25-04-2022
مقالات مختارة
دأب الصحافي محمد علي مقلد، على تناول مسار الانتخابات النيابية في دائرة الجنوب الثالثة من منطلق آحاديّ في التوصيف والتفنيد، مُصوّباً جامّ خُلاصاته التحليلية بوجه أحد أبرز المعارضين لـ"حزب الله" رئيس "القوّات اللبنانيّة" سمير جعجع.
قد يبدو أنّ في تناول الدكتور مقلد، نوعاً من التعرّض لشخصه، لكن ما سنسرده ليس سوى باباً فتحه الاخير بنفسه، يوم ارتضى أن يُحوّل قلمه المقروء وموقعه المحترم إلى توظيف سياسي يُستخدم لصالح "الحزب" ضد "القوات" شاء أو أبى، أدرك أو لم يدرك.
أن يُسخّف مقلد من المواجهة التي تقودها معراب على مساحة الوطن بوجه محور الممانعة لأجل خلاف وقع في دائرة انتخابية واحدة وعلى مقعد من هنا وهناك، وبغض النظر عن حقيقة الوقائع التي استرسل بشرحها واستفرد بعرضها، لهو من المستغرب بزمان دقيق، خاصة أنّ القاصي والداني، خصوم "الحزب" الفعليين وقادته المباشرين يعترفون بأنّ القلعة الاخيرة التي تقف بوجه إطباقهم التام على ما تبقّى هي "القوات"، ويُعلنون بجهرٍ عارم أنّ معركتهم الانتخابية وما بعدها هي ضد "القوات" ورئيسها.
قد يسأل البعض: ما غاية مقلد من هذا السلوك؟ حتماً نُخطىء إن خرجنا عن سياق الموضوعية وأصدرنا حكمنا الذاتي، كما أخطأ هو في رجم سمير جعجع وأخرج ما تيسّر له من قواميس لا تُشبه الّا قواميس الممانعة، وعليه نكتفي بسردٍ مقتضب لبعض مسيرته العلنية وهوامشها السرّية، ليُترك للقارىء الخلاصة.
محمد مقلد الرجل السبعيني المثقّف والمنتمي تاريخياً إلى الحزب الشيوعي، قد شاب علاقته مع الاخير العديد من الخلافات، فقد ترشّح بوجهه عام ٢٠٠٩ في الجنوب بعد تأسيسه حالة اعتراضية داخل الحزب وهو الذي يملك تأييداً واسعاً ضمن الجمهور الشيوعي وخاصة الملتزم منه في الجنوب، لكنّه عاد وبعد دراسة ذاتيّة معمّقة للفكر اليساري ابتعد أكثر وتنقّل بين أكثر من طرف سياسي، تارةً مع تيار المستقبل وطوراً مع حركة التجدد الديمقراطي التي كان يرأسها الوزير والنائب الراحل نسيب لحود.
تقلّبات مقلد، يضعها البعض في خانة التفتيش عن موقع سلطوي متقدّم، قد يكون حقاً مشروعاً في إطار عمله وسط الشأن العام، لكن تسقط ذريعته عندما نصل إلى جوهر إقداماته، فمن الامر المألوف عنه وسط معارفه هو تردّده في مواجهة حزب الله يوم يُصبح الامر خارج ميدان الكتابة، فبعد أن شارك في مؤتمر "فك شيفرة حزب الله" الذي أُقيم في الخليج بمعيّة الصحافيين علي الامين والشهيد لقمان سليم، سُرعان ما انقلب على نفسه فور عودته إلى لبنان، ناكراً مسؤوليته ودوره في المؤتمر واضعاً الامر على عاتق سليم.
حتّى أنّه وبعد اغتيال سليم، رفض مقلّد تلقّي اتّصال تعزية من قبل أحد الكهنة اللبنانيين القاطنين في فرنسا، خوفاً من أن يُربط بخانة "المعارضين الشيعة" لـ"المقاومة". ومن جملة تراجعاته هو رفضه التّام للمشاركة في مؤتمر ضخم كان يُعدّ لرجال النّخبة داخل الطائفة الشيعية ليكون نقطة انطلاق لتأسيس كيان معارض وصلب ضد سياسة المحور الايراني في قلب الجنوب، متسلّحاً بذريعة أنّ المؤتمر يحمل طابعاً طائفياً.
هذا الخوف من المواجهة المباشرة لـ"الحزب"، قد حمله في هذه الانتخابات النيابية، يوم اعتكف خلال تنسيقه لائحة المعارضة في الجنوب الثالثة مع الصحافي حارث سليمان على رفض انضمام "القوات" ومنع مشاركتها العلنية لا اقترعاً ولا ترشيحاً، إلتزاماً بالمعايير التي رفعها أمين عام حزب الله حسن نصرالله ونائبه العام نعيم قاسم والتي تقوم على "عدم التحالف مع أيّ قوّاتي"، وقد ذهب أبعد في مسايرة المحور الايراني السوري عبر ترشيح المحامي حسن بزي وهو أحد الناطقين المباشرين بإسم الممانعة.
كلّ ذلك، ليس سوى غيض من فيض خلافاته مع مَن رافقه في الحقل العام، وهو مَن انقلب أيضاً وأيضاً على ذكرى الشهيد جورج حاوي، يوم شنّ حملة تخوين بحقّ ابنته الآنسة نارا حاوي عندما نظّمت لقاءً تكريمياً لوالدها، لتردّ عليه الاخيرة بوضع كلّ مَن يُخرّب إحياء ذكرى الشهيد حاوي في خانة القتلة، مع العلم أنّ اعتراض مقلد على مشاركة الشيوعي قد نسفها بنفسه قبل فترة قصيرة عندما انضمّ إلى احتفال لمّ الشمل الشيوعي، ليُثبّت النّهج المتناقض قي تصرّفاته.
أخيراً، يبقى هذا التساؤل: هل في الانقلاب على أحد أبرز معارضي الاحتلال الايراني أيّ الشهيد لقمان سليم ومقاطعة إحياء ذكرى أحد رجالات التمرّد على الاحتلال السوري أيّ الشهيد جورج حاوي وممارسة الاغتيال المعنوي العلني والممنهج ضد رأس الحربة الاخير بوجه المحور السوري الايراني وحامل مشروع الدولة من الشمال حتّى الجنوب وأقاصي البقاع أيّ سمير جعجع، تستتبّ المعارضة السليمة بوجه دويلة حزب الله؟
أبرز الأخبار