07-11-2022
محليات
|
نداء الوطن
لم يكن مستغرباً على مسامع اللبنانيين التحذير من احتمال "التفكّك الكامل" لدولتهم واضطرارهم إلى "تحمّل المزيد من الألم" حسبما جاء على لسان مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط باربارا ليف في معرض تصويبها على عملية العرقلة الممنهجة للإصلاح في لبنان، لا سيما وأن "التفكك" لم يعد من السيناريوات المتخيلة في الأذهان بل باتت مشاهده حقائق مُعاشة على أرض الواقع ألفها اللبنانيون منذ أن وضعت قوى 8 آذار قبضتها على السلطة، ليبدأ تحت سطوتها مسار تفكك الدولة وتحلل المؤسسات، وليصبح "الانهيار الرسمي" رديفاً لنموذج حكم "حزب الله" وحلفائه على كافة المستويات الدستورية والسياسية والقضائية والمالية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية والخدماتية... فكانت النتيجة على الوجه المعاكس من الصورة اللبنانية أنّ "حزب الله" لم يمر عليه زمن "هو أقوى فيه من الزمن الذي نحن فيه محلياً وإقليمياً ودولياً"، حسبما تفاخر رئيس المجلس السياسي لـ"حزب الله" السيد إبراهيم أمين السيد أمس، مضيفاً: "ما يعني أننا لم نعد نحتاج إلى حرب من أجل الوصول إلى أهدافنا، يكفي أن يكون معنا السلاح والموقف الشجاع".
ولأنّ التعطيل والتنكيل بالدستور من "ترسانة" الأسلحة الممانعة لقيام الدولة واستنهاض مؤسساتها، تضع قوى الثامن من آذار ثقلها لاستمرار ترجيح كفة الشغور في ميزان الاستحقاق الرئاسي، عبر الاستمرار في وضع جلسات انتخاب رئيس جديد للجمهورية بين فكّي كماشة "الورقة البيضاء" و"تطيير النصاب" من دون الإقدام على تسمية أي مرشح والتصويت له في الهيئة العامة، الأمر الذي بات رئيس المجلس النيابي نبيه بري "لا يحبذ استمراره ويعتزم القيام بمروحة مشاورات بينية مع مكونات فريقه السياسي للدفع باتجاه الانتقال إلى مرحلة طرح الأسماء وفتح الباب تالياً أمام النقاش والتوافق مع الفريق الآخر"، كما نقلت مصادر واسعة الاطلاع لـ"نداء الوطن"، لكنّ جهود برّي في هذا الاتجاه لا تزال تصطدم بتمهّل "حزب الله" وتريثه في الانتقال إلى مرحلة التسميات والترشيحات لأنه باختصار "محكوم بعقدة جبران باسيل".
وأوضحت المصادر أنّ قيادة "حزب الله" لا تزال تراعي "حسابات باسيل الرئاسية" وليست مستعجلة للقيام بأي خطوة نحو تجاوز هذه الحسابات ربطاً بحسابات "حارة حريك" الاستراتيجية التي تفرض عدم المخاطرة بخسارة "الغطاء" الذي يمنحه "التيار الوطني الحر" لـ"حزب الله" في الشارع المسيحي، ولذلك فإنّ "الحزب" يعمل على إبطاء حركة المشاورات التي يدفع بري إليها في سبيل التوصل إلى مرشح توافقي لرئاسة الجمهورية بانتظار "إيجاد المخرج المناسب الذي يحفظ ماء وجه باسيل ولا يهدد تحالف "حزب الله" معه".
وكان رئيس المجلس النيابي قد شدد في دردشة مع الصحافيين أمس على أنّ "التراجع عن فكرة الحوار لا يعني نعي التوافق السياسي"، مؤكداً الحاجة إلى ضرورة أن "تتشاور الأطراف خلال الفترة الفاصلة بين الجلسة (الرئاسية) والأخرى للوصول إلى التوافق". ولفتت الانتباه مساءً المواقف التي أطلقها رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط من عين التينة مجدداً التأكيد على الاستمرار في ترشيح النائب ميشال معوّض "لكن لسنا فريقاً واحداً في البلد فليتم التداول بأسماء أخرى وعندها نرى".
وبحسب المعلومات التي رشحت لـ"نداء الوطن" حول أجواء لقاء عين التينة بين بري وجنبلاط، فإنه أتى بشكل أساس بغية تظهير الأخير "محورية الدور" الذي قام به الأول في الوصول إلى اتفاق الترسيم الحدودي البحري مع إسرائيل على مدى عقد من الزمن، وذلك في سياق الرد على محاولة الفريق العوني "خطف هذا الإنجاز" وتجييره لمصلحة العهد السابق وتياره. وخلال اللقاء، تطرق جنبلاط مع رئيس المجلس إلى ضرورة مغادرة مربع المراوحة في ملف الاستحقاق الرئاسي بدءاً من الإقدام على خطوة طرح "مرشح رئاسي للفريق الآخر"، على قاعدة: "نحن لدينا مرشحنا وعليكم طرح مرشحكم للوصول إلى التوافق".
تزامناً، وبينما برزت أمس مناشدة البابا فرنسيس السياسيين اللبنانيين "تنحية مصالحهم الشخصية" قائلاً خلال رحلة عودته من البحرين: "ساعدوا لبنان كي يخرج من هذا الوضع السيئ ودعوه يستعيد عظمته"، كانت للبطريرك الماروني بشارة الراعي مواقف عالية السقف في قداس الأحد في بكركي أمس حذر فيها من تداعيات الشغور السلبية على "التعايش والشراكة الوطنية" في البلد، مؤكداً أنّ انتخاب رئيس الجمهورية هو "باب" التعايش والحفاظ على الكيان "بوجه الذين يبحثون عن كيانات أخرى سياسية وحزبية ومذهبية وشخصية لهم لا للبنان"، وتوجه الراعي بالمباشر إلى النواب الذين يعطلون الاستحقاق الرئاسي بالقول: "تريدون لبنان كياناً واحداً؟ انتخبوا رئيساً للجمهورية، تريدون استمرار صيغة الشراكة الوطنية؟ انتخبوا رئيساً للجمهورية".
أخبار ذات صلة
من دون تعليق
بري ،، يعرف او لا يعرف؟
أبرز الأخبار