23-01-2023
مقالات مختارة
|
نداء الوطن
من المرّات النادرة التي يعلن فيها مسبقاً عن لقاء سيجمع وفد «حزب الله» مع رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل. فمن المقرر أن يزور المعاون السياسي للأمين العام لـ»حزب الله» الحاج حسين الخليل يرافقه مسؤول وحدة الإرتباط وفيق صفا باسيل ليكون اللقاء الأول الذي يجمع الحليفين بعد فترة من التوتر خلفت برودة في العلاقة كانت أشبه بقطيعة، وهو يأتي أيضاً في أعقاب زيارة لرئيس «الحزب التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط.
واضح أنّ «حزب الله» أدار محركاته وفعّلها بدرجة أعلى. بدأ بزيارة جنبلاط حيث تركز البحث على انتخابات رئاسة الجمهورية ومع باسيل «فإن الهدف هو المبادرة باتجاه تجسير الهوة واستكشاف أواصر التلاقي وتوضيح ما غمض من أمور مع «التيار» وشرح تفصيل ما سبق وطرحه باسيل من هواجس في مؤتمره الصحافي الأخير».
بغض النظر عن تصريحات بعض نواب «تكتل لبنان القوي» والمحسوبين عليه، كان ثمة حرص واضح من باسيل على التزام الصمت بخصوص علاقته مع حليفه، على امتداد الفترة الماضية ولم يتوسّع في أسباب العتب والخلاف مع حليفه، لاعتباره أنّ الأسباب معروفة وهي في عهدة المعنيين بها، في المقابل يُسجل لـ»حزب الله» إصراره على العلاقة مع «التيار الوطني الحر» ورئيسه.
تقول مصادر مطلعة على أجواء «حزب الله» إن «اللقاء المقرر اليوم يأتي تأكيداً على العلاقة مع «التيار الوطني الحر» وعلى التشاور الدائم معه رغم خلافات المرحلة الأخيرة والتي لا تعني أنّ العلاقة انتهت لا بل إنّ التواصل مستمر وسيكمل في ما يتعلق بكل الملفات في البلد . تؤكد المصادر الحرص على استمرار التشاور بين «حزب الله» و»التيار الوطني الحر» لتقول إن لقاء اليوم سيتطرق الى كل المواضيع ولن يخلو من المصارحة المتبادلة بين الطرفين»، لكن مصادر «التيار» تجنبت الذهاب بعيداً واكتفت بالحديث عن «لقاء هدنة لن يلغي أصل المشكلة».
وسيكون لاجتماعات حكومة تصريف الأعمال الحيز الكبير من البحث بالنظر إلى انها كانت السبب الذي فجر الخلاف بينهما. لكل طرف وجهة نظره وحيثياته، فبينما يعتبر باسيل أنّ «حزب الله» ساير اعتبارات رئيس مجلس النواب نبيه بري على حسابه وكسره أمام رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، يعتبر «حزب الله» نفسه محرجاً تجاه بيئته إذا ما تخلف عن الموافقة على جلسة تقر فيها مواضيع تهم حياتهم اليومية. يسأل مصدر وزاري محسوب على «التيار» وغير منضوٍ فيه: كيف ارتضى «حزب الله» مراعاة شقّه الشيعي الثاني ورئيس الحكومة على حساب جبران باسيل ويشارك في جلسات حكومية تفتقد لحضور مكون مسيحي أساسي في البلد؟ ليضيف: كيف أن رئيس الحكومة تمام سلام أنجز ما يقارب الـ 1000 مرسوم جوال فهل يمكن اعتبار ميقاتي الرافض للمراسيم الجوالة أكثر وطنية من سلام؟ ويمضي قائلاً «عندما علق الوزراء الشيعة مشاركتهم في جلسات الحكومة إعتراضاً على مجريات قضية المرفأ القضائية رفض ميقاتي الدعوة الى جلسة في ظل غياب مكون أساسي من مكوناتها. واليوم يتكرر الأمر ذاته ولا يرى ميقاتي أنّ غياب مكون مسيحي يعطل إنعقاد جلسات الحكومة». يخص بالوزراء أولئك الممثلين «للتيار الوطني الحر» وليس المحسوبين على ميقاتي وبري من المسيحيين ووزراء «المرده». يربط المصدر مشاركة «حزب الله» بنتائج الإجتماع الأخير بين «الخليلين» وميقاتي ويروي كيف أنّ الأخير هدد بالإعتكاف في حال لم يتم البت بأمر الجلسة وليتحملوا وزر التأخير ببت الملفات أمام الرأي العام.
