23-04-2022
مقالات مختارة
احمد عياش
احمد عياش
انطوت زيارة رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية لموسكو قبل أيام، من حيث المضمون والتوقيت، على دلالات جديرة بالاهتمام لصلتها باستحقاق الانتخابات الرئاسية في لبنان الخريف المقبل. وفي هذا السياق، كانت لزعيم "المردة" مواقف أدلى بها خلال اللقاء مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف كانت واضحة جدّاً لجهة رؤية فرنجية لهذا الاستحقاق.
فما هي المعطيات؟
تفيد المعلومات التي وصلت إلى أوساط إعلامية في بيروت على صلة بموسكو، أنّ عميد الدبلوماسية الروسية استمع خلال استقباله الزائر اللبناني في 15 نيسان الجاري إلى قراءة فرنجية للتطوّرات في لبنان، خصوصاً أنّ المحادثات أتت بعد أيام قليلة من مأدبة الإفطار التي أقامها الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله وجمعت فرنجية ورئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل. وممّا قاله زعيم المردة لوزير الخارجية الروسي بحسب مصدر إعلامي قريب من القيادة الروسية:" أنا سأكون رئيس الجمهورية المقبل في لبنان. والانتخابات النيابية، التي ستُجرى الشهر المقبل، ستؤدّي إلى حصول فريقنا السياسي على 67 مقعداً". سأل لافروف ضيفه عن معلوماته عمّا يتردّد عن إمكان ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون للانتخابات الرئاسية، فلم يعلّق فرنجية على ذلك، بحسب الأوساط الإعلامية التي أوضحت أنّ ما ذكره فرنجية عن عدد المقاعد في البرلمان الجديد التي سيفوز بها فريق الأخير السياسي، قد يكون أكثر من المتوقّع البالغ 65 مقعداً.
ولفتت هذه الأوساط إلى أنّ للإدارة الروسية "موقفاً سلبياً جدّاً" من النائب باسيل على خلفيّة موقف الأخير من الحرب في أوكرانيا.
إلى ذلك، كان لافتاً ما قاله لافروف في اللقاء عن توفير الاستقرار في لبنان خلال المرحلة الدقيقة التي تجتازها منطقة الشرق الأوسط. فهو دعا إلى ضبط الحدود الشرقية بين لبنان وسوريا، وإقفال كلّ المعابر غير الشرعية، على أن تكون السلطات اللبنانية وحدها المخوّلة ممارسة سيادتها على المعابر الشرعية.
بماذا ردّ لافروف؟
وفق المعلومات الرسمية الروسية عن اللقاء، فقد قال لافروف لفرنجية: "نريد بصراحة مساعدة أصدقائنا اللبنانيين في حلّ المشاكل التي تصرف انتباهكم في السنوات الأخيرة بشكل أو بآخر عن الأغراض النافعة، وتطوير دولتكم وتعزيز أمنها".
وأضاف: "نعتقد أنّ من المهمّ مبدئياً الحفاظ على المبادئ التي تعتمد عليها الدولة المعاصرة في لبنان، والتي ندعو دائماً إلى تعزيزها، ولا سيّما خلال عملنا ضمن مجلس الأمن الدولي".
وشدّد وزير الخارجية الروسي على أنّ موسكو "تتبع هذا النهج في اتصالاتها المنتظمة مع الممثّلين للطيف السياسي في لبنان بكامله".
تتلاءم، على ما يبدو، مواقف وزير الخارجية الروسي المتعلّقة بالاستقرار في لبنان مع المعلومات التي أوردتها صحيفة "الشرق الأوسط" نقلاً عن مصادر معارضة سورية أفادت عن انسحابات روسية من مواقع عدّة في سوريا، ونقل جزء من القوات الروسية إلى جبهات القتال في أوكرانيا، ومغادرة طائرات كبيرة من طراز "إليوشن" و"أنتونوف" و"توبوليف" قاعدة حميميم الجويّة الروسية في ريف اللاذقية، إلى روسيا، خلال الأيام الأخيرة الماضية، فيما تستمرّ التدريبات على الطائرات الحربية الروسية بشكل روتيني في الأجواء السورية.
ماذا يُستفاد ممّا سبق في ما يتّصل بمحادثات فرنجية في موسكو؟
تجيب الأوساط الإعلامية قائلة إنّ الثقة التي أبداها زعيم "المردة" بشأن وصوله إلى سدّة الرئاسة ناجمة أوّلاً عن موقف "حزب الله" الذي حرص زعيمه على جمع الحليفين اللدودين إلى مأدبة إفطار في 8 نيسان الجاري، استباقاً لنزاعات محتملة بينهما، نتيجة الرغبة غير المكتومة عند باسيل، ومن ورائه الرئيس ميشال عون، بأن يستمرّ عهد عون في الأعوام الستة المقبلة من خلال صهره. ولا تستبعد هذه الأوساط أن يكون العهد قد بدأ يهيّئ الأجواء المناسبة للضغط على حليفه، "حزب الله"، كي يعود عن موقفه الحالي المؤيّد لفرنجية انطلاقاً من وعد قطعه عام 2016 عندما قرّر زعيم "المردة" أن ينسحب من ساحة المنافسة كي يصل الجنرال عون إلى قصر بعبدا، على أن يكون فرنجية هو صاحب الحظ الأوفر في السباق الرئاسي عام 2022.
لعلّ من باب الضغوط المشار إليها، ما صرّح به الرئيس عون بعد قدّاس الفصح في بكركي الأحد الماضي، إذ قال، ردّاً على ما يقوله أهالي شهداء مرفأ بيروت الذين حاولوا لقاءه وهم لا يعرفون حتى الآن حقيقة مَن فجّر مدينتهم: "عليهم أن يتوجّهوا إلى معرقلي القضاء، وجميعكم تعلمون من هو المعرقل، فمن أوقف مجلس الوزراء؟ لماذا تسألون أسئلة تعرفون جوابها؟".
إذن لا تبدو الأنباء الآتية من موسكو طيّبة لصهر العهد، كما هي كذلك لمنافسه الزعيم الشمالي. لكن حتى موعد الانتخابات الرئاسية، تبقى الآفاق مفتوحة على شتّى أنواع المفاجآت.