تسارعت في الآونة الاخيرة الحركة المحلية والدولية على خط تحقيقات المرفأ. فبعد معاودة اهالي شهداء وضحايا 4 آب نشاطهم على الارض للمطالبة باستئناف التحقيقات من جهة ورفضا لمساعي احياء طرح "القاضي الرديف" من جهة ثانية، ما تسبّب بتوقيف شقيق الضحية جو نون، وليام نون من قِبل امن الدولة... عبّرت منظمة العفو الدولية، عن استغرابها "من رؤية القضاء اللبناني يتصرّف بسرعة لمعاقبة عائلات الضحايا تفجير مرفأ بيروت، الذين يطالبون بالعدالة، على إلقاء الحجارة على قصر العدل، بينما بعد نحو سنتين ونصف السنة من الانفجار الذي أهلك أكثر من نصف المدينة، لم تتم محاسبة أحد". ورأت في بيان، أن السلطات اللبنانية "أظهرت بشكل واضح أنها غير معنية بالحقيقة أو العدالة، وأنها ستستخدم كل الأدوات المتاحة لها لعرقلة التحقيق الداخلي وحماية السياسيين المتهمين في القضية". كما اعتبرت أن "استبدال القاضي طارق البيطار يشبه سحق التحقيق المحلي"، مشددة على ضرورة "السماح للقاضي بيطار باستئناف عمله على الفور. لكن يجب على المجتمع الدولي أيضاً أن يستجيب لنداءات الضحايا لإجراء تحقيق دولي".
في الموازاة، كان وفد قضائي فرنسي يلتقي الاسبوع الماضي المحققَ العدلي في انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار ويناقش معه في التحقيقات المعطلة منذ 13 شهرا. اما السفيرة الاميركية دوروثي شيا، فجالت على عدد من المسؤولين اللبنانيين، مطالبة بتحريك قضية 4 آب، خاصة وأن احد موظفي المرفأ الموقوفين، يحمل الجنسية الاميركية.
في ظل هذه الاجواء الضاغطة الداخلية والخارجية، ضرب المحقق البيطار ضربته امس، وفجّر قنبلة بقراره استئناف تحقيقاته والعودة الى الملف المعلّق، وذلك بناءً على دراسة قانونية معلّلة ومبرّرة بمواد قانونية. وفي وقت ادعى على ثمانية أشخاص جدد، من بينهم مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم ومدير عام أمن الدولة اللواء أنطوان صليبا، قرر البيطار إخلاء سبيل كلّ من سليم شبلي متعهد أعمال الصيانة بالمرفأ، أحمد الرجب عامل سوري يعمل مع سليم شبلي، ميشال نحول مدير في المرفأ، شفيق مرعي مدير الجمارك سابقاً، وسامي حسين مدير عمليات في المرفأ. كما افيد أنّ المحقق العدلي ذكر أنه كان شارف على إنهاء القرار الاتهامي في هذه الجريمة وقدّر أنه بلغ حتى الآن 540 صفحة، وتبقّى من 120 صفحة إلى 150 صفحة لإنجازها.
فهل تأتي خطوة البيطار هذه بالتنسيق مع مجلس القضاء الاعلى - الذي يتصدى رئيسه القاضي سهيل عبود، منذ اشهر، للتدخلات السياسية في القضية وللطروحات الهجينة وأبرزها "القاضي الرديف" والتي تهدف الى منع كشف الحقيقة ؟ وهل وضع المحقق العدلي "القضاءَ الاعلى" في صورة الاجتهادات القانونية التي ارتكز اليها (وقد احال وزير العدل امس قرارات البيطار الى "المجلس" للنظر فيها)؟ وبعد، هل تحظى عودة البيطار ايضا بغطاء من القوى الدولية الكبرى التي تتمسك بالعدالة وبالمحاسبة؟ وقد حثت السفارة الأميركية في بيروت اليوم السلطات اللبنانية على استكمال تحقيق سريع وشفاف في جريمة تفجير المرفأ، مضيفة "ضحايا تفجير المرفأ يستحقون العدالة، ويجب محاسبة المسؤولين".
من الضروري، وفق ما تقول مصادر سياسية لـ"المركزية"، وسواء دعمنا خطوات البيطار ام لم ندعمها، ان تكون عودته محصنة ومعززة بهذين الغطاءين، القضائي المحلي والدولي الخارجي، كي تتمكن من تحريك المياه الراكدة في الملف. ماذا والا كانت زوبعة في فنجان، خاصة وأنّ النيابة العامة التمييزيّة اعلنت انها ستتعاطى مع القرارات الصادرة عن البيطار "وكأنّها منعدمة الوجود"، ما يعني أنّها لن تنفّذ لا قرارات إخلاء السبيل ولا قرارات الادّعاء..