في قراءته يقول: «لحزب الله سندان الأول وهو أنه وبري يمثلان ثنائياً سياسياً والثاني التحالف مع المسيحيين، وما أمّنه هذا التحالف من غطاء للمقاومة وحضور داخل البيئة المسيحية وجدانياً وسياسياً». متابعاً «دفع التيار ثمناً باهظاً شعبياً وسياسياً وتراجع حضوره في بيئته المسيحية من تسعين بالمئة يوم عاد الجنرال ميشال عون من المنفى إلى ثلاثين بالمئة في الإنتخابات الأخيرة، ناهيك عن العقوبات الأميركية التي وقعت على باسيل وسببها عدم تخليه عن تحالفه مع «حزب الله». مثل هذا الكلام مجرد سرد لا يهدف الى تعميق الشرخ أو المعايرة. مجرد الصداقة بين «الحزب» و»التيار» تعني أن لكل طرف على الآخر من دون منة».
كان لافتاً في غمرة الخلاف بين «التيار» و»حزب الله» تسلل الدعوات إلى تكريس الفدرالية فيما بدا وكأنه لعب على وتر العلاقة وإحراج للتيار، ويقول المصدر عينه «ليس مبرراً من وجهة نظر مسيحية الدفع باتجاه التقسيم وهناك خشية حقيقة من أن تكبر كرة الداعين إلى التقسيم في الساحة المسيحية على حساب الصوت المعتدل المنادي بالعيش المشترك» معتبراً أن ما ورد في بيان المطارنة الموارنة «ليس مجرد عبارات عابرة بل هو انعكاس لواقع آخذ بالتوسع». ويعني مثل هذا الكلام أنّه على «حزب الله» أن يستدرك ويصحح الخلل في علاقته بالتيار والإختيار بين منطقين سائدين. وإذا كان مجلس الوزراء هو سبب من أسباب الخلاف فكان يجب معالجة هذا الموضوع كي لا يخلّف بصماته على التحالف خصوصاً وأنّ ملفات في غاية الأهمية تمّ إقرارها من دون العودة إلى مجلس الوزراء كالمفاوضات مع صندوق النقد وترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل»، لكل وجهة نظره التي تقول «من له مصلحة بالحفاظ على التفاهم هو «حزب الله» بالدرجة الأولى إلا إذا كانت ثنائيته مع بري تعني أن يسير وفق ما يمليه عليه على حساب مصلحة حليفه ومراعاة إعتباراته»، ويستغرب إصرار «حزب الله» على إقناع باسيل بترشيح سليمان فرنجية وهو كان المعارض الشرس ولم يوفر مناسبة إلا وشن هجومه على العهد وباسيل معاً.
ماذا بعد انعقاد جلستين للحكومة وإعلان ميقاتي أنّه بصدد تحضير الدعوة للثالثة، يقول المصدر الوزاري «الأمر بات متوقفاً على موقف حزب الله».
يولي «حزب الله» إهتماهه بحليفه من دون أن يلغي خصوصيته فيبقى «الحزب» حزباً و»التيار» تياراً ولكل خصوصيته. ولكن ما الذي سيخرج به إجتماع اليوم وكيف ستكون إنعكاساته على العلاقة مستقبلاً وعلى انتخابات رئاسة الجمهورية؟ إكتفى مصدر مطلع على موقف «حزب الله» بالقول: إن غداً (اليوم) لناظره قريب، فلننتظر ونرَ.
أخبار ذات صلة