31-10-2022
محليات
|
اللواء
في 31 (ت1) 2016 دخل العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا بانقسام نيابي حول انتخابه رئيساً، بعد تسوية رئاسية سرعان ما تهاوت، مع خروج أو إخراج الشريك الرئيسي للحكم فيها الرئيس سعد الحريري، وعودة الاشتباك إلى سابق عهده مع «القوات اللبنانية» بعد «تفاهم معراب».
في 30 (ت1) 2022، غادر الرئيس عون قصر بعبدا، قبل يوم واحد إلى «فيللا» جديدة جهزت خصيصاً لسكنه في الرابية، بتجربة غير مسبوقة، لجهة المغادرة، وتوزيع خسائر الاشتباك السياسي والدستوري العام بكل الاتجاهات، لا سيما باتجاه رئاستين في الجمهورية: الأولى رئاسة مجلس الوزراء ممثلة بالرئيس المكلف نجيب ميقاتي ورئيس حكومة تصريف الأعمال في الوقت نفسه، الذي أعلن بمرسوم قبول استقالته، في محاولة منه لنزع شرعية حكومته بتصريف الأعمال، وأشفعها برسالة إلى الرئيس نبيه بري طالباً نزع تكليف تشكيل الحكومة، عن الرئيس ميقاتي.
والثانية: رئاسة مجلس النواب، ممثلة بالرئيس بري، المتهم بتغطية «الفساد» والجنوح إلى استلام صلاحيات الرئاسة الأولى مع الرئيس ميقاتي، الأمر الذي تسبب باندلاع مواجهة من الإعلام إلى المواقف المعلنة، على الرغم من الحاجة إلى المجلس النيابي في خطوات إعادة ترميم الوضع الدستوري، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
الرئيس بري سيدعو حكماً إلى جلسة لمناقشة رسالة عون، المختلفة في المضمون عن سائر الرسائل، وهي رسالة تتصل باشتباك وتحد داخلي، يفاقم من الوضع المأزوم، وعلى الأرجح ستوجه الدعوة اليوم، والجلسة يمكن أن تعقد الاربعاء أو الخميس المقبل، ما لم يستمر التيار العوني بالكلام الاستفزازي، مستنداً في دعوته إلى النظام الداخلي.
وما حدث من بعبدا الى الرابية، في نهاية عهد مأزوم، بدا أنه أكبر من وداع.. انها رسالة. باختصار هكذا بدا عليه مشهد اليوم ما قبل الأخير من ولاية الرئيس عون في قصر بعبدا قبل انتقاله إلى سكنه في الرابية . ترجمت الرسالة في الشكل من حيث حشد مناصري التيار الوطني الحر في محيط قصر بعبدا ، وفي المضمون كان توقيعه مرسوم استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وارساله رسالة إلى مجلس النواب يشتكي فيها من أداء الرئيس ميقاتي ويتحدث عن عدم قدرة حكومة تصريف الأعمال على القيام بمهامها كاملة، داعيا إلى تأليف الحكومة الجديدة أو انتخاب رئيس جديد للبلاد. اما كلمته الارتجالية أمام وزراء ونواب التيار ومناصريه، فشن فيها هجوما على المنظومة الحاكمة مستعيرا عبارة استخدمت في ساحات الثورة وها هو يستخدمها للمرة الأولى، وهذه بدورها رسالة تكميلية لما قام به أمس.
في محيط القصر الجمهوري، رفع شعار « مكملين» وصور الرئيس والجنرال عون، واستعاد التيار مشاهد «شد العصب» في أعقاب انتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية، مع فارق كبير يتصل بمسار العهد وما سجل فيه من أحداث.
وقالت مصادر سياسية مطلعة لصحيفة اللواء أن ما اقدم عليه رئيس الجمهورية لجهة توقيع مرسوم استقالة الحكومة لم تكن مفاجئة، أما مفاعيلها فمحور قراءات دستورية متعددة في الأيام المقبلة ، وسألت ما إذا كان ذلك سيعمد إلى تأليف حكومة كاملة الأوصاف ام لا؟
ولفتت إلى أنه بالنسبة الى جمهور التيار، فإن التوجه قضى بإظهار انتصار رئيس الجمهورية وما التحركات الشعبية التي حصلت الا لتعزز هذا التأكيد.
وفي المنصة التي جهزت في محيط القصر، قالها الرئيس عون: «علي وعلى أعدائي»، مفتتحا مرحلة ما بعد الرئاسة مع التيار الوطني الحر. فهل تتبلور خطة المواجهة قريبا أو أنها بدأت فعليا مع الكلمة التي قالها؟
وفي كلمته الأخيرة من القصر، حمّل عون مسؤولية الفساد والانهيار «للقضاء على تقاعسه عن المحاسبة، وهاجم حاكم مصرف لبنان محمّلاً إيّاه مسؤولية الانهيار المالي، وأطلق مواقف عديدة، أبرزها إعلان توقيع مرسوم قبول استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي».
وتوجّه عون إلى الحشود المتجمهرة أمام قصر بعبدا بالقول: اليوم يوم لقاء كبير وعُدنا من الحجر إلى البشر، واليوم نهاية مرحلة والمرحلة الثانية للنضال.
واضاف: البلد مسروق بخزانته ومصرفه المركزي ومن جيوبكم، وهذا العمل يتطلّب جهوداً لاقتلاع الفساد من جذوره. والقضاء لم يعد يحصّل حقوق الناس والجميع خائف من العصا. ولم نستطع إيصال حاكم المصرف المركزي إلى المحكمة، فمن يحميه، ومن شريكه؟
واتهم عون رئيس مجلس القضاء الأعلى بعرقلة التحقيقات بقضية انفجار مرفأ بيروت، وقال: «لقد أوقفوا التحقيق الجنائي في ما خص الانفجار، والابرياء بقوا في ملفّ المرفأ بالسجون، وهذه مسألة خطيرة، فأيّ دولة تقوم على عمودَي الأمن والقضاء»، وقال: لن نهدأ قبل انتشال الوطن من الحفرة العميقة التي وضعوه فيها.
كما اتهم «حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بارتكاب جرائم مالية»، معتبراً أن «البلد مسروق ويجب أن يتم القيام بعمل كبير لاقتلاع الفساد من جذوره»، وقال: المرحلة الجديدة ستبدأ بنضال قوي وتركت خلفي وضعاً يحتاج الى النضال والعمل وجميعكم يعلم حال البلد المسروق.
وتابع قائلاً: نعلم أنّه لا يمكن للبنان أن يقوم من أزمته إلّا من خلال استخراج النفط والغاز، ويحاربوننا لأنّ هناك تحقيقاً يوصلهم إلى المحاكم.
وختم: سنرى إذا كان سيتم تعيين رئيس للصندوق السيادي لأنّه سيحفظ أموال النفط والغاز، وهذا التدبير الوحيد الذي سيحافظ على أموال الشعب.
وعند انتهاء خطابه، سلّم عون شعلة «التيار الوطني الحرّ» إلى قطاع الشباب في «التيار»، وغادر بعدها قصر بعبدا بمرافقة الحرس الجمهوري وعناصر البروتوكول ونواب من تكتل التيار الحر، متّجهاً إلى مقرّه في الرابية، حيث قوبل باستقبال شعبي ايضاً من مناصريه بالورد و»الزفّة والدبكة».
ورمى كلٌّ من عون وميقاتي ازمة الحكومة على المجلس النيابي من خلال رسالتين وجهاهما الى المجلس النيابي عبر رئيسه نبيه بري، وطلب عون في رسالته «اعتذار ميقاتي عن تشكيل الحكومة واما نزع المجلس للتكليف عنه».
وأعلن الرئيس ميقاتي أن عنوان المرحلة هوعدم التصادم مع أحد، مؤكداً ان لا فراغ بعد الحصول على شغور، والدستور واضح لهذه الجهة، مشيراً الى ان الحكومة ستقوم بما عليها.
واعتبر ان كل الوزراء يتسمون بالحس الوطني.
ورد على الرئيس عون: «يا ريت كان رئيس الجمهورية مقتنعاً أنه رئيس كل لبنان، وهو يضع نفسه مع فريق ضد فريق، ولا أريد أن آخذ مكان أحد»، آملاً أن يتمكن ان يسلم الوضع اكثر مما مضى. ونفى ان يكون عون طلب اليه العودة لإصدار مراسيم الحكومة.
وأكد أنه لن يدعو الى جلسة الى مجلس الوزراء، وسامضي في تصريف الأعمال. وشدد على ان الوزراء الخمسة الذين قرروا المقاطعة هو حريص أن يبقوا في الحكومة، وهو قد يدعو الى مجلس وزراء لتسيير امور الدولة، لا سيما بأمور مالية.
وكشف انه سيغادر إلى الجزائر اليوم، مصطحباً الوزير وليد فياض معه إلى الجزائر ضمن الوفد الذي يشارك في القمة العربية إلى جانب وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال. «لا أرغب بالمشاكل ويللي فينا بيكفينا».
وقال ميقاتي: «وجدت أن لا مصلحة في تأليف حكومة جديدة في الأيام المتبقية لتصريف الأعمال، والأفضل أن أكمل في الحكومة الحالية كتصريف أعمال لأن لا شيء سيتغير».
وتسلم الرئيس بري من الرئيس kجيب ميقاتي، بعد تبلغه مرسوم الاستقالة من رئيس الجمهورية رسالة يبلغه فيها متابعة الحكومة لتصريف الأعمال والقيام بواجباتها، والأنظمة التي ترعى عملها.
واعتبر ان المرسوم الذي قبل استقالة الحكومة المستقيلة أصلاً بمقتضى الدستور يفتقر إلى اي قيمة دستورية.
بعد ذلك، تسلم رئيس المجلس رسالة من الرئيس عون موجهة للمجلس النيابي بواسطة رئيسه يدعو فيها إلى عقد جلسة للمجلس لاتخاذ التدبير المناسب.
ماذا بعد الرئاسة؟
وعلمت «اللواء» ان الرئيس عون سيستقبل في اليوم الاخير لولايته اليوم الأمينة العامة لمنظمة الدول الفرانكوفونية لويز ميشيكيوادو التي تزور بيروت لإفتتاح المقر الاقليمي للمنظمة في وسط بيروت. ثم ياخذ فترة راحة اياماً عديدة قبل ان يستأنف نشاطه السياسي.واستقبلها امس في المطار وزير الثقافة محمد وسام مرتضى.الذي يفتتح بصفته الوزارية وبصفته ممثلا لرئيس مجلس الوزراء مع الامينة العامة، المركز الاقليمي للفرنكوفونية عند الساعة 12.30 ظهر اليوم في شارع المصارف - وسط بيروت.
اما وإن البلاد امام ازمة سياسية – دستورية جديدة، نتيجة الخلاف على صلاحية حكومة تصريف الاعمال، فإن توجه «العماد» عون ورئيس التيار الوطني الحر غداً هو «إكمال المسيرة» كما اعلنا في كلمات لهما خلال اليومين الماضيين، متكلين على الحشد الشعبي الذي قال خلال التجمع الوداعي في قصر بعبدا «اننا تحررنا من قيود الرئاسة وعدنا الى النضال من اجل مكافحة الفساد وتحقيق الاصلاحات وبناء الدولة».
وكان عون قد تفقد في العاشرة والربع من ليل السبت المواطنين المتجمعين على طريق قصر بعبدا للمشاركة في وداعه الاحد، ورافقه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، وخاطبهم بالقول: لن يكون يوم وداع ، بل لقاء كبير نكمل فيه النضال لإنقاذ لبنان من المشاكل التي يعاني منها.
وحسبما نقل زوار عون لـ«اللواء» خلال اليومين الماضيين، فقد قال عن احتمال أن يؤدي توقيعه مرسوم قبول استقالة الحكومة إلى أزمة وصدام في البلد: أن الهدف من التوقيع اجبار المجلس النيابي على انتخاب رئيس للجمهورية. مستدركاً: معقول هذا الوضع؟! لا انتخاب للرئيس؟... رئيس الجمهورية يمكنه تشكيل حكومة، لكن الحكومة لا يمكنها انتخاب رئيس. لا يمكن ترك حكومة تصريف الأعمال تدير البلاد في الفراغ، ولا يمكن ترك الحكم للبرلمان في ظل التركيبة الحالية.
وكان موضوع مقاطعة عدد من الوزراء لجلسات الحكومة واجتماعاتها قد اثير في غداء عمل اقامه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لعدد من الوزراء قبل ايام قليلة ،بهدف بحث الوضع العام والحكومي بشكل خاص، والخطوات المقبلة في ضوء ما يمكن ان يحصل من تطورات، لكن لم يُتخذ به اي قرار نهائي. مع ان بعض المعلومات افادت ان اربعة وزراء ابلغوا الرئيس ميقاتي مقاطعتهم للجلسات.
وأوضح وزير شارك في الاجتماع لـ «اللواء»: ان عدد الوزراء الذين اجتمعوا كان ٦ وزراء وليس تسعة، ثم إن غداء العمل كان في منزل النائب باسيل في البياضة وليس في مركز التيار الوطني الحر في «ميرنا الشالوحي» كما تردد. وقال: الوزراء الذين حضروا هم: وزير الدفاع موريس سليم، وزير العدل هنري خوري، وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور
حجار، وزير الاقتصاد امين سلام، وزير السياحة وليد نصّار، ووزير الطاقة والمياه وليد فياض. اما وزير الخارجية عبد الله بو حبيب فكان قد غادر إلى الجزائر لحضور اجتماعات وزراء الخارجية العرب قبل القمة العربية. وكان لوزير الصناعة جورج بوشكيان ارتباط مسبق فلم يحضرا.
واضاف الوزير المعني: كان إجماعٌ بين الوزراء على أهمية وضرورة تشكيل حكومة ونيلها الثقة، وأن هناك من لا يريد تشكيل حكومة (أكثر من طرف متكافلين متضامنين) بذريعة «أن عدم تشكيلها يسرّع بانتخاب رئيس للجمهورية بينما وجود حكومة فاعلة يطيل فترة الفراغ»، وهذا طبعاّ لا يعكس واقع الأمور بل يرتّب المزيد من الأزمات.
وأوضح أن «الوزراء المعنيين بمثل هذه الاخبار يعلمون واجباتهم وانه لا جلسات للحكومة في حال الفراغين الرئاسي والحكومي. علماً أن مجلس الوزراء لم ينعقد من شهر حزيران الماضي بسبب وضع الحكومة في حالة تصريف الاعمال بوجود رئيس الجمهورية. فكيف تنعقد بعدم وجود رئيس؟.
الراعي
وفي المواقف، إعتبر البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي أن «الرئاسة بصلاحيتها ودورها أساس الاعتراف بوحدة لبنان كياناً ودولة. فالرئيس فوق كلّ رئاسة وإنّ العودة إلى نغمة الترويكا في الحكم قد ولّت».
وتمنى الراعي في عظة الأحد لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون التوفيق بعد مغادرته الرئاسة. وقال: نودع عون ونتمنى له الخير والتوفيق بعد حياة طويلة في مختلف المواقع العسكرية والوطنية، ولم يكن عهده سهلا بل محفوفا بالاخطار والظروف الصعبة فكان لبنان وسط محاور المنطقة وعرف اسوأ ازمة مرحلة وجودية في تاريخه الحديث.
وناشد النواب «انتخاب رئيس جديد للبلاد لأن الشغور الرئاسي هو مؤامرة على لبنان وليس قدراً والدولة بلا رئيس جسم بلا رأس».وقال: أن «الاتفاق المسبق على اسم الرئيس غير ممكن، بل الانتخاب يتم بجلسات الانتخاب المتتالية بالحفاظ على التشاور والنصاب».
وسأل: أتدركون أنّكم تفاقمون الأزمات بالشغورَين الرئاسي والحكومي؟ وقال: أن الطريق إلى قصر بعبدا يمرّ باحترام الدستور والشرعية وعدم تجييرها لهذا المحور أو ذاك.
سياسياً، اكد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، تعليقاً على قرار الرئيس عون بتوقيع مرسوم استقالة الحكومة ان «ما صدر مرسوم سياسي وليس دستورياً»، معتبراً ان «عون هددنا بفوضى دستورية». ملاحظاً ان «عون يفسر الدستور على مزاجه وهذا يؤدي الى مزيد من الإرباك» مشدداً على ان «رد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي كان في محله».
ولليوم الثاني على التوالي، تستعر الحملات بين حركة امل والتيار الوطني الحر، على خلفية الهجوم الذي شنه عون وباسيل على الرئيس بري.
واتهمت محطة الـNBN الناطقة بلسان «امل» ان عون حوّل الجمهورية إلى مزرعة، ويسعى إلى «توريثها على خرابها».
وقالت: الرئيس الذي سيصبح سابقاً بعد ساعات ختم عهده ببدعة همايونية فيها الكثير من سوء النية، فوقّع مرسوم استقالة الحكومة الحالية وعززه برسالة إلى مجلس النواب عبر الرئيس نبيه بري الذي تبلغ من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي استمرار حكومته في اداء واجباتها الدستورية وتصريف الأعمال من ضمنها.
واشارت المحطة إلى ان المفارقة اليوم ان هناك إجماعاً وطنياً على الفرح بانتهاء عهد الذل، هناك من أضاء شمعة، من صلى ركعتي شكر، من كسر جرة، من وزع الحلوى، فيما العهد والحاشية يحتفلان، في محاولة لاستعادة شعبية مفقودة ولو على حساب استنزاف موقع الرئاسة حتى «الريق الأخير يلي نشف».
أخبار ذات صلة
مقالات مختارة
عون: حذّرتُ حزب الله وخائف عليه
أبرز الأخبار