لن تخلو زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى منطقة الشرق الأوسط، وانعقاد قمة جدّة، من تداعيات سياسية أو استراتيجية على المنطقة إياها. فإيران لن تقف متفرجة على ما يجري في ضوء المواقف المعلنة التي تشير إلى ضرورة تطويقها، أو تطويعها.
وجها زيارة بايدن
فالقمّة العربية- الأميركية، يفترض أن تؤدي إلى خيار من اثنين: ذهاب واشنطن وطهران إلى تجديد المفاوضات سعيًا إلى اتفاق. وبذلك تكون زيارة بايدن نوعًا من طمأنة الإسرائيليين والخليجيين، والحفاظ على العلاقات الأميركية الاستراتيجية لاستعادة نوع من الثقة أو التوكيد عليها. أما في حال عدم بروز مؤشرات جدية لتوقيع الاتفاق النووي، فإن المنطقة لا بد أن تشهد تصعيدًا مؤكدًا.
وقد يكون موقف أمين عام حزب الله منطلق التصعيد. فنصرالله ذهب بعيدًا في معادلاته لفرض واقع جديد: نقل الحزب من الدفاع إلى الهجوم.
حزب الله يقود لبنان
لا تُخفى المحاولات الأميركية لفصل الموقف اللبناني الرسمي عن موقف حزب الله. وقد يشكل هذا الاستحقاق اختبارًا لقدرة بعض الأفرقاء في لبنان على الخروج من سطوة الحزب إياه. وهو نجح مرارًا في تعزيز وضعه الداخلي، وتكريس شرعيته، وفتح آفاق جديدة للمرحلة المقبلة بقيادته، وعنوانها أن من يطمح إلى أي منصب سياسي لا بد من موافقته على خطاب حزب الله وتبنّيه.
وتنطبق هذه القاعدة على أي مرشح يسعى إلى رئاسة الجمهورية. وهذا يعني أن كل طامح لمنصب سياسي، لا بد أن يتبنى وجهة نظر حزب الله في ملف الترسيم، وأن يكون على قدر من الاهتمام بالدفاع عن سلاح المقاومة، وعن المعادلات التي يفرضها. ويسعى حزب الله إلى أن يكرس استمرار القواعد التي كرسها بفرضه ميشال عون رئيسًا للجمهورية.
مرحلة جديدة
في المقابل، تعمل واشنطن على فصل مواقف المسؤولين اللبنانيين عن مواقف حزب الله. لكنها لم تنجح بوضوح في ذلك حتى الآن. فرئيس الجمهورية استعمل مسيّرات حزب الله واعتبرها مصدر قوة للدولة اللبنانية. باسيل بدوره يتبنى مواقف نصر الله بوضوح. وهذا يعني عدم تحقيق أي فصل بين حزب الله وحليفه الاستراتيجي.
بعد كلام نصرالله التصعيدي، جاء موقف الخارجية الأميركية ليشدد على تحقيق تقدم في الترسيم، وتضييق الفجوات وصولًا إلى اتفاق. هذا الموقف الأميركي هدفه جعل مواقف حزب الله هامشية. والبيان الأميركي- السعودي المشترك فعل ذلك أيضًا، مؤكدًا أن السلطة في لبنان يجب أن تكون في يد الدولة اللبنانية. ومما جاء في البيان: "يشدد الجانبان على أهميّة بسط سيطرة الحكومة اللبنانية على جميع الأراضي اللّبنانيّة، بما في ذلك تنفيذ أحكام قرارات مجلس الأمن ذات الصّلة واتفاق الطائف، من أجل أن تمارس الدولة سيادتها الكاملة. فلا تكون هناك أسلحة إلّا بموافقة الحكومة اللبنانية. ولا تكون هناك سلطة سوى سلطتها".
قمة جدّة تشكل محطة سياسية جديدة في المنطقة. وهي تؤسس إلى مرحلة جديدة. لكن ما هو غير واضح حتى الآن هو كيف سيكون الاستثمار السياسي لنتائج تلك القمة في ساحات الإقليم.