخب السياسي والسيادي والاصلاحي، سيحدد الأميركيون والسعوديون طريقة تعاطيهم مع لبنان الدولة. وبحسب المصادر، فإن وضعية الدولتين هذه باقية على هذه "اللامبالاة والبرودة" الى حين يأتي موعد التنقيب عن النفط "عمليا" اي حتى الصيف المقبل. فعندها، اذا كان لبنان لا يزال يغرق في متاهاته، فإن واشنطن قد تتدخل للاسراع في الحل.
فأي من التوجهين سيسلكهما مؤتمر باريس العتيد: الحسم او المزيد من المماطلة؟