26-12-2022
عالميات
|
المركزية
للمرة الاولى منذ اندلاع الحرب الروسية -الاوكرانية، خرج الرئيس الاوكراني فولوديمير زيلينسكي من بلاده متوجهاً الى واشنطن حيث التقى الرئيس الاميركي جو بايدن في زيارة اكتسبت زخماً استراتيجياً، كونها تضمنت إعلان الرئيس بايدن عن تقديم مساعدة أمنية إضافية بقيمة 1.8 مليار دولار، كما أعلنت واشنطن عن نيتها تقديم صواريخ باتريوت (أرض ـ جو) المتطورة لتعزيز قدرات القوات الأوكرانية في مواجهة القوات الروسية. في المقابل، وعلى الضفة الروسية، اعتبر رئيس مجلس الاتحاد الروسي، قسطنطين كوساتشوف، أن الخطط الأميركية لمواصلة إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا، بما فيها أنظمة "باتريوت"، تدل على مزيد من تورط واشنطن في الصراع. ووصف السياسي الفرنسي فلوريان فيليبو، رحلة زيلينسكي، إلى واشنطن لإجراء محادثات مع نظيره الأميركي، بأنها "نذير حرب عالمية ثالثة".
من جهته، طالب رئيس إدارة أميركا الشمالية في وزارة الخارجية الروسية ألكسندر دارتشيف بمغادرة "المدربين" التابعين للناتو وتوقف إمداد كييف بالسلاح قبل البدء في أي محادثات سلام بشأن أوكرانيا. كما أشار الى أن لن يكون هناك أي تفاوض جدي حول الضمانات الأمنية دون الاعتراف بالواقع على الأرض. فهل الأزمة الاوكرانية الروسية امام حرب طويلة ومفتوحة ام هي بداية الطريق أمام السلام والحل الدائم بين البلدين؟
المحلل السياسي الدكتور خالد العزي يؤكد لـ"المركزية" ان "لا صلح ولا اعتراف ولا ضمانات أمنية ولا سلام قريب. روسيا بدأت تشعر أن الهزيمة قادمة لا محال، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي صارع طويلا من اجل عدم نشر الباتريوت في رومانيا وبلغاريا وبولندا، يجد أنها وصلت الى كييف"، مشيراً إلى ان "بوتين اليوم مرتمٍ في أحضان ايران وكوريا الشمالية، يستجدي ويشتري منهما السلاح ويحاول ان يقيم توازنا بالالتفاف وتقديم التنازلات في سوريا للرئيس التركي رجب طيب إردوغان، في حين أن زيلينسكي يدير العملية الاوكرانية بقوة وشجاعة، ويتوجّه الى بخموت، المنطقة التي يستقتل الروس للسيطرة عليها وتحقيق انتصار سياسي لرفع معنويات جيشهم، من دون خوف او وجل وللقول بأن بخموت لن تسقط"، معتبراً ان "زيلنسكي توجّه الى واشنطن، هو الذي لم يترك ساحة القتال منذ عشرة أشهر، وهذا يدلّ على ان الوضع الامني والعسكري والسياسي في اوكرانيا مستقر لمصلحة الاستراتيجية الاوكرانية".
ويضيف العزي: "ذهب زيلينسكي الى البيت الابيض لمقابلة رئيس اكبر دولة في العالم مرتديا الزي العسكري ودخل الى البرلمان والكونغرس أيضاً وهو يرتديه، ليقول للاميركيين والعالم ان الاموال التي ترسلونها الى اوكرانيا ليست للاستجمام، وبأنه يناضل على الجبهة مع المقاتلين. وقدّم ميدالية الى بايدن صُنعت من قبل ضابط اوكراني على الجبهة من بقايا صواريخ الهيمارس المرسَلة من الولايات المتحدة الاميركية، للقول بأن الجيش الاوكراني صامد بفضل مساعدة الاميركيين.
عندما دخل الى الكونغرس بدأ التصفيق الحار، وأهداهم علما اوكرانيا جلبه معه من ساحة المعركة موقعا من المقاتلين في بخموت، وهذه رسالة معنوية كبرى للقول للكونغرس بأن اوكرانيا تدافع عن الديمقراطية والقضايا والمبادئ الاميركية وتقاتل دولة ديكتاتورية ونظاما شموليا يريد ان يقوم بالتخريب في كل العالم، وللقول أيضاً بأن اوكرانيا الحجر الاساس الذي يدافع عن اوروبا، والجبهة الاولى التي تمنع بوتين من التمدد ومن رفع سلاحَين: النووي والطاقة، في وجه العالم، لذلك المطلوب مدّ اوكرانيا بأسلحة حديثة ومتطورة لإقامة توازن رعب".
ويتابع: "وحملت الزيارة رسالتين وجهها بايدن، الاولى بأن الدعم مستمر لاوكرانيا وقد تزامنت الزيارة مع إقرار سلسلة من المساعدات العسكرية والمالية، وثانياً الى ايران والصين والهند بأن اوكرانيا خط أحمر وان سقوطها والتعدي عليها ممنوع، خاصة وان بوتين، على ما يبدو غير متحمس للحوار بل ذاهب للتصعيد والحرب، لذلك فإن بوادر السلام لن تاتي إلا بتوازن رعب، والباتريوت يشكل جزءا من توازن الرعب هذا".
ويشير العزي الى ان "روسيا تعاني وبدأت تتقهقر بدليل تراجعها في سوريا وكاراباخ ووسط آسيا ومنعها عن الاردن وربما عن مصر قريبا وعلاقتها بالاتراك ووضعها في ايران بالاضافة الى مشاكلها الداخلية وعدم تسجيل انتصارات في اوكرانيا. السلام سيأتي ولكن لن يأتِ وفقا لشروطها. وفي مقارنة بسيطة نجد ان مطالب وشروط روسيا التي كانت قد رفعتها مع بداية الحرب في كانون الثاني الماضي تراجعت اليوم بعد النكسات والضربات التي تلقاها جيشها والعقوبات التي نزلت وستنزل عليها، وبالتالي ليس لديها امكانية لفرض شروط. حتى المقاطعات الاربع لم يضمها نهائيا بوتين، وما زال القتال مستمرا هناك. ما يفعله بوتين هو طلب الحوار واعادة تضييع الوقت للبدء مجددا في الالتفاف على النصر الذي حققه الاوكران وبالتالي سيخسر الاوكران كل الامكانيات التي حصلوا عليها والوهج الشعبي اذا جلسوا على طاولة التفاوض دون اوراق يضعونها على الارض. من هنا، اقتنع الاوروبيون والاميركيون بما تطالب به اوكرانيا اي الانسحاب الكامل لروسيا ومن ثم بدء المفاوضات والنقاش على اساس المصالح واعادة بناء اوكرانيا وتشكيل محكمة دولية لمعاقبة الروس الذين قتلوا الاوكران".
ويختم العزي: "الحرب ستطول الى ان يتحقق الميزان التعادلي للقوى للذهاب بعدها بندية الى المفاوضات. متى يحصل ذلك؟ اوكرانيا وعدت واعتقد أنها ستفي لأنها منذ بداية الحرب نفذت كل ما وعدت به وحرّرت أراضيها، على عكس روسيا التي فشلت في إعطاء مصداقية لكل ادعاءاتها بدءا من الحرب ضد النازية وضد الناتو والحرب العالمية الثالثة وصولا الى التهديد بضرب النووي واقفال طريق الحبوب ومنع الامداد بالطاقة. لننتظر وسنرى الى اين ستؤول الامور. على ما يبدو ستكون اوكرانيا خلال ايام قليلة امام معركة مفتوحة في منطقة زابوريجيا".
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار