بعد طول قطيعة وجفاء، زار وفد من حزب الله، البطريرك الماروني بشارة الراعي، مهنئا بالأعياد الميلادية، في حين اقتصرت تهنئة الحزب للرئيس السابق ميشال عون، ولرئيس التيار الحر النائب جبران باسيل، على اتصال هاتفي أجراه مسؤول الارتباط في الحزب وفيق صفا باسم قيادة الحزب، بخلاف المناسبات السابقة التي اعتاد فيها الحزب إيفاد وفد قيادي بالنيابة عن الأمين العام السيد حسن نصر الله.
وترأس السيد إبراهيم أمين السيد، رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله، وفد التهنئة وتحدث إلى الإعلام بعد اللقاء قائلا: «ان بلدنا يعيش في ظروف صعبة جدا على المستويات السياسية والمعيشية والاقتصادية، وانتخاب الرئيس أمر ضروري وله أولوية على كل الأمور الأخرى».
وردا على سؤال، قال السيد: «لا صفحة قديمة وأخرى جديدة مع البطريرك الراعي، وهي دائما مفتوحة معه ونحن حريصون على انتخاب رئيس للجمهورية».
ودعا السيد إلى «حوار حقيقي وجدي بين الكتل النيابية، للتفاهم على رئيس يتمتع بحد عال من التوافق والمشروعية السياسية والشعبية، لا رئيس تحد أو رئيس كسر أو مواجهة».
وأضاف ردا على سؤال: «نحن في أحسن علاقة مع قائد الجيش، وقد تأسست على الخير ومستمرة كذلك، لكن الاستحقاق الرئاسي في مكان آخر، ونحن لا نضع فيتو على أحد، لكن رأينا واضح والطريق إليه هو التوافق والحوار»، معتبرا ان «التيار الوطني الحر» تيار كبير وله حيثيته والنائب جبران باسيل لم يكن يوما تحت مظلة «حزب الله».
وتجنب السيد الرد على أسئلة كثيرة حول الرئاسة، ولماذا الحوار بدل الانتخابات المباشرة.
وكان الرئيس عون نأى بنفسه عن التدخل من اجل ترطيب الأجواء بين باسيل والحزب، علما انه جرى التداول مؤخرا، بمعلومات حول سعيه للقاء السيد نصر الله بحضور باسيل، بعد الحملة الإعلامية التي تناول فيها الأخير الحزب، لكن اللقاء لم يحصل.
ويبدو ان الرئيس السابق، كان ينتظر زيارة المعايدة من كتلة نواب «الوفاء للمقاومة» كما درجت العادة، لكن الحزب اكتفى بالاتصال الهاتفي، الذي عكس منسوب توتر العلاقة مع التيار، وجاءت زيارة الوفد القيادي الى بكركي، بمنزلة رسالة إضافية الى عون وباسيل، فحواها ان المرجعية المسيحية هنا، وليس في أي مكان آخر.
ويرمي النائب باسيل من خلال مواقفه المستفزة لشريكه في «تفاهم مار مخايل»، الى استعادة الشارع المسيحي مجددا، والذي ابتعد عنه بعد سنوات حكم عون الستة، التي اقترنت بتحالفه مع حزب الله، وذلك من خلال العودة الى الشعارات الشعبوية، كحقوق المسيحيين وصلاحيات رئاسة الجمهورية والظهور بمظهر المخاصم لحزب الله، والعازم على الانسحاب من «تفاهم مارمخايل» معه، بالقول: «ان هذا التفاهم واقف على إجر ونصف».
ولاحظت المصادر المتابعة، ان باسيل يعتمد خطوات الرئيس السابق ميشال عون عام 1989، رهانا منه على زعامة مسيحية راسخة، عبر التمرد على الواقع السياسي المستجد، بعد انتهاء ولاية عون الرئاسية.
وفي السياق، كشف باسيل ان «التيار» بات قريبا من إعلان اسم مرشح «ثالث»، غير سليمان فرنجية وجوزاف عون.
وقد بدأ النقاش في هذا الشأن داخل التيار ومع البطريرك بشارة الراعي.
خلاصة المشهد السياسي خلال الأسبوع الأول من العام الجديد رئاسيا أن لا بوادر حلحلة، لأن كل طرف يسعى الى رئيس على قياس مصالحه.
أما حكوميا، فستبين الأيام المقبلة، مصير دعوة حكومة تصريف الأعمال الى الاجتماع، لإقرار مراسيم يراها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ورئيس مجلس النواب نبيه بري ضرورة مقابل تريث حزب الله بالموافقة على الجلسة، حتى لا يستفز التيار، ومعه البطريرك الراعي، الذي انضم في عظته الأخيرة يوم الأحد الى رافضي مثل هذه الاجتماعات، كونها تمس بصلاحيات لصيقة برئاسة الجمهورية كما قال.