03-02-2022
محليات
لم يعش لبنان والشعب اللبناني فسادًا بهذا الشكل كما هو الان! عصابات ومافيات تسرق الشعب على مرأى من الدولة وبحماية أصحاب النفوذ من دون أي حسيب أو رقيب على الجرائم التي يرتكبها يوميًا التجار والمافيات بحق الشعب.
هل يُعقل أن ينخفض الدولار من 34 ألف ليرة إلى 20 ألف ليرة وأسعار السوبرماركات بالكاد إنخفض قسم منها في حين أن القسم الأخر ارتفع؟
الدولار الذي وصل إلى أقل من عشرين ألف ليرة في السوق السوداء التي يعتبرها التجار مرجعهم في التسعير، وعلى الرغم من ذلك لم يلحظ المواطن أي إنخفاض في أسعار السلع والبضائع والمواد الغذائية والخدمات. كل هذه الأسعار ما زالت على سعر دولار يفوق الـ 35 ألف ليرة!
مخزون السوبرماركات والتجار الذي يفرغ بسرعة البرق عند صعود الدولار مقابل الليرة اللبنانية، لا يفرغ حين ينخفض الدولار! مثال صارخ عن حجم الفساد في قطاع يطغى عليه الإحتكار المحمي من أصحاب النفوذ. إحتكار وتهريب وتحقيق أرباح كل ذلك من دون دفع ضرائب للدولة في مخالفة فاضحة للقوانين المرعية الإجراء، فأين الحكومة من هؤلاء الفاسدين؟
الدولار إنخفض إلى مستوياته الحالية منذ أكثر من خمسة عشر يومًا من دون أن تهتز الأسعار في المتاجر. كل المواد الغذائية الأساسية بقيت على حالها (سردين مثلًا) في حين إرتفع سعر البعض الأخر (حليب مثلًا). وزارة الإقتصاد التي تتفادى إستهداف التجار الكبار من مستوردين وسوبرماركات خوفًا منهم ومن الحماية التي يتمتعون بها، تسهتدف محال تجارية صغيرة مع مواكبة إعلامية للقول أنهم يعملون «شغلهم» كما قال الوزير. فيما الحقيقة أن لا قرار من هذا الوزير للضرب بيد من حديد التجار الفاسدين والذي يأخذون البلد رهينة.
والأصعب في الأمر أن القيمين على القطاع التجاري يتناوبون على منابر شاشات التلفزة لتبرير أفعالهم الشنيعة في تمثيلية أشبه بالخيال. يظهرون أنفسهم مُدافعين عن حقوق المواطن ومصلحته ومُتهمين الدولة بما يحصل، في حين أنهم الأداة الأساسية للفساد في الدولة من خلال الإحتكار الذي مارسوه منذ العام 1990 وحتى يومنا هذا. حجزوا لأنفسهم وكالات حصرية فارضين الأسعار التي يُريدونها ومُشاركين الغلّة مع أصحاب النفوذ الذين يُؤمّنون لهم الحماية.
هؤلاء التجار يسرقون الدولة والمواطن من خلال الأسعار الخيالية غير المبررة التي يفرضونها، وفي نفس الوقت التعامل بالكاش الذي يسمح لهم بالتهرب من الضريبة وهم الذي حققوا أرباحًا غير قانونية تفوق عشرة تريليونات ليرة لبنانية منذ بدء الأزمة. والأنكى أنهم يستخدمون حجة الإستيراد لإخراج أموالهم إلى الخارج! هل هناك من يُدقق إذا ما كانوا فعلًا يستوردون بنفس القيمة من الدولارات التي أخرجوها بحجة الإستيراد؟ الجواب كلا.
كل المحرّمات سقطت أمام التجار الذي أصبحوا يتاجرون بالضرائب والرسوم، يشترونها من الدولة على سعر 1515 ليرة لبنانية ويبيعونها على سعر السوق السوداء التي يُساهمون فيها. عدم إنخفاض الأسعار على الرغم من الإنخفاض القسري لسعر الدولار في السوق السوداء هو دليل فاضح على الدور الذي يلعبه التجار في السوق السوداء والذي يفرض على القضاء المالي ملاحقتهم.
طريقة كشف الإحتكار والتلاعب بالأسعار والتهرب الضريبي وتهريب الدولارات إلى الخارج للتجار تنص على أن تقوم وزارة المال بالتعاون مع مصرف لبنان إلى وضع لائحة بكبار التجار والقيام بتدقيق مالي يشمل الفترة من العام 2019 وحتى يومنا هذا. هذا التدقيق كفيل بكشف حجم أعمالهم غير المصرّح عنه (وهو السبب الذي يدفعهم إلى الذهاب إلى السوق السوداء) وحجم تهريب الدولارات إلى الخارج بالإضافة إلى تهريب السلع والبضائع التي واكبت فترة الدعم على سعر 3900 ليرة في نيسان العام 2020.
كشف مخالفات هؤلاء سهلة، لكنها تحتاج إلى قرار في مجلس الوزراء يُعطي فيه الأمر إلى وزارة المال، مصرف لبنان، والأجهزة الأمنية للقيام بعملية التدقيق وسوق هؤلاء أمام العدالة. وهذا الأمر إن حصل سيُعطي للقوى السياسية مصادقية أمام الرأي العام على أبواب الإنتخابات. أما إذا لم تقم الحكومة بهذا الأمر، فإن الرأي العام سيعتبر أن هناك من يحمي منظومة الفساد هذه وسيؤدّي حكمًا إلى العديد من خيبات الأمل في الإنتخابات.
أيضًا يتوجّب على هيئة التحقيق الخاصة والتي تضم المدعي العام المالي التحقيق في حسابات كبار التجار ومؤسساتهم نظراً إلى أن هذه الهيئة تتمتّع بكامل الصلاحيات لتجميد حسابات المخالفين وخصوصاً أن المخالفات التي تنص عليها المادتين الأولى والثانية في القانون 55/2016 والصلاحية المُعطاة للهيئة في هذا القانون تسمح بوقف الجريمة البشعة التي يُمارسها هؤلاء بحق المواطنين.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار