12-05-2022
مقالات مختارة
|
نداء الوطن
الإنتخابات التي برزت كمطلبٍ مبكرٍ في ساحات «17 تشرين»، سرعان ما تلاشت جرّاء تداخل العوامل الداخلية والدولية التي أعقبت تفجير مرفأ بيروت في 4 آب، لتتلاشى معها اليوم، الفرص السانحة لتغيير المنظومة الحاكمة ديمقراطياً، جرّاء انكفاء القوى «السيادية والتغييريّة» إلى تحديد أحجامها في صناديق الإقتراع، بعيداً عن تكوين تيار سياسي عابر للطوائف والمناطق يترجم التغيير المنشود داخل مؤسسات الدولة.
ومع التحرر من الصمت الإنتخابي عشيّة إقفال صناديق الإقتراع مساء الأحد في 15 أيار، تتحرر المنظومة الحاكمة من وعودها الإنتخابيّة لتجد نفسها أمام حزمة من الضرائب تستعد الحكومة لإقرارها خلال الأسبوع المقبل قبل انتهاء عقد البرلمان الحالي ودخول الحكومة حكماً في مرحلة تصريف الأعمال، ومعها يدخل المجلس المنتخب في ورشة نيابية وحكومية ورئاسيّة جديدة.
وإذا كان الغموض يحيط بمصير الرئاستين الثالثة والأولى وهويتيهما، حتى تبيان مآل التكتلات النيابية الفاعلة في المجلس المقبل، فإن النظام الداخلي لمجلس النواب يوجب اجتماع المجلس في مهلة أقصاها 15 يوماً من بدء ولايته بناءً على دعوة أكبر أعضائه سناً وبرئاسته، لانتخاب هيئة مكتب المجلس المؤلفة من رئيس ونائبٍ له وأميني سر وثلاثة مفوضين في أول جلسة يعقدها بعد تجديد انتخابه. لتجد بذلك القوى السياسيّة نفسها أمام مرشح أوحد للطائفة الشيعيّة مع استئثار «حزب الله وحركة أمل» بالمقاعد الـ 27 العائدة للطائفة الشيعية، علماً أن أي خرقٍ للوائح «الثنائي الشيعي» يبقى قائماً ظاهرياً من دون أن يلقى الرابح تأييد القوى المعارضة لتشكيل رأس حربة في مواجهة إنتخاب الرئيس نبيه بري لولاية سابعة.
وفي السياق، برز إعلان العديد من المرشحين خلال حملاتهم الإنتخابية عدم تأييدهم لإعادة إنتخاب بري مجدداً، ليتبين من خلال المتابعة عدم معارضتهم الفعليّة له، كونه يمثل بالنسبة اليهم الخيار الشيعي اللبناني المؤمن بنهائية الكيان في مقابل إرتباط نواب «حزب الله» بمحور الممانعة وإيران.
وإن كانت الديمقراطية تقوم على مبدأ تداول السلطة، فإن التغيير المنشود في الرئاسة الثانية يبقى خارج المشهد المرجو، ليجد «البرلمانيون التغييريون» انفسهم أمام تلبية دعوة بري، الأكبر سناً، لترؤس جلسة إعادة إنتخابه لبداية عقده الرابع رئيساً لمجلس النواب. في حين تبقى العبرة في تأييد الكتل النيابية بعد فوزه في الدورة السابقة بأغلبية 98 صوتاً من أصل 128 نائباً، مقابل 29 نائباً صوّتوا بورقة بيضاء وورقة ملغاة.
ومع إعتكاف تيار «المستقبل» عن المشاركة في الإنتخابات، وعدم اتضاح خيار الشارع السنيّ، برزت إلى العلن معارضة العديد من المرشحين لإعادة إنتخاب بري لصالح الورقة البيضاء، مع إعلان النائب جورج عدوان عن «القوات اللبنانية» والنائب نديم الجميل عن «الكتائب» إلى جانب العديد من القوى التصويت بورقة بيضاء، في مقابل تأييد نواب اللقاء الديمقراطي إلى جانب حلفاء «حزب الله» لبري الذي يتطلب إنتخابه الحصول على الأكثرية المطلقة في الدورتين الأولى والثانية أي 65 نائباً، قبل أن تفضي الدورة الثالثة الى الإكتفاء في الأكثرية النسبية.
ومنعاً لتسجيل سابقة سقوط خيار المرشح للرئاسة الثانية أمام الورقة البيضاء في الدورتين الأولى والثانية، علم أن التيار الوطني الحر ونزولاً عند رغبة «حزب الله» وخلافاً للمواقف التي يطلقها في حملاته الإنتخابية، سيعيد تكرار سيناريو الدورة السابقة لجهة ترك الخيار لأعضائه بالتصويت بما يراه كل منهم مناسباً بما يضمن تأمين الميثاقية مقابل الحصول على تأييد الثنائي الشيعي لمرشح التيار لنيابة رئيس المجلس بعد خروج النائب إيلي الفرزلي من تكتل «التيار» الذي سبق أن رشحه في الدورة السابقة في وجه مرشح «القوات» أنيس نصار، وقد نال الفرزلي 80 صوتاً مقابل 32 صوتاً لنصار و4 أصوات للنائب نقولا نحاس من دون أن يترشح اضافة الى ورقتين ملغاتين إلى جانب ثماني أوراق بيضاء.
وتشكل هذه المعادلة أول إنتكاسة للقوى «التغييرية» التي ستجد نفسها مقيدة باحترام نتائج الإنتخابات وتدخل مجدداً في ألاعيب المنظومة الحاكمة وحساباتها بدءاً من الرئاسة الثانية مروراً بتكليف رئيس لتشكيل الحكومة وصولاً إلى ما ستفضي إليه الحسابات الإقليمية والدوليّة لاتضاح هوية الرئيس المقبل للجمهورية. فهل يرضخ المواطنون التواقون للتغيير إلى هذه المعادلة أم أن الخروج عن الدستور سيصبح حتمياً بعد الإنتخابات؟
أخبار ذات صلة
من دون تعليق
بري ،، يعرف او لا يعرف؟
أبرز الأخبار