03-03-2022
مقالات مختارة
كلير شكر
صحافية لبنانية
يتضمّن جدول أعمال مجلس الوزراء الذي سيعقد غداً الجمعة، مشروعي قانونين يتناولان الطاقة، الأول لحفظ الطاقة والثاني لإنتاج الطاقة المتجددة. ويُقصد بالطاقة المتجدّدة: الطاقة الشمسية، طاقة الرياح، الطاقة المائية... وذلك على أثر منح مجلس الوزراء موافقة مبدئية على الخطّة التي تقدّم بها وزير الطاقة وليد فياض لتنظيم القطاع بالتوازي مع إقرار سلّة شروط وتعديلات يفترض به إدخالها على الخطّة قبل إعادتها إلى مجلس الوزراء لإقرارها.
في الواقع، يواجه لبنان تحدّياً أساسياً، وهو عدم توفّر السيولة بالعملة الصعبة لشراء الفيول أويل لتشغيل معامل الإنتاج، فيما الخزينة العامة تغرق في ديونها التي ذهب ثلثها لتغطية دعم تعرفة الكهرباء، ما يقود إلى طرح تساؤلات أساسية: من هي الشركة العالمية التي ستخاطر بمشاركة دولة مفلسة لبناء معامل إضافية؟ هل تمّ تحديث الدراسات عن مدى حاجة لبنان إلى الطاقة بعد النزيف البشري الذي يتعرّض له بفعل الهجرة؟ لماذا اللف والدوران في خطط لا تبتغي إلّا شراء الوقت والضحك على الناس بينما الذهاب نحو خصخصة هذا القطاع ضمن قيود رقابية صارمة هو الشرّ الذي لا بدّ منه في نهاية المطاف؟
من هنا، تكمن أهمية المشروع الموضوع على طاولة مجلس الوزراء كونه يتيح إنتاج الطاقة المتجدّدة والاستثمار فيها لا سيّما أنّ لبنان التزم بتعهدات دولية تهدف إلى التخفيف من الانبعاثات الدفيئة بنسبة 30% مع حلول العام 2030، كما التزم وطنياً بإنتاج طاقة متجدّدة 30% بحلول العام 2030 فيما لم تتخط نسبتها راهناً الـ6% وهي بمعظمها تعود إلى معامل إنتاج كهرومائية عمرها عقود من الزمن إلى جانب مبادرات فردية لجأت إلى الطاقة الشمسية مع توسّع نطاق العتمة.
وقد تمّ العمل على مشروع قانون إنتاج الطاقة المتجددة الموزّعة خلال السنتين المنصرمتين بتمويل من البنك الأوروبي للتنمية بالتعاون مع وزارة الطاقة ومؤسسة كهرباء لبنان التي عملت على نحو جديّ ومكثف من خلال خبراء قانونيين وتقنيين لوضع الصيغة النهائية.
وقد وضع هذا المشروع الذي يتناول إنتاج الطاقة النظيفة المتجددة بكافة أنواعها إلى حدود الـ 10 ميغاواطات ليكون مكملّاً للقانون 462/2002 (قانون تنظيم الكهرباء) لا نقيضاً أو مخالفاً له. وهو يسمح بإنتاج الطاقة المتجددة، ويحفّز القطاع الخاص على الاستثمار في هذا المجال كون القوانين المرعية الإجراء لا تسمح في بيع الطاقة المتجددة بشكل مطلق، فيما المطلوب من القطاع الخاص الدخول في شراكة من خلال بناء منشآت ومعامل من دون الحصول على امتياز بيع الطاقة، فيما المشروع المقترح يفتح هذا الباب.
