09-11-2022
من دون تعليق
|
نداء الوطن
يستمرّ رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل في التركيز على أنّ الحوار المسيحي - المسيحي هو الأساس في الاتفاق على رئيسٍ للجمهورية، محاولاً توريط البطريرك الماروني في هذا الحوار، الذي لن يؤتي بأي ثمارٍ، انطلاقاً من تجارب حوارية سابقة كثيرة، فتقتصر نتيجته على إفادة رئيس «التيار» و»تعويمه» سياسياً ورئاسياً. وبالتوازي يشدّد باسيل على أنّ أي رئيس للجمهورية يجب أن يتمتّع بحيثية مسيحية، وإذا لم تكن هذه الحيثية شعبية مباشرةً، فعبر تجييرها له سياسياً، تحديداً من أكبر كتلتين وفريقين مسيحيين، أي «التيار» وحزب «القوات اللبنانية». ويسوّق «عونيون» أنّ هذا الحوار مرحّب به من بكركي، إلّا أنّ الفريق المسيحي الآخر يعارضه.
إنطلاقاً من ذلك يصوّب «العونيون» على «القوات» من باب أنّها لا تسهّل الاتفاق على رئيس، وتحول دون تأمين ورقة القوة هذه لفرض رئيس مسيحي قوي أو يتمتّع بمباركة مسيحية. إلّا أنّ مصادر مسيحية مطّلعة تؤكد أنّ بكركي تستمزج الآراء فقط ولا تضغط في أي اتجاه، لا إلى حوار ولا إلى غيره من الخطوات الرئاسية، بمعزل عن تأييدها لأي طرح أو فكرة. هذا فضلاً عن أنّ عظات البطريرك مار بشارة بطرس الراعي كفيلة بشكلها ومضمونها، بأن تدلّ الى الانتقاد الذي توجّهه بكركي لممارسة فريق العهد السابق ومسؤوليته عن الفراغ، إضافةً الى أنّ المواصفات التي حددتها البطريركية المارونية للرئيس لا تنطبق على باسيل أو تتماهى مع طروحاته الرئاسية.
في المقابل، يعتبر مؤيدون لحوار كهذا أنّ ورقة ترشيح النائب ميشال معوض استُتنزفت وبات من المستحيل إيصاله الى الرئاسة، وأي رئيس لا يُمكن أن يُنتخب إذا لم يحظَ بتأييد أكبر كتلتين نيابيتين مسيحيتين أو إحداهما، ولذلك حان وقت الحوارات والتفاهمات، والتي يجب أن تنطلق من حوار مسيحي - مسيحي، وبعد الاتفاق على مرشح أو مجموعة مرشحين تنطلق الحوارات مع بقية الأطراف. وجهة النظر هذه، تعارضها «القوات» التي ترفض أي اجتماع مع باسيل أو لقاء مسيحي للتوافق على مرشح رئاسي، إنطلاقاً من خلفية سياسية ومجموعة عوامل:
- أولاً، أيّ لقاء مسيحي يعني تفخيخاً ونسفاً مسبقاً للمعارضة، فيما «القوات» تركز رهانها في سلّة المعارضة ولا تزال متمسّكة بترشيح معوض وتعمل لتأمين 65 صوتاً له. بينما حين تحصل حوارات جانبية من هذا القبيل سيفتح المعارضون الآخرون حوارات جانبية أخرى أيضاً، ما يعني فرط عقد المعارضة وتفككها وخسارتها ورقة القوة هذه.
- ثانياً، إنّ مواصفات المعارضة و»القوات» الرئاسية تتعارض مع توجهات باسيل الذي أعلن أنّه سيزور الرئيس السوري بشار الأسد ويشدّد في مقابلاته على التكامل بين الدولة و»المقاومة». وبالتالي لا يُمكن إسقاط تجربة «اتفاق معراب» وانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية على الاستحقاق الرئاسي الآن، فبحسب «القوات»، إنّ الأساس في «تفاهم معراب»، «أنّنا جبنا عون لعنّا»، من خلال عشر نقاط سيادية. أمّا الآن فلا يُمكن الذهاب الى رئيس بتوافق مسيحي - مسيحي، مع فريق مشروعه السياسي مختلف تماماً عن المواصفات السيادية والإصلاحية التي حدّدتها المعارضة.
- ثالثاً، الإنقاذ لا يجري من خلال شخص بل مشروع، وهناك انقسام سياسي بين مشروعين، وإذا لم يصل المشروع السيادي الإصلاحي الى رئاسة الجمهورية سيبقى البلد غارقاً في مستنقع الفشل القائم.
- رابعاً، إنّ الانتخابات الرئاسية مسألة انتخابية ديموقراطية وليست حوارية.
- خامساً، «القوات» لا تقارب الاستحقاق الرئاسي انطلاقاً من أنّه موقع مسيحي وأنّه يجب على المسيحيين أن يتحاوروا حوله، بل تعتبر أنّ جميع اللبنانيين معنيون به، وبالتالي إنّ الذين يجمعهم مشروعٌ مشترك هم الذين يجب أن يتحاوروا بعضهم مع بعض، لكي يتمكّنوا من إيصال هذا المشروع.
الى هذه الأسباب «القواتية» لرفض أي حوار مع باسيل رئاسياً، تعتبر مصادر مسيحية أنّ باسيل يحاول استدارج «القوات» من بوابة بكركي، وذلك للاستثمار في العملية الانتخابية، فهو يواجه أزمة على المستوى السياسي ويريد الخروج من مأزوميته هذه، من خلال حوارات معيّنة، ويعتقد أنّه يستطيع أن يستثمر لقاءات من هذا النوع لكي يوجّه رسائل الى حلفائه، لأنّه يعلم أنّ «الثنائي الشيعي» يؤيّد انتخاب رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية الذي يملك حظوظاً رئاسية، فمن خلال لقائه مع «القوات» أو داخل الإطار المسيحي، ينتزع «فيتو» مسيحياً شاملاً ضدّ انتخاب فرنجية فيقصيه عن حلبة اللاعبين الرئاسيين. كذلك يظهر باسيل من خلال هذا اللقاء، أنّه قادر على إخراج نفسه من «العزلة» الداخلية وأنّه يتمكّن من إعادة تموضعه الوطني بعد انتهاء عهد عون وبعد مأزوميته المسيحية والشعبية بعد 17 تشرين 2019، فيثبت أنّ بإمكانه التحرُّك سياسياً ولا يزال ضمن الخيارات المطروحة. لذلك لن تُستدرج «القوات» الى حوار كهذا، فيما أنّ تواصلها مع بكركي قائم ومستمرّ على قاعدة إيصال الرئيس الذي يعيد لبنان الى دوره.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار