24-06-2022
مقالات مختارة
|
الديار
ابتسام شديد
ابتسام شديد
صحيح ان قرار رئيس «المستقبل» تعليق العمل كان خاصا، فهو أنهى مسيرة سياسية بدأت في ١٤ شباط ٢٠٠٥، لكن انسحابه ترك فراغا على الساحة السنية ظهر في يوم الإستشارات وأعاد خلط الأوراق السياسية.
أكثر المتشظين من انسحاب الحريري وتموضعه الجديد في الإستحقاقات الحليف في المختارة، فالشيخ سعد زعامة كبيرة، وله مكانة خاصة لدى رئيس الحزب «التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط، على الرغم من العلاقة التي ترنحت مرات عديدة وسقطت ثم اصطلحت بسرعة. وبين كليمنصو وبيت الوسط تاريخ من العلاقات السياسية والإنتخابية من أيام الرئيس الشهيد رفيق الحريري حيث خاض فيها الطرفان الإنتخابات بدءا من عام ١٩٩٦ وتكررت في دورات ٢٠٠٠ و٢٠٠٥ و٢٠٠٩ و٢٠١٨ ، وكانت ستتكرر في أيار ٢٠٢٢.
لكن الحريري لم يلب نداء جنبلاط له ومضى في القرار، وفي الوقت نفسه فان جنبلاط تفهّم ان الظروف تآمرت ضد الحريري، كما كان يدرك انه سيحتاج الى الحليف في بيت الوسط، وانه سيخوض الاستحقاقات وحيدا من دون «التيار الأزرق».
فالاستشارات في قصر بعبدا، شكلت محطة أخرى لـ «الاشتراكي» التي خاضها وحده، فذهب «اللقاء الديموقراطي» الى تسمية السفير نواف سلام، فيما لم تسم «القوات اللبنانية» أحدا في استشارات الأمس.
وكان بارزا في استشارات بعبدا، ان تسمية ميقاتي حصلت من دون أي صوت درزي، ومن دون مشاركة رؤساء الحكومات السابقين، فيما لم تسم الكتلتان المسيحيتان الكبيرتان في «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات» أحدا.
على ان المفارقة ايضا، تمثلت في موقف «القوات»، وان كان رئيسها سمير جعجع استبق الإستشارات، معللا الأسباب لاستبعاد قدرة أي رئيس مكلف على تشكيل حكومة في ظل إستمرار لعبة الشروط التحاصصية، مما سيؤدي الى تمديد فترة تصريف الأعمال حتى نهاية العهد.
موقف «القوات» تسمية «لا أحد» كما يؤكد أخصامها، لم يكن منطقيا ولا مقنعا بعدم الاقتناع بأي شخصية سنية صالحة لرئاسة الحكومة ، فهي سمّت نواف سلام عام ٢٠٢٠، وأكدت اليوم عدم حصول تواصل مباشر معه، مما يفسره الأخصام انه قرار «قواتي» واضح بالذهاب الى المعارضة، ومسايرة ايضا او رسالة للرئيس ميقاتي.
يؤكد آخرون، ان حزب «القوات» أجرى بعد الإنتخابات النيابية مراجعة سريعة بدءا من انتخابات هيئة المجلس النيابي ونيابة الرئيس، فاللجان خلصت الى عدم تكرار الأخطاء نفسها في المرحلة التالية، عدا ذلك فان حسابات الإستشارات أظهرت تشتت قوى المعارضة، وعدم تمكن نواف سلام من الوصول الى رئاسة الحكومة.
الواضح ان سمير جعجع ذهب الى خيارات ثابتة، فهو أولا سيقف في مركب المتفرجين على سقوط البلاد في الجحيم الاقتصادي والاجتماعي، والا يكون شريكا في سقوط صنعه غيره، اما الخيار الأبرز فهو البقاء في المعارضة التي أكسبت «القوات» أرقاما عالية في صناديق الإقتراع لدى المسيحيين، أضف الى ذلك ان عمر حكومة ميقاتي قصير جدا، ولن يكون باستطاعتها ان تحقق الكثير.