24-05-2022
مقالات مختارة
|
الجمهورية
عماد مرمل
عماد مرمل
منذ انعقاد لقاء المصالحة بين رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل تحت مظلة الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، دخلت علاقة التيارين في اختبار سياسي جديد محوره محاولة تغليب القواسم المشتركة على عوامل الانقسام.
بدا لافتاً خلال مهرجان النصر الانتخابي الذي نظمّه «التيار الحر»، تخصيص باسيل رئيس «المردة» بإشارة إيجابية كانت مختصرة في الشكل لكنها انطوت على معانٍ مكثفة في المضمون، عندما قال: «يا صغار السياسة، يا متلوّنين، يا حربايات، يا أصحاب المصالح المتقلبة، يا مراهنين على زعامة أو رئاسة كتلة، انكشفتم أنتم وكتلكم الوهمية في كل مكان، من كسروان، لزحلة، لزغرتا، وأكيد لا أقصد بكلامي سليمان فرنجية الذي مهما اختلفنا معه، يبقى أصيلاً».
إشادة باسيل هذه بأصالة فرنجية على قاعدة تمييزه عن المتلونين والمتقلبين، امام حشد كبير من الجمهور البرتقالي، فتحت الباب على تأويلات سياسية ودفعت البعض الى طرح تساؤلات حول مغزى هذه «اللفتة الباسيلية» بعد الانتخابات النيابية وقبل الرئاسية.
صار واضحاً، انّ الإفطار الرمضاني الشهير الذي جمع فرنجية وباسيل برعاية السيد نصرالله عشية الاستحقاق الانتخابي، شكّل نقطة تحوّل في مسار العلاقة بين الرجلين، بحيث أعاد ضبطها على إيقاع الخيارات الكبرى الجامعة، بعدما سبحت طويلاً خارج «جاذبية» المصالح العليا لـ«الخط الاستراتيجي».
وقد انعكس إفطار المصالحة «صياماً» عن اللغة المتشنجة، فانكسرت طبقات الجليد المتراكم على طريق البترون - بنشعي، وسُجّلت تقاطعات واتصالات جانبية خلال الانتخابات، بمساهمة بعض الأصدقاء المشتركين الذين تولوا تعزيز قناة التواصل المستعاد.
وما يجدر التوقف عنده في هذا السياق، هو انّ فرنجية بدوره كان قد اطلق في الآونة الأخيرة رسائل إيجابية في اتجاه الجار البتروني اللدود، حين أكّد اكثر من مرة انّه إذا جرى تخييره بين جبران باسيل وسمير جعجع فإنّه يكون مع الأول حُكماً لأنّ الخيارات الاستراتيجية تجمعهما.
ولعلّ الخصومة السياسية مع جعجع، والتي اشتدت خلال المعركة الانتخابية، تمثل أحد القواسم المشتركة بين باسيل وفرنجية في هذه المرحلة، وهذا ما عكسه «رمزياً» التقاؤهما عند احتضان فوز وليم طوق على جوزف إسحاق «القواتي» في عقر دار «القوات اللبنانية» في بشري، وذلك إلى حين تبيان ما سيؤول اليه خلط الأوراق والاسماء مجدداً عند اقتراب الاستحقاق الرئاسي الذي يعني كلاً من فرنجية وباسيل وجعجع على حدّ سواء.
ويقول النائب طوني فرنجية لـ«الجمهورية»، انّ «الجليد انكسر بيننا وبين باسيل منذ اللقاء الذي جمعه مع رئيس تيار «المردة» برعاية السيد نصرالله»، لافتاً إلى «انّ ما صدر عنه قبل أيام حيال سليمان فرنجية تحوّل إيجابي في الأداء يمكن ان يُبنى عليه، في انتظار ما يمكن أن تليه من خطوات في هذا الاتجاه الجديد». ويضيف: «إننا نلتقي وباسيل تحت سقف السياسة الاستراتيجية، ولكن كانت هناك نقاط اختلاف حول الإدارة الداخلية ونمط التعاطي، ونأمل في أن تمهّد الإشارة الايجابية التي بدرت منه، لمرحلة مختلفة».
وبعيداً من الاجتهادات في تفسير موقف باسيل، يعتبر القريبون منه انّ ما صدر عنه يندرج في إطار ردّ التحية بمثلها لفرنجية، عقب كلامه الجيد عن رئيس التيار في أكثر من إطلالة، ويعكس الاستعداد المتجدّد لمدّ اليد وجسور الحوار، لافتين الى انّه لطالما أكّد باسيل أن ليست لديه من ناحيته أي مشكلة شخصية مع رئيس «المردة»، «وبالتالي كان يتفادى مهاجمته على رغم الحملات التي تعرّض لها، وذلك خلافاً للوضع السائد مع جعجع، إذ انّ باسيل يسارع الى ردّ الصاع صاعين كلما تعرّض لهجوم من معراب».
ويشير هؤلاء، الى «انّ اهدافاً بعيدة المدى تجمع باسيل بفرنجية، على رغم الخلافات حول ملفات محدّدة»، موضحين انّ خيارات فرنجية المتعلقة بالمقاومة والعلاقة مع سوريا ورفض تقسيم لبنان وفدرلته هي «علامات أصالة عابرة للتباينات الثانوية».
أما محاولة ربط اللهجة المرنة التي خاطب بها باسيل رئيس «المردة» بملف انتخابات رئاسة الجمهورية فهي، تبعاً للقريببن من باسيل، «غير واقعية بتاتاً ولا مكان لها في الإعراب حالياً»، مشيرين الى انّ من السابق لأوانه طرح مسألة رئاسة الجمهورية، في وقت لا يزال الأخذ والردّ مستمراً حول رئاسة مجلس النواب، ويبدو تكليف رئيس حكومة وتشكيل الحكومة الجديدة بسلاسة غير مضمون.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار