وتأتي هذه الاضطرابات في الوقت الذي بدأ فيه، شي، ولايته الثالثة سكرتيرا للحزب الشيوعي الحاكم ورئيسا للبلاد على مدى خمس سنوات أخرى، والتي كان قد وعد أن يجعل بلاده خلالها أكثر قوة ومناعة في المجال الاقتصادي.

وكان عاملون صينيون في أكبر مصنع لهواتف "آيفون" في العالم قد تعرضوا للضرب والاحتجاز على يد الشرطة خلال احتجاجات بسبب نزاعات بشأن عقودهم وسط ضوابط مكافحة فيروس كورونا، حسبما أفاد موظفون وأظهرت مقاطع مصورة نشرت على مواقع تواصل اجتماعي صينية الأربعاء.

وجرت التظاهرات الحاشدة، الأربعاء، في مصنع آيفون في مدينة تشنغتشو بوسط الصين، وهو أكبر مصنع لهذه الهواتف في العالم تملكه شركة فوكسكون التايوانيّة، بحسب ما كشفت مقاطع فيديو نشرت على موقع تويتر ونظيره الصيني "ويبو".

وأظهرت المشاهد حشدا من العمال يسيرون خلال النهار في شارع، وفي مواجهتهم عناصر من شرطة مكافحة الشغب وأشخاص يرتدون بزات عازلة بيضاء، حسب فرانس برس. 

وقد حذرت شركة "آبل" في وقت سابق من أن عمليات تسليم هواتف آيفون 14 الجديدة ستتأخر بسبب ضوابط مكافحة الفيروس المفروضة على مصنع تشنغتشو.

وفي الفضاء الافتراضي، عبر العديد من الصينيين عن غضبهم من السلطات عقب وفاة رضيعة تبلغ من العمر 4 أشهر، قال والدها إن معالجتها قد تأخرت بسبب قيود كوفيد.

"إفلاس النموذج الصيني"

مع استمرار سياسات بكين القاسية للعام الثالث على توالي بشأن مكافحة فيروس كورونا المستجد، فإن هناك علامات متزايدة على السخط في جميع أنحاء البلاد. 

وكانت مظاهر التحدي النادرة خلال الأسبوعين الماضيين هي أكثر علامات الإحباط واليأس وضوحًا بسبب عمليات الإغلاق والحجر الصحي والاختبارات الجماعية التي قلبت الحياة اليومية رأساً على عقب مما ينذر، بحسب بعض الخبراء، بحلول بشتاء مظلم على الصين مع تدهور الأوضاع الاقتصادية للكثير من السكان.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال المسؤولون إنهم سيعدلون "قيود كوفيد" للحد من تأثير الاضطرابات على الاقتصاد والموارد الحكومية، ولكن الزيادة الأخيرة في أعداد الإصابات أوضحت أن هذا التعهد هو موضع تساؤل وشكوك، خاصة بعد ازدياد حالات الإصابة بمرض كوفيد-19.

وفي هذا الصدد يقول المحلل السياسي المقيم في بكين، وو شنيانغ، إن ما يحدث في مصنع فوكسكون يعبر عن إفلاس" نموذج الصين.. إنه انهيار صورة الصين كقوة إنتاجية، فضلاً عن تدهور علاقة بكين بالعولمة".

"مجرد بداية"

وفي سياق ذي صلة، سيكون هناك ترقب لمعرفة فيما إذا كانت الفوضى الأخيرة في مصنع فوكسكون سوف تنتشر في أماكن إنتاج أخرى.

و هنا يرى، لي تشيانغ، المؤسس والمدير التنفيذي لمنظمة "تشاينا لابور ووتش"، وهي مجموعة حقوق عمالية صينية مقرها نيويورك، أنه وفي حال إصرار بكين على الاستمرار في اتباع سياسة "صفر كوفيد، فإن ما حدث في المصنع التايواني سوف يكون مجرد "البداية فقط".

وتابع: "هناك فوكسكون اليوم، لكن المصانع الأخرى ستواجه مواقف مماثلة".

وتأتي هذه الانتقادات مع تشكيك الكثير من الخبراء وحتى الناس العاديين في حاجة بكين إلى الاستمرار في عمليات إغلاق.

فخلال هذا الأسبوع تابع الملايين من الصينيين العديد من مباريات كأس العالم المقامة في قطر، حيث شاهدوا حشودًا كبيرة لا ترتدي كمامات وتتكدس في مدرجات الملاعب لتشجيع منتخباتها الوطنية.

ونشر مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي في الصين رسائل تعبر عن السخرية والحسد، حيث قارنوا حياتهم المنعزلة بالاحتفالات الصاخبة في الدوحة.

من جانب آخر، ومع استمرار ارتفاع أعداد الإصابات، فإن موارد الحكومة للوقاية من الأوبئة في الكثير من الأماكن (تشمل الطعام وأسرّة المستشفيات ومنشآت الحجر الصحي) قد جرى استنفادها.

كما أعرب نشطاء صينيون عن غضبهم بعد ورود تقارير عن الوفيات الناجمة عن التأخير في الرعاية الطبية الناتجة عن قيود كوفيد.

ففي وقت سابق من هذا الشهر، أدت وفاة طفل يبلغ من العمر 3 سنوات في مدينة لانتشو بسبب عجز والديه عن نقله إلى المستشفى جراء سياسة الإغلاق إلى موجة من الحزن والاستياء وإبداء غضب أكبر تجاه سياسة "صفر كوفيد".

واندلعت صرخة مماثلة على الإنترنت الأسبوع الماضي بعد وفاقة رضيعة تبلغ من العمر 4 أشهر، إذ نشر والدها على منصة "ويبو"، ليصف حالة التأخير في الاستجابة للطوارئ بسبب قواعد الإغلاق.

ونبه إلى أن الأمر  قد أخذ 12 ساعة من الانتظار حتى استطاع أن يتلقى مساعدة، ولكن بعد فوات الأوان.

وأضاف لي باولينغ، والد الطفلة: "آمل أن تتدخل الإدارات المعنية لتحقق فيما حدث من تقاعس.. والسعي لإنجاز العدالة لنا نحن معشر الناس العاديين". 

ونشرت السلطات، الأحد، نتائج التحقيق في الحادث، إذ ألقت باللوم في حدوث تلك المأساة على أفراد الطاقم الطبي الذين قالت إن لديهم "إحساسًا ضعيفًا بالمسؤولية".