في انتظار عودة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي الى بيروت ازداد عدد السيناريوهات الخاصة بالتشكيلة الحكومية المنتظرة، التي يتم التداول بشأنها في السوق الاعلامية والاندية السياسية وعلى المواقع الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي بطريقة اختلطت فيها التمنيات والرغبات بالحقائق التي ما زالت تحتاج الى بعض الرتوشات السياسية لاقفال النقاش من حولها ولا سيما تلك المتعلقة بحجم التعديلات المقترحة على الحقائب الوزارية من ضمن تشكيلة حكومة تصريف الأعمال لاستعادة ما افتقدته من المواصفات الدستورية.
وفي المعلومات المتداولة على نطاق ضيق ان الاستعدادات موجودة لتوليد الحكومة بالصيغة المطلوبة من الداخل كما من الخارج. فالقلق بدأ يساور الاوساط السياسية التي تحاول تجنب نقاشات دستورية عقيمة لا تغني ولا تفيد لخروج بعض ما هو مطروح منها عن المألوف الدستوري والقانوني بغية زرع البلبلة والايحاء بما لا يمكن ان يطال بالوسائل الدستورية والقانونية بما هو متاح قبل نهاية الولاية الرئاسية، أبدعتها ايد وعقول وفتاوى سياسية وحزبية تعيش نوعا من مظاهر وبوادر عزلة سياسية تنمي الخلافات الداخلية بين قياداتها السياسية وكتلتها النيابية من دون ان تشكل رادعا دون بعض المواقف وسيناريوهات دستورية "خنفشارية" ما زالت تثبت قدرتها على إدارة بيئتها بطريقة "ديماغوجية" لا يقر بها لا منطق ولا عقل.
واستنادا الى هذه المعلومات، كشفت مصادر سياسية مطلعة لـ "المركزية" ان من يعنيهم امر تشكيل الحكومة ينتظرون عودة الرئيس ميقاتي الى بيروت في الساعات المقبلة من اجل البحث الجدي في آخر التطورات المحيطة بالاستحقاق الحكومي بغية احيائها لمواكبة التطورات المقبلة ليس على مستوى التفاهم المنتظر على الترسيم البحري ان اكتملت فصولها المتوقعة فحسب، انما لمواجهة ما هو متوقع من حال الشغور الرئاسي إن وقع بعد الواحد والثلاثين من الشهر المقبل من دون متاعب وفتاوى دستورية لا يقر بها اي مرجع مستقل او محايد وإن كانت ستؤدي الى جو من التردد والقلاقل التي يمكن تجنبها بخطوة من هذا النوع.
وعليه، فقد نفت مراجع معنية بالاتصالات التي سبقت مغادرة ميقاتي الى لندن ونيويورك ان ما تم الترويج له عن حجم التعديلات المقترحة على تركيبة حكومة تصريف الأعمال وعدد الوزراء المقترح تغييرهم مبالغ فيه وليس نهائيا. وانه ما زال سابقا لأوانه الحديث عنه بالدقة المطلوبة. وعلى الرغم مما هو متداول من سيناريوهات فإن ما هو مرتقب، ليس بالحجم الذي يمكن ان يطال نائب رئيس الحكومة الدكتور سعادة الشامي كما روج له البعض لأهداف معروفة، وأن تعديلا في حقيبة السياحة غير مطروح. فالوزير وليد نصار باق في موقعه ولا يتوقع ان يطاله اي تعديل محتمل فهو من حصة رئيس الجمهورية ولم يتعرض له الرئيس المكلف باي ملاحظة حتى الامس القريب.
وعليه فان ما هو ثابت، لا يطال سوى وزير المهجرين الدكتور عصام شرف الدين، وليس مهما من سيكون خلفه ومن يسميه وان كان مصيره ليس مرتبطا برئيس الحزب الديمقراطي اللبناني، فكل ما أراده ميقاتي ان يكون بعيدا عن أول جلسة يعقدها مجلس الوزراء عند العودة الى العمل والإنتاج الحكومي كما نقل عن أحد المقربين منه. وكذلك فإن مصير وزير الاقتصاد امين سلام مطروحا بجدية لا نقاش فيها، بدليل المشاورات التي اجريت على مستوى نواب عكار السنة وحلفائهم من باقي الطوائف والتي شارك فيها نواب المنطقة من التيار الوطني الحر ليبقى له رأي في هوية الشخص الذي يجمعون عليه. وقيل قبل ايام ان الاتفاق أنجز حول إسم البديل المنتظر, وقد توج التفاهم برضى ميقاتي ايضا الذي لم يخفي رغبته بالتبديل يوما على الرغم مما وصف بـ "مصالحة" اجريت بينهما.
وكل ذلك يجري وسط قناعة قالت بان مصير وزير المال يوسف خليل كان وما زال بيد مرجع واحد هو رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي لم يقل كلمته النهائية بانتظار اللحظة الاخيرة. ولا يتجاهل المراقبون ما تعرض له خليل اثناء جلسة مناقشة الموازنة العامة من قبل رئيس المجلس والذي اوحى بما يكن له من مصير. فان الإتصالات التي اعقبت تلك الواقعة لم تشي بان التعديل ثابت وإن كان البعض يطالب بان يكون النائب السابق ياسين جابر بديلا منه على خلفية ما طاله من "اهانة" في الإنتخابات النيابية في أيار الماضي باستبعاده عن خوضها بطريقة وصفت بأنها "غير لائقة". مع الاعتراف بان هناك خطأ كبيرا قد ارتكب بحقه، ويجب تصحيحه باسرع وقت كما نقل عن اوساط مقربة من الرئيس نبيه بري.
على هذه الخلفيات مجتمعة، تصر المراجع المراقبة على ضرورة ترقب عودة ميقاتي للبت بما هو ممكن ان يحصل. فهو وعلى ما يبدو لم يجري اي اتصال طيلة فترة غيابه عن بيروت ما بين لندن ونيويورك برئيس الجمهورية وصولا الى ما نقل عن أحد المسؤولين المتابعين. الذي اضاف انه لم يكن متوقعا ان تتلقى بعبدا تقريرا من السفيرة الفرنسية آن غريو عن نتائج لقاء ميقاتي بالرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ومن مصادر مختلفة عن بعض الاجتماعات الاخرى التي شهدتها اروقة الجمعية العامة للامم المتحدة في نيويورك. وإن كان نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب قد تولى شرح نتائج اللقاءات مع الموفد الاميركي عاموس هوكشتاين فإن اي تقرير آخر لم يكن وزير الخارجية عبد الله بو حبيب مصدرا له.