25-06-2022
مقالات مختارة
|
grandlb
رامي الريس
رامي الريس
لبنان بلد العجائب السياسيّة. هذه التوصيفات ليست جديدة ولكنها تكرّس نفسها بصورة يوميّة في الأداء والممارسة من قبل قوى وأطراف سياسيّة لا تنفك "تبتدع" أعرافاً وطقوساً جديدة في المجالات السياسيّة والدستوريّة.
درج في السنوات الأخيرة، على سبيل المثال، أن تستنكف كتل نيابيّة معينّة عن ترشيح شخصيّة لرئاسة الحكومة في إطار الإستشارات النيابيّة الملزمة التي يجريها رئيس الجمهوريّة بعد رحيل أي حكومة، بمعزل عن أسباب رحيلها (إستقالتها، بدء ولاية مجلس النواب، بدء ولاية رئيس الجمهوريّة، إستقالة الثلث زائداً واحداً من أعضائها).
وللتذكير، فإن هذه الاستشارات ملزمة بإجرائها كما بنتائجها، وهذا يجعل قرار بعض النواب والكتل الامتناع عن تسمية أية شخصيّة لرئاسة الحكومة مسألة مستغربة لأنها تتناقض بكل بساطة مع دور الكتل في تكليف رئيس الحكومة، وبالتالي تصيب مبدأ فصل السلطات وتوازنها وتعاونها في الصميم.
ماذا يعني ألا تجد أي كتلة نيابيّة شخصيّة معيّنة لتسميتها لتولي هذا المنصب الرفيع في الجمهوريّة؟ عمليّاً، هذا يعني أنها لم توفق في إستدراج أي منها للتفاوض معها قبل التكليف، أي التفاوض على الحصص والوزارات والمغانم!.
صحيحٌ أنه ليس هناك من نص دستوري ملزم للكتل أو للنواب المستقلين بتسمية محددة، ولكن ما يجري يناقض روحيّة الدستور. إذا كان النواب مدعوين إلى القصر الجمهوري لممارسة أحد أبرز أدوارهم (كما إنتخاب رئيس الجمهورية لاحقاً)، وهو تسمية رئيس الحكومة، فلماذا يستنكفون عن القيام بذلك؟ هل يُعقل ألا تجد الكتل النيابيّة شخصيّات لبنانيّة مؤهلة للقيام بهذا الدور؟
إن الحجج التي تُساق في هذا الاطار هي حجج واهية منها أن بعض المرشحين ليسوا معروفين لدى هذه الكتلة أو تلك، أو أن الأسماء المطروحة لا تلبي الطموحات، وسوى ذلك من الشعارات التي لا تقدّم ولا تؤخرّ! وكأن المطلوب من المرشحين المحتملين "تقديم أوراق إعتمادهم" لهذا الطرف أو ذاك. في هذا السلوك ليس ضرب للدستور فحسب، إنما أيضاً إنتقاص من موقع رئاسة الحكومة.
لبنان بلد العجائب لأن معظم الكتل تذهب إلى التكليف وهي تدرك أن التأليف دونه صعوبات. كيف يستقيم المنطق إذا ما إعتبرت بعض الكتل أن التأليف مستحيل على مشارف نهاية العهد؟ ثم أليست الكتل المعرقلة لكل تأليف حكومة بسبب مطالبها التعجيزيّة هي ذاتها التي تخترع الأعراف السياسيّة عند كل مفترق أو منعطف؟
لبنان لا يملك ترف الوقت، والأشهر القليلة المتبقية من ولاية رئيس الجمهوريّة يفترض بها ألا تشكل مانعاً أمام تأليف سريع لحكومة تحظى بالثقة وتنكب على إنجاز الحد الأدنى من المقررات الضروريّة والخطوات الإصلاحية التي طال إنتظارها. التفاوض مع صندوق النقد الدولي، المباشرة بمعامل الكهرباء، وإقرار التشريعات المطلوبة لخطة التعافي التي لا تحمّل المودعين الخسائر بطريقة فظة ووقحة؛ هي بعض الخطوات التي لا تحتمل الانتظار.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار