مباشر

عاجل

راديو اينوما

ositcom-web-development-in-lebanon

تداعيات ملاحقة سلامة خطيرة ولا إجراءات حكومية للتحوّط من المخاطر

19-02-2022

محليات

None

يتعرض حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لضغوطات مؤخراً حيث قامت عناصر أمنية بمحاولة إعتقاله بناءً على طلب القضاء الذي يتهمّه البعض بأن مُسيّر سياسيًا. وبغضّ النظر عن مسؤولية الحاكم الحالي في ما يحصل والتي تبقى من صلاحيات القضاء، إلا أن الإهانة التي يتعرّض لها شخص الحاكم، ليست من ممارسات القضاء اللبناني الذي كان مرجعًا في ستينات القرن الماضي. وهنا يُطرح السؤال: هل كل ما يحدث هو لتحميل سلامة وحده أعباء الكارثة المالية أو أن الهدف ترويض سلامة ؟

 

المنطق يقول أن على السلطة التنفيذية أي الحكومة، في حال شكّت بإرتكاب الحاكم مخالفات قانونية، أن تعمد إلى إقالته من منصبه ومن ثم مُحاسبته أمام القضاء. أمّا أن تتمّ الأمور كما يحصل حاليًا، فهو تدمير للمؤسسات الدستورية سيكون لها تداعيات سيئة جدًا حتى لو فرح البعض بإهانة وإعتقال الحاكم المركزي.

 

من الواضح أن القوى السياسية لا تعي خطورة ما يحدث في ملف الحاكم على الوضع الإقتصادي والمالي والنقدي. فما يتعرّض له الحاكم وهو في منصبه (بغض النظر عما إذا كان بريئًا أو لا) سينعكس على المستوى العالمي على الدولة اللبنانية من بوابة المصارف المراسلة التي تتلقّى مستندات (فتح إعتمادات أو غيرها) عليها توقيع حاكم ملاحق قضائيًا. وهو ما قد يدفعها إلى إغلاق حسابات مصرف لبنان وبالتالي تعريض لبنان إلى أزمة إستيراد حادة! أيضًا لا يعي المسؤولين مدى الضرر على المفاوضات التي تقودها الحكومة مع صندوق النقد الدولي. الجدير ذكره أن لبنان ممثّلًا في صندوق النقد الدولي بشخص حاكم مصرف لبنان، فأي صورة يُعطي المعنيون للصندوق وأي مصداقية سيكتسبون؟

 

مُشكلة لبنان الأولى والأخيرة هي بماليته العامّة التي قامت على عجز في الموازنة وإستدانة مفرطة غذّت إلى حدٍ بعيد الفساد المُستشري في دوائر الدولة. الحاكم سلامة حافظ على ثبات نقدي أمّن الرفاهية والطمأنينة للمواطن اللبناني. لكن الإستدانة التي قامت بها الحكومات المُتعاقبة على مدى عقود أوصلت البلد إلى مستوى لم يعد يستطيع حمل ثقل خدمة الدين العام. الدولة اللبنانية كانت تقترض بعملة أجنبية من دون أن يكون لها أي ملاءة بهذه العملة. الدولارات ذهبت بنسبة كبيرة إلى مؤسسة كهرباء لبنان، والبعثات الديبلوماسية، والمشاريع العامة التي لا جدوى منها! وفي كل مرّة كان المسؤول عن إصدار سندات اليوروبوندز هي وزارة المال من دون أن يكون للمصرف المركزي أي علاقة بهذه الإصدارات.

 

أما إقتصاديا، فقد ذهبت الدولارات إلى الإستيراد الذي منعت الحكومات المُتعاقبة رفع الرسم الجمركي أنذاك لتخفيف خروج الدولارات وكل ذلك خدمة للتجار!

 

مطالبة المجتمع الدولي للحكومة اللبنانية بإجراء إصلاحات، بدأت في العام 2002، ومنذ ذلك الوقت لا يوجد أي إصلاح إقتصادي أو مالي يُمكن تسجيله على رصيد أي حكومة من الحكومات التي حكمت في هذه الفترة. أكثر منذ ذلك، 27 مليار دولار أميركي من المال العام مجهول المصير في حسابات الدولة اللبنانية بإعتراف وزارة المال من دون أن يتحرّك القضاء على هذه المعلومات، وهو ما يُبرّر إلى حدٍ بعيد غياب قطوعات الحسوبات منذ العام 2003.

 

مسؤولية الحكومات هي على الموازنات التي سجّلت عجز سنوي في كل السنين وموّلته من خلال الإستدانة، فأي مسؤولية للمصرف المركزي الذي لا يُعطيه الدستور أي سلطة على الموازنة؟ التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان مُحقّ وهو مطلب كل لبناني، لكن لماذا لا يوجد أي تدقيق جنائي في حسابات الدولة اللبنانية التي تفتقر إلى 27 مليار دولار من الأموال المجهولة المصير بإعتراف وزارة المال؟ لماذا لا يتمّ التدقيق في حسابات مؤسسة كهرباء لبنان التي إستهلكت 50 مليار دولار أميركي مع خدمة توازي الصفر؟

 

كل هذا يدفعنا إلى القول أنه على الرغم من أن المساءلة لأي شخص في منصب رسمي هي حق، إلا أن توقيت ملاحقة حاكم المصرف المركزي في هذا الوقت والطريقة المُهينة تخفي خلفها أهداف سياسية واضحة المعالم على أبواب الإنتخابات النيابية.

 

المخاطر التي قد تنتج عن ملاحقة سلامة تطال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وموازنة الحكومة التي تعتمد على سعر دولار منصة صيرفة، ودولار السوق السوداء. وبحسب التحاليل التي قمّنا بها، لم تأخذ الحكومة أي إجراءات للتحوّط من هذه المخاطر. وبالتالي فإن السيناريوهات المطروحة للمرحلة المقبلة تتراوح بين الإستمرار في الوضع الحالي مع تآكل مُستمر في الواقع الإقتصادي والمالي، وبين تردّي سريع للوضع الإقتصادي ناتج عن صعوبات في الإستيراد. وفي كلا الحالتين ستزداد مُعاناة المواطن مع فارق أنه في ظل السيناريو المُتشائم المعاناة ستكون أكبر وحصولها أسرع.

ositcom-web-development-in-lebanon

مباشر

عاجل

راديو اينوما