تكاد تكون من المرات النادرة التي يبلغ فيها حزب الله ومحوره مستوى المأزومية التي يقبع فيها راهنا، بفعل الضغوط الممارسة عليه من كل الاتجاهات، وليس اقلها مواقف وممارسات حليفه في تفاهم مار مخايل، التيار الوطني الحر، كونه المظلة المسيحية الشرعية الوحيدة للحزب، فإذا ما خسرها سيصبح مبتورا سياسيا. وتلافيا للخسارة أدار محركاته بقوة في اتجاه محاولة رأب الصدع من خلال اتصالات ولقاءات يجريها بعيدا من الاضواء مع المعنيين للغاية.
وتوازيا، اعاد الحزب في الاسبوعين الاخيرين فتح قنوات التواصل مع المرجعيات والمقامات الروحية المسيحية من بوابة المباركة بالاعياد فجال وفد برئاسة رئيس المجلس السياسي السيد ابراهيم امين السيد على البطاركة انطلاقا من بكركي، مطلقا مواقف تؤكد ضرورة انتخاب رئيس جمهورية سريعا من خلال حوار بين القوى السياسية كافة ، في محاولة لنزع تهمة التعطيل عنه ورميها في اتجاه فريق المعارضة.
ومن اجل الهروب الى الامام، لايجد الحزب افضل من المعارضة لاستهدافها والصاق تهمة التعطيل بها، وتحديدا حزب القوات اللبنانية الذي يشكل عصبها بكتلة من 20 نائبا ، فيسعى لحرق ورقة مرشحها النائب ميشال معوض من خلال ضخ تسريبات في الاوساط السياسية والاعلامية مفادها ان معراب بدأت مسار البحث عن مرشح جديد بدل معوض، حتى انها تطرح اسماء هي في الحقيقة غير واقعية، اعتقادا منه انه يضرب عصفورين بحجر، يصدّع جبهة المعارضة الملتفة حول ترشيح معوض ويُحرج الاخير علّه يخرج من نادي الترشيح الرئاسي .
تقول اوساط معراب لـ"المركزية" ان الفقاعات الاعلامية التي يفتعلها حزب الله في هذا المجال من دون جدوى. ذلك ان اي انتقال الى الخطة "ب" في المسار الرئاسي يفترض اولا التنسيق والتشاور بين مختلف مكونات المعارضة وبين معوض الذي نتمسك به حتى النهاية، وثانيا، وإن تم الاتفاق، فعلى المرشح الآخر ان يؤمن 60 صوتا، لان لا مفاضلة بين مرشحي جبهة المعارضة، انما بين من يملك القدرة على تأمين 60 صوتا وتجاوزالـ65 لانتخابه.
وترى الأوساط ان حزب الله يعطل الانتخابات الرئاسية للتعمية على مدى مأزوميته، ذلك انه اليوم عاجز حتى عن تكرار سيناريو الانتخابات الرئاسية السابقة حينما ابقى على فراغ العامين ونصف العام لايصال مرشحه العماد ميشال عون ، اذ كان يملك العصمة النيابية آنذاك (74 نائبا) مقابل اقلية (54نائبا) لفريق 14 اذار.
في مطلق الاحوال، تختم اوساط معراب بالتأكيد ان فريق المعارضة يدفع في كل الاتجاهات لتأمين 65 صوتا لمرشحه ميشال معوض الموضوع في عين الاستهداف من محور الممانعة ايحاء للرأي العام بأن المعارضة عاجزة عن تأمين 65 صوتاً يفرضها غالبية عددية موثّقة في البرلمان، وان لا سبيل لانتخاب رئيس الا بالتوافق والحوار ، فيما حقيقة الامر ان للمعارضة (67 نائبا) ولمحور الممانعة (61 نائبا)، ولو ان ثمة في المعارضة من لم يتوحد مع الاكثرية المطلقة في الخيار الرئاسي .