25-06-2022
مقالات مختارة
|
الجمهورية
راكيل عتيق
راكيل عتيق
صحيحٌ أنّ المعارضة النيابية من «سياديين» و«تغييريين»، والتي تُشكّل غالبية افتراضية في مجلس النواب، فشلت في الاستحقاق الثالث مع مطلع ولاية المجلس الحالي، فخسرت معركة تكليف شخصية تأليف الحكومة، بعد أن مُنيت بخسارتين في معركة رئاسة المجلس ونيابته، إلّا أنّها لم تخُض معركة التكليف جدياً أساساً، لعوامل وأسباب عدة داخلية وخارجية. ولهذه الأسباب نفسها لن تخوض هذه المعارضة موحّدةً معركة التأليف، فكما في استحقاق التكليف «سيُغنّي كلّ طرف في هذا الغالبية الافتراضية على ليلاه» في التأليف.
سادَت وجهتا نظر حيال الحكومة العتيدة مرحلة ما بين الانتخابات النيابية والتكليف، الاولى تشير الى معركة سياسية طاحنة في التكليف والتأليف نظراً الى أنّ الحكومة المُرتقبة ستدير مرحلة الفراغ الرئاسي في حال لم يُصَر الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية ضمن المهلة الدستورية وقبل انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في 31 تشرين الأول 2022، ولذلك سيسعى كلّ فريق الى تعزيز موقعه في هذه الحكومة. والثانية، تفيد أنّ التأليف مُتعذّر في هذه الأشهر القليلة، فضلاً عن أنّ الخارج غير حاضر لدعم أطراف في الداخل لخوض مواجهة سياسية لا يعرف أحد الى أين توصِل. وبالتالي، سيكون التكليف «فرضَ واجِب» وبـ«الموجود» و«السهل»، وبعدها لا أهمية إذا حصل التأليف أم لا، في انتظار الاستحقاق الرئاسي بالتوازي مع انتظار تبلور الأوضاع الاقليمية والدولية الجديدة.
وبعد تكليف رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي التأليف، وتَشرذم «المعارضة» في تسمية شخصية في الاستشارات النيابية الملزمة، تبيّن أنّ وجهة النظر الثانية هي الاقرب الى الواقع ومقتضيات هذه المرحلة.
وفي حين أنّ المعارضة من «حزب تقدمي اشتراكي» و«قوات لبنانية» و«كتائب لبنانية» ونواب «التغيير» ونواب سنّة ومستقلّين، يُمكنها مُجتمعةً أو منفردة، فَرض معادلات جديدة في التأليف، والمشاركة في الحكومة بحجمٍ وازِن، ومنع فريق العهد و«الثنائي الشيعي» وحلفائهم من الاستئثار بالوزارات أو حتى بالثلث المعطّل، الّا أنّه يبدو أنّ غالبية هؤلاء الأفرقاء لن يخوضوا معركة التأليف في هذه المرحلة. فبحسب جهات سياسية معارضة، إنّ أحداً لا يتعاطى مع التكليف على أنّه سيقود الى تأليف، وذلك انطلاقاً من طبيعة المرحلة، فلا يُمكن الكلام عن تكليف لتأليف في زمنٍ عادي. وبالتالي، إنّ مقاربة أي مسألة يجب أن تأخذ في الاعتبار طبيعة المرحلة، ومنها المشاركة في الحكومة، فخوض معركة التأليف ممكن لكن في حكومة غير محدودة زمنياً، فيما أنّ الحكومة المرتقبة لن يتخطّى عمرها الشهرين، هذا إذا أُلّفت، علماً أنّ الحكومات في لبنان لا تؤلّف قبل 3 أو 4 أشهر أو أكثر، فيما أنّ عهد عون ينتهي بعد 4 أشهر وتدخل هذه الحكومة، إذا أُلّفت، مرحلة تصريف الأعمال.
كذلك هذه المرحلة انتقالية، بحسب الجهات نفسها، فبعد نحو شهرين ندخل في المهلة الدستورية للانتخابات الرئاسية. وبالتالي، يجب في هذه المرحلة الانتقالية التركيز على طبيعتها ووظيفتها ودورها الذي هو الوصول الى انتخابات رئاسية تُعيد إنتاج السلطة التنفيذية، بينما إذا ذهبنا في اتجاه التأليف، فهذا يعني الدخول في نزاعات من طبيعة طائفية بين الرئاستين الاولى والثالثة والافرقاء السياسيين، تماماً كالنزاعات والانقسامات التي حصلت في المراحل السابقة، فيما الآن يجب أن يكون كلّ التركيز على انتخابات رئاسية تُعيد البلد الى السكة الصحيحة.
كذلك من أسباب عدم خوض معركة التكليف وبالتالي التأليف، أنّ «الجو السني» كان ميّالاً الى ميقاتي، وبلا أصوات عدد من النواب السنة و«اللقاء الديموقراطي» لا يُمكن لبقية المعارضين الفوز في التكليف حتى ولو انّ «القوات» انضَمّت إليهم. كذلك إنّ الشخصيات السنية الطامحة الى تَرؤس مركز رئاسة الحكومة لا مصلحة لها في التكليف خلال هذه المرحلة، فأيّ شخصية لن تضع «عنقها» بين فَكّي عهد تحترق أوراقه، بحسب الجهات إيّاها. أمّا ميقاتي فقَبِل بتولّي هذه المهمة، انطلاقاً من أنّه أساساً رئيس حكومة تصريف الأعمال ويقود هذه المرحلة الانتقالية بمباركة خارجية. وانطلاقاً من ذلك، قد يكون القاضي نواف سلام لم يقدّم نفسه جدياً لرئاسة الحكومة، واكتفى بطَرح اسمه للتداول، إذ لا مصلحة له في التكليف الآن، مع احتمال عدم التأليف، ما يؤدّي الى احتراق اسمه. لأنّه إذا كُلّف ولم يؤلّف فسيتحمّل مسؤولية الانهيار، وإذا ألّف بشروط العهد فستضرّر صورته وأحد لا يعرف الى أين ستوصِل هذه الحكومة. وبالتالي، لا أحد ينظر الى هذه المرحلة أكثر من ذلك ولا يجب تحميلها أكثر من ذلك، وفق ما تقول الجهات إيّاها.
إنطلاقاً من ذلك أيضاً، يبدو أنّ «الاشتراكي» فَضّل الذهاب الى تسمية سلام، وارتأت «القوات» عدم تسمية أحد لرئاسة الحكومة. وفيما جُدّد «العرض» نفسه الذي قُدّم لـ«القوات» في الحكومة السابقة (حكومة تصريف الأعمال) إبّان مراحل تكليف ميقاتي وقبله الرئيس سعد الحريري، بالمشاركة في الحكومة لمنع رئيس «التيار الوطني الحر» من الاستئثار بالحصة المسيحية وفرض شروطه ومطالبه على الرئيس المكلف، إلّا أنّ «القوات»، وعلى رغم ازدياد حجمها النيابي، ترفض هذا العرض تحت أي حجة أو سبب كان.
لكنّ هذا الرفض «القواتي» محصور حتى الآن بالحكومة العتيدة، إذ «ما قيمة وأهمية المشاركة في حكومة في أواخر أشهر ولاية لن تقدّم ولن تؤخّر، خصوصاً مع العلم أنّ الإنقاذ الذي لم يتحقّق في سنوات لن يجري تحقيقه في الأشهر الأخيرة من ولاية عون». أمّا في العهد الرئاسي الجديد فـ»لكلّ حادث حديث، ولا شيء نهائياً حكومياً». فعند الدخول في العهد الجديد، تحدّد «القوات» رؤيتها على المستوى الحكومي، إذ بحسب مصادرها، «عندما نتحدّث عن عهد جديد، فهذا يعني تغييراً في النهج والممارسة والذهنية والعقلية ووضع أسس جديدة، وهذا ما نراهن عليه. وفي المرحلة الجديدة التي نراهن عليها، نحدّد رؤيتنا لجهة المشاركة في الحكومة من عدمها، وهذا الأمر يتصل بطبيعة المرحلة السياسية وبالرؤية لطبيعة الحكومة التي يجب أن تؤلّف في هذه المرحلة وفي كلّ مرحلة».
أخبار ذات صلة
مقالات مختارة
عون: حذّرتُ حزب الله وخائف عليه
أبرز الأخبار