03-04-2022
مقالات مختارة
سعد الياس
<p>اعلامي لبناني</p>
تتجه الأنظار في الانتخابات النيابية المقبلة إلى دائرة جبيل كسروان ذي الأغلبية المارونية لمعرفة إن كان سيتمكن حزب الله في هذه الدورة من تحقيق اختراق من خلال مرشحه رائد برو، أم سيكون مصيره كمصير سلفه الشيخ حسين زعيتر الذي رسب في انتخابات 2018 على الرغم من نيله 12300 صوت مقابل نجاح المرشح مصطفى الحسيني الذي نال فقط 259 صوتاً.
ومرد خسارة مرشح حزب الله في تلك الانتخابات هو عدم تمكن لائحته من تأمين الحاصل بسبب رفض رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل حينها قبول التحالف مع مرشح حزبي، فوصل الحسيني صديق رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي كان متحالفاً مع النائب السابق فارس سعيد في جبيل ومع الكتائب والنائب فريد هيكل الخازن في كسروان.
أما اليوم، فالمشهد مختلف إذ إن باسيل، المضطر لرفده بالأصوات من قبل حزب الله في كل الدوائر لتأمين أكثر من حاصل انتخابي، لم يشتبك مع حزب الله بل يوافق على ضم مرشحه إلى لائحته في كسروان وجبيل ما يرفع من حظوظ فوز رائد برو رغم ما يثيره هذا الفوز من حساسية لدى أبناء المنطقة المعروفة بتوجهاتها المناهضة لمحور الممانعة ونفوذ إيران. وإذا تحقق هذا الفوز سيكون الأول من نوعه لحزب الله في هذه الدائرة، ويسهم قانون الانتخاب القائم على النظام النسبي وليس على النظام الأكثري في تحقيق مثل هذا الاختراق تماماً كما تمكّن مرشح القوات اللبنانية انطوان حبشي من تحقيق الفوز في دائرة بعلبك الهرمل ذي الأغلبية الشيعية الساحقة حيث تحالف يومها مع مرشح «تيار المستقبل» بكر الحجيري.
بالموازاة، هناك مرشحون شيعة آخرون على باقي اللوائح التي تتنافس مع التيار الوطني الحر. فلائحة القوات اللبنانية تضم المرشح الدكتور محمود عواد، ولائحة النائب السابق فارس سعيد التي ستُعلن ظهر الأحد من قرطبا تضم المحامي مشهور حيدر أحمد، فيما لائحة النائب المستقيل نعمت افرام تضم المرشح أمير المقداد ولائحة النائب فريد الخازن تضم أحمد هاني المقداد. وتبقى لعبة الأرقام هي التي تحسم النتيجة النهائية ومَن سيفوز من المرشحين الشيعة باللوحة الزرقاء وإذا كان سيناريو نجاح مصطفى الحسيني الذي نال أقل الأصوات التفضيلية سيتكرّر ليظفَر بمقعد نيابي تتصارع عليه لوائح كثيرة.
وقبل شهر ونصف الشهر من موعد الانتخابات، يتوقع أن ترتفع حدة الحملات الإعلامية والسياسية المتبادلة بين حزب الله وخصومه. فالحزب نبّه بأن كل من يصوّت للائحة تضم مرشحاً عن القوات كأنه يصوّت لقتلة كمين الطيونة، معتبراً أن البعض يسعى لتحقيق أغلبية بهدف التطبيع مع إسرائيل، ليردّ عليه رئيس حزب القوات سمير جعجع بأن كل من يصوّت لحزب الله كأنه يصوّت لقتلة الرئيس رفيق الحريري و7 أيار/مايو.
ومن المعلوم أن أبناء الطائفة الشيعية بقوا في منطقة جبيل وجردها طيلة الحرب الأهلية ولم يطالهم التهجير، لكن العديد منهم باتوا مؤيدين لحزب الله منذ سنوات وباتوا يستقوون بسلاحه لوضع اليد على أراضي للمسيحيين في جرد جبيل وخصوصاً في بلدة لاسا حيث أراض لمطرانية جونية المارونية ما خلق أجواء مشحونة بينهم وبين أبناء المنطقة والكنيسة المارونية.