يتناول المشروع الـNet metering على كافة أنواعها، ما يعني إنتاج الطاقة على مستوى الأفراد والوحدات السكنية وبيعها إلى القطاع الخاص مباشرة كما إلى مؤسسة كهرباء لبنان. هذا الأمر متاح راهناً حيث يمكن تبادل إنتاج الطاقة النظيفة مع مؤسسة كهرباء لبنان فيما يفتح هذا المشروع نافذة بيعها مقابل بدل مالي. ويسمح بإنتاج الطاقة ليس فقط بهدف الاستخدام الخاص وإنما لأهداف تجارية تستهدف مجموعات سكنية، كذلك يمكن التوسّع في استخدام الطاقة المنتجة عبر استجرارها من منطقة إلى أخرى، وحينها يمكن لمؤسسة كهرباء لبنان أن تستفيد من هذه الخدمة من خلال استخدام شبكتها لقاء بدل مالي. ما يعني أنّ هذا المشروع في حال تنفيذه يصبح باباً لتأمين مداخيل لمؤسسة كهرباء لبنان، بالتوازي مع تخفيف الضغط على معامل إنتاجها وأكلافها.
وينصّ المشروع على أنّه يطبّق على إنتاج الطاقة المتجددة الموزّعة والتي تستفيد من مختلف ترتيبات نظام التعداد الصافي، وهي:
- نظام التعداد الصافي لمالك منفرد.
- تجميع مقاييس العدادات الأساسية.
- تجميع عدادات المستأجرين و/أو المالكين.
- نظام التعداد الصافي الافتراضي أو الجماعي.
كما نصّ على أنّه يطبّق على إنتاج وبيع الطاقة المتجددة عبر اتفاقيات شراء الطاقة في الموقع وخارج الموقع.
كما لحظ أنّ مؤسسة كهرباء لبنان هي الجهة المخوّلة تنظيم هذا القطاع والتي تُعنى بأمور الطاقة. وقد أخذ العاملون عليه، في الاعتبار احتمال تعيين هيئة ناظمة من خلال الإشارة إلى جهة «من يقوم بمقام مؤسسة كهرباء لبنان»، أي في حال تعيين هيئة ناظمة لضمان استمرارية هذا القانون وعدم الحاجة إلى أي تعديل.
كما يلحظ إنشاء مديرية عامة في مؤسسة كهرباء لبنان تعنى بالطاقة المتجددة وهي خطوة ايجابية قد تسمح للمؤسسة باختراق مجالات متطورة ومواكبتها. ويسمح هذا الإطار القانوني بتحفيز القطاع الخاص على ضمان الاستمرارية خصوصاً أنّ «النيت ميترينغ» الذي يتيح التبادل الطاقوي يخضع راهناً للتجديد بشكل سنوي، ما يعني أنّه في حال تعليق هذا الإطار قد يتوقف العمل في عملية التبادل ويذهب الاستثمار سدى. من هنا الحاجة إلى قانون يكفل الاستمرارية.
تبقى الإشارة إلى خشية بعض المعنيين من تعرضه لعملية «تشويه مقصودة» بالمضمون لا سيما في ما خصّ الصلاحيات المعطاة لمؤسسة كهرباء لبنان ووضعها بتصرّف وزارة الطاقة بشكل قد يحول دون تطبيقه كون أهميته تكمن في إنشائه وحدة متكاملة في مؤسسة كهرباء لبنان إلى حين تعيين الهيئة الناظمة. أمّا مشروع قانون حفظ الطاقة الذي تأخّر المشرّع في إقراره فيتضّمن تحفيزات لحفظ الطاقة في المباني التي سيتم تشييدها في المستقبل وتلك القائمة، للتوعية التربوية بهذا الشأن حيث تؤدي وزارة البيئة دوراً أساسياً من باب تشجيع كل المواد التي لا تستهلك الطاقة.
بالنتيجة، المشروعان يصنّفان إصلاحيين استثمرت فيهما الجهات المانحة من خلال تمويل الخبرات والدراسات اللازمة ليريا النور ولن تكون بوارد الاستمرار في التمويل إذا لم ينجح هذا «الاختبار» شرط عدم التلاعب بالمشروعين، فيما البلاد غارقة في العتمة مع أنّها غنيّة بكل عناصر الطاقة المتجددة من شمس ومياه ورياح...
أبرز الأخبار