28-01-2023
مقالات مختارة
|
الجمهورية
نشكر موقف الكتل النيابية التي رفضت القانون الأخير الذي طُرِحَ في لجنة المال والموازنة تحت عنوان «إطار لإعادة التوازن للإنتظام المالي في لبنان»، والذي كان يهدف إلى إعادة ما تيسّر من ودائع المودعين، في حين انّ المطلوب إعادة كل الودائع او ما تبقّى منها.
انّ هذا الموقف بالتمسك بالحق المطلق للمودعين هو موقف مسؤول، يفضي إلى انّ مستقبل لبنان مرتبط ارتباطاً وثيقاً بإعادة الحق إلى اصحابه، فقضية المودعين لا تنعكس على المودعين أنفسهم فحسب، بل هي تؤثر على الثقة ببلد بكامله، وإمكانية إعادة القدرة للتنمية والاستثمار والانتاج.
فمن يطالب بتحميل المودعين الخسائر يرتكب جريمة في حق هذا البلد، ستكون آثارها مدمّرة على لبنان لأجيال عدة قادمة.
والمرعب انّه بعد هذه الأزمة يتمّ التقدّم بقوانين لمعالجة الأزمة من دون ارقام واضحة. فيستمر الغموض في عمل مصرف لبنان المركزي، وتبقى تقاريره طي الكتمان. ولم يتمّ الانطلاق بخطة واضحة المعالم لزيادة الانتاجية في البلد، بل انّ ما يقومون به هو البحث عن ضرائب جديدة لتحصيل اموال من دون دراسة جدوى حول أثر ذلك على بقاء المنتجين واستقطاب مستثمرين جدد. وهناك حلول طرحناها وسنطرحها مجدّداً لطريقة الخروج من الأزمة وزيادة الانتاجية.
ونسأل ما هو دور المصرف المركزي؟ هل وُجد المصرف المركزي لمنع إفلاس أي مصرف، وهو نجح في ذلك، فلم يُفلس أي مصرف بل أفلسوا جميعاً (في الواقع هم اغتنوا ولكنهم يدّعون الافلاس وهذا أفظع).
وكتمرين بسيط، أسأل الاقتصاديين في لبنان: ألا يجدر ان تكون حسابات المصرف المركزي في لبنان شفافة؟ وألا يجدر ان تعاونه لجنة من المختصين يدرسون القرارات وتكون هذه القرارات والدراسات علنية لكل مواطن، وان تكون كل التقارير المالية علنية، لكي يتمكن من يملك الخبرة من المواطنين من الإطلاع عليها؟ والأهم، هل يجوز ان يبقى الحاكم في منصبه لفترة طويلة غير محدّدة؟ الا ينبغي تحديد هذه الفترة الزمنية؟
ولنعد إلى دور المصرف المركزي الأساسي كما نصّ عليه القانون: «إصدار عملة لبنان (الليرة اللبنانية) والمحافظة على الاستقرار النقدي في لبنان وتنظيم عمليات نقل الأموال والحفاظ على سلامة القطاع المصرفي ومراقبته وتحديد قوانينه...». انّ المصرف المركزي ليس مصرفاً تجارياً، وبالتالي لا يقوم بالاستدانة ولا توفير الديون للدولة، هو ليس وزارة مال ليغطي نفقات الدولة. هو هيئة رقابية هدفها الحفاظ على سلامة المصارف ومنعها من الانحراف عن اهدافها، كما الحفاظ على سلامة اموال الناس وعلى اقتصاد البلد.
اليوم نغض النظر عن هذه الوقائع، في حين تقوم المصارف ومعها المصرف المركزي بإلهائنا في عملية صيرفة من هنا ومن هناك. فلا من يطرح حلولاً لإنقاذ القطاع المصرفي من شرّ المصرف المركزي وأصحاب البنوك، وكما قلنا لا خطة لزيادة الانتاج.
المطلوب توفير ارقام واضحة لتحديد حجم الأزمة. وطالبنا المصارف مراراً وتكراراً بتوضيح وضعها المالي، والإجابة عن أسئلة المودعين، فمن دونها لن نتمكن من الثقة مجدداً بها، ومن دون هذه الثقة لن يستعيد القطاع المصرفي حيويته، ويتمّ تجاهل هذه الأسئلة وهذا مؤشر إلى إخفاء امور ليست سليمة. ونكرّر قسماً من الاسئلة، عسى ان نلقى تجاوباً وضميراً حياً من المصارف، وهناك غيرها يتعلق بحجم الودائع المتبقية، وكم تقلّصت والارباح التي تحققت:
- كم كانت الودائع التي لديها؟
- كم أخذ منها المصرف المركزي؟ وفي أي تاريخ؟ وبناءً على أي قانون؟
- كم أعاد المصرف المركزي منها وفي أي تواريخ؟
- كم أعطاها المصرف المركزي فوائد؟
- هل أجبرها المصرف المركزي على الاستثمار؟ وبناءً على أية قوانين؟ أم انّ سحب الودائع تمّ بالتراضي بين الطرفين؟
نقول لكم كفى، استحوا واخرجوا اوراقكم بشفافية، كفى ابتزازاً للناس والاستفادة من أزماتهم لسحب اموالهم، فيما تحققون ارباحاً وترفضون الإفصاح عن وضعكم المالي. ونعود إلى قصة ابريق الزيت، ونقول لجميع المواطنين، رجاءً، طالبوا بالشفافية المطلقة، والّا سنبقى في التعتير ولن يعود الازدهار.
أخبار ذات صلة
مقالات مختارة
هيئة الشراء العام تفضح «شفافية» المصرف المركزي
أبرز الأخبار