21-06-2022
مقالات مختارة
|
نداء الوطن
الطريق الأسهل لفرض استعادة منطق حكومات التوافق «الوطني» هو في وضع الأطراف جميعاً، ومنذ الآن، تحت التهديد بالفراغ في تشرين المقبل.
في تشرين تنتهي ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون، وحسب الدستور والأعراف يفترض أن يستنفر النواب في عملية محددة هدفها انتخاب رئيس جديد للجمهورية ضمن المهل الدستورية المعروفة، لكن تحقيق ذلك لم يعد متاحاً منذ الانقلاب على النصوص والقوانين، ودخول بدائع الثلث المعطل والتفسيرات الشخصانية للأكثرية المطلوبة في جلسات المجلس النيابي من أجل انتخاب الرئيس، ثم في همايونية الاجتهادات الدستورية التي تتيح انتخاباً من دون تعديل للدستور وتجعل الاختيار تعييناً مسبقاً والعملية بمجملها مجرد تنصيب بكل ما للكلمة من معنى.
بدأ التقليد الجديد في الممارسة «الدستورية» منذ تسلم النظام السوري إدارة الشأن اللبناني بعد الطائف. كان التمديد المتتالي للرئيسين الياس الهراوي ثم إميل لحود نموذجاً لمَا سيصبح عليه اختيار رأس الدولة.
لم يكن لبنان منذ الاستقلال قابلاً للاجتهادات الجديدة المفروضة. وبالعكس كان تفكير أي رئيس بالتمديد أو التجديد كفيلاً بإثارة انتفاضات وثورات، وهذا ما حصل في وجه الرئيسين بشارة الخوري وكميل شمعون وهما من الرؤساء الأكثر شعبية في تاريخ لبنان. فؤاد شهاب في المقابل رفض التمديد والياس سركيس أنهى ولايته في موعدها ومثله سبقه سليمان فرنجية.
في التمديد السوري للرئيسين الهراوي ولحود زرعت الألغام التي ستفجر الالتزامات الدستورية وتقاليدها، وبعد خروج السوريين انتقل مركز القرار إلى الممانعة الايرانية. وبات الفراغ مدخلاً لفرض الرئيس الذي سيأتي ولسلة المساومات التي ترافق تعيينه. بعد لحود امتدّ الفراغ في منصب الرئيس ستة شهور، حتى كانت غزوة أيار وتسوية الدوحة، وبعد انتهاء ولاية ميشال سليمان امتدّ الفراغ عامين ونصف العام حتى «اقتنع» النواب بضرورة التصويت للمرشح الوحيد، وفي تشرين المقبل يبدو أن الحلقة الثالثة من مسلسل الفراغ ستتكرر.
في الحالات السابقة تعلم الممسكون بخناق البلد درساً أساسياً، وهو عدم ترك السلطة لخصومهم في زمن الانتقال. والحكومة التي ستعيش بين فراغ الرئيسين هي مكان الاقتسام والتقاسم بانتظار الإتيان برئيس جديد يُكرر لعبة الفراغ الرئاسي في الفراغ الحكومي. لذلك، وعشية 23 حزيران موعد تسمية رئيس مكلف بتشكيل الحكومة، لا يذهب النقاش إلى حكومة تنفذ برنامجاً وتعهدها قوى فائزة في الانتخابات، بل يراوح بالقوة الجبرية في زاوية أن الحكومة ستبقى لتدير الفراغ بعد عون، ولا بد بالتالي أن تكون حكومة وحدة وطنية. أما نتائج الانتخابات وأحلام التغيير فيمكنها الانتظار.
أخبار ذات صلة
مقالات مختارة
عون: حذّرتُ حزب الله وخائف عليه
أبرز الأخبار