24-08-2022
مقالات مختارة
|
النهار
بدأ العد العكسي للمهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية التي تبدأ اعتباراً من مطلع أيلول المقبل وسط استمرار حال الغموض الذي يلفّ المشهد السياسي على مسافة أسابيع قليلة من الاستحقاق، حيث تغيب أي معالم يمكن من خلالها استشراف آفاق المرحلة المقبلة، كما تغيب الأسماء الكبيرة المرشحة لتبوؤ سدة الرئاسة الاولى. ولا تحضر حتى المعايير التي وضعها البطريرك الماروني قبل أسابيع، إلا لدى مجموعة من الشخصيات التي ترى في تلك المعايير ما ينطبق على مواصفاتها، من دون ان تحظى بأكثر من تسريبات او تسويق في الإعلام.
على رغم حرص بكركي على انجاز هذا الاستحقاق ضمن المعايير التي تحفظ للموقع المسيحي الاول مكانته وقدرته على الحكم بين اللبنانيين، بما يمليه الدستور، فإن حركة البطريرك بشارة الراعي لم ترقَ بعد الى مستوى التعاطي المباشر، رغم ان مرجعية بكركي تعطي سيد الصرح هذا الحق او الصلاحية التي لم يتوانَ قادة روحيون آخرون في الطوائف عن ممارستها في اختيار ممثليهم على رأس المؤسسات الدستورية في البلاد.
باستثناء المواصفات الرئاسية، لم تتبلور بعد لدى بكركي الشخصيات التي تتمتع بمواصفات كهذه، بل لا يزال الموضوع يدور في العموميات، وإن كانت بضعة اسماء محددة ربما لا تتجاوز الثلاثة تجول في رأس البطريرك، على ما يلمسه بعض زواره، من دون الكشف عن أصحابها.
ليست بكركي الجهة الوازنة الوحيدة في الملف الرئاسي، وسط تشتت القوى المسيحية من جهة، وتضعضع الاكثرية النيابية المنبثقة من انتخابات أيار 2022 لمصلحة أقلية صلبة تجهد لاستقطاب نيابي يتيح لها اختيار الرئيس العتيد.
لـ"#حزب الله" ايضاً موقعه الوازن والمقرر في المشهد الداخلي. من هنا، كان الحوار المفتوح بينه وبين بكركي محطة جيدة للبحث في ما يمكن القيام به، ليس في الملف الرئاسي فحسب، وإنما في كل ما من شأنه ان يخفف حدة التوتر والسخونة في الخطاب السياسي، وخلق الأجواء المؤاتية لخوض الاستحقاق الرئاسي، بعيداً من التشنج والتصعيد.
آخر محطات هذا الحوار الذي كان بدأ سابقاً من خلال لجنة حوار مشتركة، عجزت عن انجاز مهمتها، تجلت في اللقاء الذي جمع الوزير السابق سجعان قزي بالقيادي في الحزب محمد عفيف ليس بصفته مسؤول جهاز الاعلام، وإنما كمكلّف هذه المهمة. وقد حصل اللقاء قبل نحو شهر، لكنه لم يؤدِّ الى اي نتيجة، واقتصر على جلسة يتيمة لم يكن لها متابعة، علماً ان التسريبات التي رافقت ذلك اللقاء، رغم سريته، لم تتناول موضوع البحث بل استهدفت قزي تحديداً، بالتصويب عليه من باب الطموحات الرئاسية، ما ادى الى قفل الملف عند هذا الحد.
وبدا واضحاً ان تعليق الحوار لم يأتِ من جانب قزي، بل نتيجة انطباعين ارتسما بخلاصة الجلسة الاولى:
- لا قرار لدى الحزب بعد لفتح حوار مع بكركي في الملف الرئاسي.
- لا رغبة لدى الحزب في تسجيل اي موقف يتصل بهذا الاستحقاق او بالمرشحين للرئاسة.
ذلك ان الحزب لم يبدُ في حينه مستعداً بعد لخوض اي نقاش في هذا الملف، او الدخول في اي تفاصيل او حيثيات او مواصفات.
هل تغير الوضع الآن مع بدء العد العكسي لبدء المهلة الدستورية للانتخاب، وهل نضجت الصورة لدى الحزب، ولا سيما بعد اللقاء الذي جمع ممثلين عنه برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وكان الاستحقاق الرئاسي واحداً من الاطباق الرئيسية على طاولة البحث؟
اوساط قريبة من الحزب تجيب ان من السابق لأوانه فتح هذا الاستحقاق من جانب الحزب قبل ان يتبين مَن سيدخل في السباق الرئاسي وما ستكون عليه مواقف القوى المسيحية لجهة الترشيحات. ولم يبدُ هذا الكلام مقنعاً لأوساط أخرى ترى ان الحزب يسعى حالياً الى تعويم الحكومة الميقاتية، اقتناعاً منه بأن ظروف انتخاب رئيس جديد للجمهورية لم تنضج بعد.
أخبار ذات صلة