وعلى الرغم من تكليف حزب الله للشيعة بعدم التصويت للوائح القوات، فإن النائب السابق محمود عواد إنضم إلى لائحتهم في جبيل وزار معراب للقاء جعجع حيث صرّح: «انا كشيعي عربي معتدل أوجّه رسالة من معراب ليس لأكون ضد الطائفة الشيعية لا سمح الله، بل لتقريب وجهات النظر ونبذ الكراهية والتشنّج والشحن الطائفي والمذهبي، باعتبار ان لبنان لا يعيش إلا بجناحيه المسيحي والمسلم، فقدرنا ان نتسامح لنبني سوياً لبناننا الغالي، لبنان 10452 كلم مربع بجيشه القوي وأجهزته الأمنية، لأن هيدا بلدنا وما عنا غيرو». وأضاف «خيارنا الحياد الذي بشّر به غبطة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، مستثنياً إسرائيل الغاصبة، خيارنا عدم التطرف للعيش بأمان وسلام واستعادة حياة البحبوحة والرخاء، كما كنا قبل ثورة 17 تشرين/أكتوبر، خيارنا عربي لاستعادة علاقاتنا العربية الطيبة والانفتاح على كل العرب مع احترامنا المتبادل مع الجميع، خيارنا إعادة العجلة الاقتصادية والاستثمارات العربية والدول الصديقة، خيارنا عودة لبنان ليكون مصيف العرب ومدرستهم وجامعتهم ومستشفاهم ومصرفهم إذ ما من غنى عن الأخوة العرب».
أما رئيس القوات فتوجّه إلى المواطنين الشيعة في لبنان عموماً وجبيل خصوصاً، بالقول: «لا يحاولنّ أحد ان يفصل بيننا وبينكم، فأكثر من يتعذّب اليوم هم المواطنون الشيعة، حال جميع اللبنانيين، على خلفية تصرفات حزب الله، إذ هناك تضييق على الشيعة في العالم ولا سيما في لبنان. من هذا المنطلق، نؤكد لكم ان وجعكم وجعنا، والحلول التي نطرحها للخروج من الأزمة التي يتخبط بها لبنان تصب في مصلحة الجميع من كل الطوائف، وليس المسيحيين فقط، باعتبار اننا نعيش في جهنم واحد من صناعة واحدة معروفة المصدر».
بدوره، فإن فارس سعيد المعروف بخصومته الشديدة لحزب الله والمنادي برفع الاحتلال الإيراني عن لبنان، يضم على لائحته مرشحاً شيعياً معتدلاً من نسيج منطقة جبيل. ويرفض سعيد الحديث عن فوز حتمي لحزب الله بالمقعد الشيعي في جبيل، ويرى فيه «محاولة لضرب معنويات أي مرشح شيعي من العائلات ودفعه إلى عدم استكمال المعركة». ويؤكد سعيد «نحن أبناء هذه المنطقة دافعنا عن العيش المشترك قبل الحرب وخلالها وبعدها نقول إرفعوا أيديكم عن جبيل أهل مكة أدرى بشعابها».
ويواجه نائب جبيل السابق دعوى مرفوعة ضده من قبل الحزب، كما يواجه حملات من جانب مسؤولي الحزب ولاسيما من جانب نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم الذي قال لسعيد «من أنت؟ وشو خصّك إذا الناس اختارت الاستاذ برو؟».
وقد ردّ سعيد «نحن قوم نعشق الحرية سجّل سماحة الشيخ سألتني من أنت؟ أنا فرد من جماعة ستقلب نتائج انتخابات جبيل كسروان على رأس حزب الله» وأضاف «إلى الشيخ نعيم قاسم مشكلتي مع ادخال نائب منظّم لحزب الله في جبيل كسروان تتجاوز المشكلة السياسية. انه خلاف ثقافي. نحن مع البحور والمهرجانات والكازينو والـ top less والجمال والفرح والسلام والسياحة والازدهار.. انتم مع ثقافة الموت…وتنسفون جمال العيش المشترك بيننا وبينكم».
أخبار ذات صلة