19-01-2023
مقالات مختارة
|
الجمهورية
يتهم رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع «حزب الله» بالإستئثار بالقرار وتعطيل الإنتخابات الرئاسية وإطالة أمد الفراغ من أجل تنفيذ مخططه. في الواقع، ينفّذ خصوم الحزب المخطّط نفسه. يصرّون على ترشيح النائب ميشال معوّض على الرغم من علمهم، منطقيًا، بعدم قدرة معوّض على الوصول إلى القصر الجمهوري.
سياسيًا، قد يكون مسعى «حزب الله» وحلفائه صعب المنال في هذه اللحظة، وكذلك إصرار الآخرين ومنهم «القوات» على معوّض لن يؤتِي ثماره. فلا رئيس مدعومًا من «حزب الله» مباشرة سيمرّ، ولا رئيس يتحدّى «حزب الله» سيمرّ أيضًا. هذه القاعدة تنسحب هي الأخرى على الرؤية الاقتصادية للرئيس المقبل، فلا رئيس التوجّه شرقًا سيمرّ، ولا رئيس الانصياع للمجتمع الدولي وحده سيمرّ، وكذلك بالنسبة إلى مقاربة ملف الفساد. المطلوب رئيس المصلحة الوطنية، والوصول إلى اسمٍ يلبّي هذه المعايير ويراعي شروطًا كهذه ليس بالأمر السهل، وهو في حاجة إلى قرار بالحوار بين مختلف المكوّنات، حوار جدّي يفنّد نقاط الأزمة ويشخّصها، ويقرّ رزمة حلول على رأسها الرئاسة، وهذا الطرح عنوانه الوسطية.
من هذا المنطلق، لا يكون التعطيل ناتجًا فقط من إصرار الثنائي الشيعي على مرشحه، بل أيضًا «القوات اللبنانية»، واحدة من أكبر كتلتين مسيحيتين في المجلس النيابي، تعطّل سلوك مسار الحل بإصرارها على تبنّي ترشيح معوّض.
وعلى الرغم من كل ما يُحكى عن رغبات متضاربة للخارج بتبنّي مرشح من هنا ومرشح من هناك، فالأكيد أنّ لبنان لا يُعدّ أولوية غربية اليوم، ولا حتى عربية، وبالتالي لن ينطلق مسار الحل إلاّ لبنانيًا. وهنا يعطّل كل من يرفض الحوار، أكان حوارًا مسيحيًا تحت غطاء بكركي ورعايتها، أم أي شكل من أشكال الحوار الوطني.
يأتي هذا فيما يجزم مصدر سياسي بارز، في أنّ «القوّات» ستؤمّن نصاب جلسة نيابية تُعقد في حال تبنّي المملكة العربية السعودية لمرشّح يتبنّاه «الثنائي الشيعي». وهنا يصبح قرار التمسّك بترشيح معوض تكتيكيًا وكسبًا للوقت.
من جهة «حزب الله»، لا تبدو الأمور ألين في عمقها، ولكن في الظاهر لا يمكن لـ«الحزب» رفض تلبية دعوة إلى طاولة حوار تناقش أزمة الفراغ. لم يفعلها الحزب سابقًا، ولن يضع نفسه في وجه أي إرادة جامعة مستقبلًا. ففي زيارة وفده لبكركي في عيد الميلاد قالها رئيس مكتبه السياسي السيد ابراهيم امين السيد من على منبرها، إنّ «الحزب» لن يعارض التوافق الوطني. وطبعًا، لا بدّ للتوافق على ملف الرئاسة من أن يمرّ عبر رعاته الطبيعيين، أي من الشارع المسيحي وأحزابه ومرجعيته. وهنا تعود الكرة منطقيًا إلى ملعب «القوات اللبنانية» التي يمكن لها تأمين الإجماع المسيحي حول الرغبة، ومن بعدها يبدأ البحث الجدّي المعمّق.
هذا ويعلّق مصدر قيادي في «التيار الوطني الحر» على ما يُقال حول رغبة «القوات» في استمرار الفراغ من أجل استغلال أي عملية فوضى مقبلة في الشارع ليقول: «هذا الأمر لن يمرّ ولن نسمح به».
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار