20-09-2022
مقالات مختارة
|
الجمهورية
عماد مرمل
عماد مرمل
غالب الظن انّ الرئيس المكلف نجيب ميقاتي لا يحبّذ ان يجد نفسه مضطرا الى النوم في قصر بعبدا، «البرتقالي» الهوية حتى 31 تشرين الأول، لإتمام العملية القيصرية التي يحتاج اليها إنجاز الولادة الحكومية.
صحيح انه تعهد أثناء خروجه من اجتماعه الاخير مع الرئيس ميشال عون بأنه سيبقى مجتمعاً به خلال الزيارة المقبلة الى حين تشكيل الحكومة ولو تطلب منه الأمر أن ينام في القصر، لكنه بالتأكيد يتمنى ان لا يتجرّع هذه الكأس المرّة او «الوسادة المرّة»، وان ينجو من «فحص الصدقية» هذا، بحيث تخرج الحكومة الى النور بعد عودته من رحلته الخارجية، بأقل كلفة ممكنة عليه.
والأرجح انّ آلام المخاض الحكومي وصلت إلى مراحلها الاخيرة وان الاتفاق النهائي بين عون وميقاتي ينتظر اللمسات الأخيرة، ما لم يخرج «شيطان» ما في اللحظات الحاسمة من وكر التفاصيل.
ويؤكد العارفون انّ «حزب الله» دخل خلال الأيام الماضية بكل ثقله على خط الوساطة بين بعبدا – السرايا لتذليل العقد والعقبات التي لا تزال تؤخّر اتفاقهما. وضمن هذا السياق اجتمع المعاون السياسي للأمين العام للحزب حسين الخليل مع ميقاتي في «لقاء مصارحة» تخلله منسوب مرتفع من الوضوح والمكاشفة، شدّد خلاله الخليل على وجوب تشكيل حكومة جديدة مهما كلف الامر. كما حصل تواصل بين الحزب وعون سعياً الى تليين موقفه.
وقد انطلق الحزب في تزخيم حراكه السياسي من مبدأ ان تشكيل الحكومة، ولو على قاعدة تعويم الحالية، هو امر مُلح وإلزامي، للأسباب الآتية:
– اذا تسلمت حكومة تصريف الأعمال مهمات رئيس الجمهورية بعد الفراغ، سيحصل حولها انقسام سياسي وطائفي حاد، من شأنه ان يعطّلها او يعرقلها، خصوصا اذا سحب عون ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل الوزراء المسيحيين منها. وبالتالي كيف لها وهي فاقدة الحضور المسيحي الوازن أن تتولى صلاحيات رئيس الجمهورية الماروني؟
– انّ هناك حاجة ماسة أصلاً إلى وجود حكومة أصيلة مكتملة الأوصاف لمتابعة الملفات الحيوية على كل الصعد، ذلك انّ حكومة تصريف الأعمال غير المستقرة بطبيعتها لن تستطيع ان تواجه ما يعانيه البلد من حالة اللاإستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي وربما الامني.
– انّ اسرائيل مردوعة الى حد كبير ولكن إذا أخطأت في حساباتها وشنت حرباً على لبنان ربطاً بتحدي الترسيم او غيره، فإنه لا يجوز حينها أن تكون الجبهة الداخلية السياسية مكشوفة، وان لا يكون هناك رئيس جمهورية ولا حكومة مكتملة الصلاحيات.
ويبدو انّ مشروع التسوية يلحظ ان يتراجع عون عن طلب ضَم ستة وزراء دولة الى الحكومة وان يتراجع ميقاتي عن محاولة فرض أسماء من جهته مكان الوزراء المزمع استبدالهم.
ويلفت العارفون الى ان الاساس هو الإبقاء على التوازنات السياسية للحكومة الحالية مع التأكيد ان كل طرف ممثّل في الحكومة يستطيع التعديل في الأسماء المحسوبة عليه من دون التغيير في الحقائب.
ومن الواضح ان «حزب الله»، وانطلاقا من الواقعية السياسية، يتصرّف على اساس ان الشغور الرئاسي شبه حتمي «مع الأمل في أن لا يكون طويلاً هذه المرة».
ويوضح العارفون ان الحزب لن يسمّي الآن مرشحا للرئاسة، وربما لا يسميه، بحيث يكتفي بالتصويت للمرشح الذي يعتبره مناسباً في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية.
اما الاعتبارات التي لا تزال تدفع الحزب إلى تفادي التسمية العلنية فتكمن في انه لا يريد أن يتسبّب بوقوع مشكلة من الآن مع الحليف الذي لن يتم دعمه، ولا ان يتسبّب بمشكلة للمرشح نفسه إذ سيُصنّف على الفور بأنه يتبع للحزب ومصبوغ بلونه، الأمر الذي سيرتّب متاعب له مع جزء من الداخل والخارج، إضافة إلى أنه اذا فازت شخصية رشّحها الحزب رسمياً فسيجري لاحقاً تحميله تبعات ما تفعله وما لا تفعله أيضاً.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار