09-09-2022
مقالات مختارة
|
المركزية
لا تنزل موجة التهويل والتخويف التي يقودها العهد وفريقه السياسي بردا وسلاما على اللبنانيين عموما، الحلفاء منهم قبل الخصوم. فالسيناريو المجهول الذي يلوحون به، وهو وحيد لا ثاني له، على غرار تجربة العام 1988 الانقلابية، بفارق ان العماد ميشال عون هو اليوم رئيس الجمهورية وليس قائدا للجيش، بما يستتبع من ويلات، لا يرضى عنه اقرب حلفاء التيار وفي مقدمهم حزب الله، بحسب ما تؤكد اوساط مطلعة على اجوائه لـ"المركزية".
وإن كان كثيرون يعتقدون ان المواقف العالية السقف التي اطلقها رئيس الجمهورية في حديثه الى "الجمهورية" اخيرا وتلك التي سبقه اليها رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لن ترقى الى مرتبة التنفيذ، وحدودها ممارسة الضغط للحصول على امتيازات قبل فقدان ادارة قمرة القيادة مع انتهاء ولاية الرئيس عون، بيد ان مجرد التفكير باحتمال ترجمته على ارض الواقع مرفوض، وهو ما يحذر منه الرئيس نبيه بري ويقود حملة منعه كون بقاء الرئيس عون بعد ليل 31 تشرين الاول في بعبدا يشكل اغتصابا للسلطة، بالركون الى الدستور الذي يشكل راهنا حاجة للثنائي الشيعي بحسب الاوساط التي تشير الى انه سيشكل جسر عبور الحزب الى عمق الحياة السياسية بعد انتهاء سطوة السلاح، وقد اشار الامين العام حسن نصرالله في اكثر من اطلالة الى ان دور السلاح سينتهي بعد عام او اثنين في معرض حديثه عن الاستراتيجية الدفاعية. من هنا، تشرح الاوساط ان نصرالله سيلعب دورا كبيرا في احترام الطائف ورعايته للدخول الى اللعبة السياسية بسلاسة وهو المُدرك والعليم ان التسويات الآتية على جناح الاتفاق النووي، ولو تأخر، ستحتم عليه الانخراط في العملية السياسية بهدوء بعيدا من السلاح، فيفضل والحال هذه ان يتحول الى مرشد سياسي، بعدما بات الجميع يدرك في الداخل والخارج انه الرقم الصعب في لبنان، بدليل ان قنوات التواصل مفتوحة معه من دول عدة غربية من فرنسا الى واشنطن، اذ تكشف عن كوة صغيرة استحدثت في الجدار السميك االقائم بينها والحزب من خلال اتصالات جرت وتجري في السر.
وفي ما يشكل اثباتا لوجهة النظر هذه، يقول دبلوماسيعربي لـ"المركزية" ان ايران المحتاجة الى الاتفاق النووي قبل الانتخابات النصفية الاميركية خشية فوز الجمهوريين فيها والعودة الى التصلب والشروط غير المقبولة من طهران، بعثت برسالة الى نصرالله تطلب فيها اعتماد لغة التهدئة والابتعاد عن توتير الاجواء وشحنها لتحضير ارضية التسوية الكبرى في المنطقة، والتي تنطلق لحظة توقيع الاتفاق النووي. وتجاوبا مع الايعاز الايراني، فرمل الحزب تصعيده وتهديداته وتحولت تصريحات مسؤوليه في اتجاه التركيز على الانتصار على اسرائيل وحملها على اعتماد خيار الدبلوماسية والتفاوض وتحديد فترة زمنية لانهائه من دون مماطلة.
المسار التسووي الآتي لا محال، بدأت تباشيره تترجم لبنانيا، مع تغيير قواعد اللعبة من دون ضجيج، وفق ما تظهر في تعديل قرار مجلس الامن الرقم 2650 الذي وسّع صلاحيات قوات الطوارئ الدولية في جنوب لبنان، ولم يخرج احد من الفريق المناوئ للاعتراض او رفع الصوت، وتم تمريره في مجلس الامن بقبة باط روسية- صينية.
وعن مصير العلاقة بين الحزب والتيار في ما لو تصدى لأي محاولة انقلابية للعهد تكتفي الاوساط المطلعة على اجواء الحزب بالقول "ان الحزب يعلم الى اي درك انحدرت البلاد في العهد العوني، وهو ولئن كان يحتاج الى الغطاء المسيحي لمشروعه الا ان بيئته المتململة جراء الأزمات الخانقة وقد ترجمت انتفاضتها في انكفائها عن الاقتراع في الانتخابات النيابية، اذ لم تتعد النسبة الأربعين في المئة، هذه البيئة لم تعد تحتمل كما سائر اللبنانيين اي خضات انقلابية من شأنها اغراق البلاد في مزيد من الفوضى، وعليه ينطبق المثل القائل "بحبك يا اسوارتي بس مش قد زندي".
أخبار ذات صلة