10-02-2022
مقالات مختارة
ملاك عقيل
ملاك عقيل
حتّى بعد ظهر يوم الثلاثاء (الأربعاء يوم عطلة) لم يكن قد قُدِّم إلى وزارة الداخلية سوى ثمانية ترشيحات إلى الانتخابات النيابية. خمسة طلبات تحت خانة "تسجيل نهائي"، أي استوفت الشروط المطلوبة، وثلاثة تحت خانة "مؤقّت" تحتاج إلى استكمال بعض الأوراق. حتى الآن ليس هناك ترشيحات ذات رمزية سياسية. فتأجيل الانتخابات احتمال قائم تماماً كما الإصرار على إجرائها في موعدها في 15 أيار المقبل. والأهمّ أنّ الترشيح، أو العزوف عنه، تحكمه للمرّة الأولى سلسلة اعتبارات مختلفة عن كلّ دورات الانتخابات الماضية، وتحديداً على مستوى الترشيحات السنّيّة. تقول مصادر وزارة الداخلية لـ"أساس": "قلّة الترشيحات حتى الآن ليست مؤشّراً سلبياً. فقد صدر مرسوم دعوة الهيئات الناخبة في وقت مبكر. وفتح باب الترشيح في 10 كانون الثاني، أي قبل أكثر من أربعة أشهر على الانتخابات، هي رسالة سياسية تعكس جهوزيّة الوزارة للالتزام بموعد الاستحقاق النيابي". تنتشر تسريبات بشكل مستمرّ عن احتمال الطعن ببعض موادّ القانون. الأمر الذي قد يفتح الطريق أمام تأجيل الانتخابات. معلومات "أساس" تشير إلى أنّ الدورة الاستثنائية لمجلس النواب، وعلى الرغم من إدراج رئاسة الجمهورية على جدول أعمالها بنداً حول "مشاريع واقتراحات قوانين مرتبطة بالانتخابات النيابية"، لن تشهد تقديم طعن. وتحدّثت معطيات عن احتمال تقديم طعون حول تعيين رؤساء لجان القيد والمهل وفتح باب الترشيح قبل تعيين هيئة جديدة للإشراف على الانتخابات وقبل تمديد عمل الهيئة الحالية (الهيئة معنيّة بمراقبة الترشيحات والإنفاق الانتخابي والحملات الانتخابية في الداخل والخارج). الأهمّ ما قيل عن الطعن المحتمل في المادّة المعدّلة حول اقتراع المغتربين في الدوائر الـ15 وتعليق العمل بالدائرة 16 (دائرة المغتربين)، والمادة 112، لجهة استحداث ستّة مقاعد للاغتراب. لا توجّهات للطعون يؤكّد مصدر نيابي لـ "أساس" أنّ "فتح الدورة الاستثنائية لمجلس النواب لن يترافق مع توجّه أيّ من القوى السياسية للطعن ببعض موادّ قانون الانتخاب، خصوصاً في ما يتعلّق بمسألة اقتراع المغتربين عبر العودة عن التعديل الذي حصر اقتراعهم فقط بالدوائر الـ 15"، مشيراً إلى أن "عدم وجود مصلحة لأيّ حزب بأن يُحشَر في زاوية الاتّهام بعرقلة حصول الانتخابات على الرغم من التوجّس القائم من تأثير بلوك المغتربين في بعض المناطق الانتخابية". في السياق نفسه يقول نائب التيار الوطني الحر آلان عون لـ"أساس": "على الرغم من كلّ التسريبات التي تتحدّث عن صفقة من ضمنها تعديل المادّة المتعلّقة باقتراع المغتربين وربطها بمسار ملفّ تفجير المرفأ، فإنّ هذه التسريبات غير صحيحة. فالتيار لن يقدّم اقتراح قانون لتعديل هذه المادة مع أنّه كان من المُحبّذين لفكرة دائرة المغتربين، إلا أنّ الأكثرية النيابية رفضتها". يضيف عون: "سبق لتكتّل لبنان القوي أن قدّم أمام المجلس الدستوري طعناً ببعض الموادّ المُعدّلة في قانون الانتخاب كان مبنيّاً على الأسباب التي ردّ على أساسها رئيس الجمهورية ميشال عون قانون تعديل قانون الانتخاب. ثمّ كان الـ"لا قرار" من المجلس الدستوري بسبب عدم تأمين أكثريّة سبعة أعضاء من أصل عشرة لصدور القرار، فاُعتُبر القانون المطعون به ساري المفعول، وانتهى الأمر هنا. وتركيزنا حالياً قائم على الاستعداد للانتخابات النيابية ونسج التحالفات". الانتخابات البلديّة: "تطنيش"! لكنّ "وهج" الانتخابات النيابية لا يحجب مأزق السلطة، التي تدّعي حرصها على احترام الاستحقاقات، في التفتيش عن مخرج في ما يتعلّق بالانتخابات البلدية التي تسبق الانتخابات النيابية بأسبوعٍ واحد. وَعَد وزير الداخلية بسام المولوي بطرح الموضوع على مجلس الوزراء، ومصادر رئاسة الحكومة تردّ في المقابل عبر "أساس" أنّها "لم تتسلّم شيئاً من الداخلية بعد. والموضوع لم يُطرح بشكل جدّيّ حتى الساعة". كرّر المولوي أكثر من مرّة أنّ وزارة الداخلية ليست جاهزة لوجستياً وأمنياً لإجراء الاستحقاقين في التوقيت نفسه. لكن بعد عدّة جلسات للحكومة لم يظهر "طيف" مشروع القانون الذي سيشرّع تأجيل الانتخابات البلدية والمتوافق عليه مسبقاً في الأروقة المغلقة. فيما لم يُعرف بعد إذا كان التأجيل سيتمّ عبر مشروع قانون للتمديد للمجالس البلدية والاختيارية تحيله الحكومة إلى مجلس النواب، أو من خلال تقديم اقتراح قانون خلال الدورة الاستثنائية في الهيئة العامة. حتى الآن لم تقدّم السلطة أجوبة مقنعة تفسّر إصرارها على إجراء الانتخابات النيابية في مقابل "تطنيش" كامل عن الاستحقاق البلدي الذي يوازيها أهميّة، ولا سيّما إذا كنّا نتحدّث عن بدء ورشة إصلاحات و"تطهير" فيما تُعتبَر بعض البلديّات وكراً مفضوحاً للكثير من الصفقات والمشاريع المشبوهة واستغلال النفوذ وجني الثروات. تقصير ميقاتي بالتأكيد فإنّ تزامن الاستحقاقين النيابي والبلدي لا يمنح رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والقوى السياسية أسباباً تخفيفيّة تقلّل من تداعيات تقصير السلطة، حتى في ظلّ أزمة مالية كبيرة، عن مواكبة استحقاق أساسي يأخذ شكل المحاسبة غير المباشرة لأهل السلطة الذين واظبوا على "زرع" رجالاتهم وأدوات شغلهم في البلديّات وحوّلوهم إلى مفاتيح انتخابية تضمن دخولهم ساحة النجمة. ويُتوقّع أن يلعب هؤلاء مع المخاتير مرّة جديدة دوراً في رفد المرشّحين بالأصوات و"التفضيلي". كان بالإمكان، وفق متابعين، أن تحصل الانتخابات البلدية والنيابية في التوقيت نفسه عبر ثلاثة "صناديق" نيابية وبلدية واختيارية. لكنّ السلطة اختارت التعاطي بخبث، مشوب بخفّة ولامسؤولية، مفضّلة دفن رأسها في الرمال حتى اللحظة الأخيرة قبل أن تقول كلمتها المتوقّعة بالتأجيل. المفارقة أنّ البيان الوزاري لحكومة ميقاتي لم يشِر إلى الانتخابات البلدية بل فقط النيابية. وعلم "أساس" أنّ حزب الله وخلال إعداد البيان الوزاري اشترط عدم تضمينه أيّ إشارة إلى "البلدية"، والجميع بَصَمَ من دون معارضة تُذكر. حتّى الآن لا توافق على مدّة التأجيل الذي لن يكون أقلّ من سنة، وفق تأكيد مصدر وزاري. لكن بالتزامن ثمّة "شغل تشريعي"، متأخّر جدّاً وغير مضمون النتائج، لصياغة قانون جديد وعصري للانتخابات البلديّة يعطي صلاحيّات أكبر للبلديات في مجال الإنماء والتطوير وتسيير المعاملات الإدارية وتعزيز الموارد المالية.