03-02-2022
محليات
على مقياس تقطيع أوصال المناطق وشلّ حركة الناس وتحويل قطاع النقل البري إلى قطاع "قطّاع للطرق"... نجح إضراب بسام طليس في تحقيق أهدافه الميدانية وفي إيصال رسائله السياسية، أما المطالب المطلبية فبقيت في "المقاعد الخلفية" من معاناة السائقين العموميين، أسيرة "لعبة" التناحر بين جبهتي عين التينة وقصر بعبدا، تماماً كما أصبحت حقوق عموم المواطنين وأموال المودعين رهينة "لعبة" التراشق بين الجبهتين في قضية التدقيق الجنائي، والتي أكد رئيس الجمهورية ميشال عون أمس أنها دخلت "مرحلتها الأخيرة" في معرض تصويبه على حاكم المصرف المركزي رياض سلامة و"الجهات المعروفة التي لا تريد التحقيق" المالي، في إشارة مبطنة إلى تحميل رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزارة المالية مسؤولية التواطؤ مع سلامة في عرقلة التدقيق الجنائي.
وبينما لعبة "شدّ الحبال" على أشدّها بين أركان الحكم، والعهد منهمك في أيامه الأخيرة في عملية تحصين مواقع تياره وتعزيزها في مفاصل السلطة بمختلف أوجهها المالية والإدارية والقضائية تعويضاً عن خسائره النيابية المرتقبة، توقف المراقبون أمس عند دخول موسكو على خط المبادرة الخليجية تجاه لبنان من خلال إعلان الخارجية الروسية عن مكالمة هاتفية جرت بين المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، نائب وزير الخارجية مخائيل بوغدانوف، والنائب الأول لوزير الخارجية الكويتي مجدي الظفيري، وتداولا خلالها في المبادرة ونتائج الاجتماع التشاوري لجامعة الدول العربية في الكويت، بحيث كشفت المعلومات أنّه في ظل استشعار عدم الرضى السعودي والخليجي عموماً عن مضمون الرد اللبناني الرسمي على بنود المبادرة الخليجية، أتى التواصل الروسي - الكويتي في سياق محاولة "تلطيف الجو" تجاه لبنان والسعي لتخفيف الضغط عنه في أزمته الراهنة.
وإذ عبّر بوغدانوف عن دعم الجانب الروسي للجهود الكويتية لإعادة تطبيع العلاقات الخليجية مع لبنان، نقلت مصادر ديبلوماسية في موسكو أنّ نائب وزير الخارجية الكويتي شرح له في المقابل طبيعة المبادرة الخليجية وأهدافها كما وضعه في أجواء تسلم الرد اللبناني من وزير الخارجية عبد الله بو حبيب على هامش اجتماع وزراء الخارجية العرب، كاشفةً لـ"نداء الوطن" أن وجهة النظر الروسية التي عبّر عنها بوغدانوف لنظيره الكويتي تقول إنّ "لبنان يمر بوضع اقتصادي صعب ولا يتحمّل المزيد من الضغوطات العربية في أزمته الراهنة، مع التشديد في الوقت نفسه على أنّ الساحة اللبنانية لا تتحمل أيضاً المزيد من الضغوطات الايرانية، والأولى بجميع الأطراف في هذه المرحلة البحث عن السبل الآيلة إلى إنقاذ الشعب اللبناني ومساعدته للخروج من محنته بعيداً عن تصفية الحسابات الإقليمية والدولية".
وفي هذا السياق، كان تأكيد روسي على "دعم المبادرة الخليجية والتشديد على وجوب أن ينكب اللبنانيون على معالجة مشاكلهم والكف عن التدخل في شؤون الدول الأخرى بشكل يرتد سلباً على مصالحهم ويعمق أزماتهم وخلافاتهم الداخلية والخارجية"، مع التنويه في المقابل بأهمية "عدم تعريض لبنان لأي عقوبات خليجية وعربية لأنها ستنعكس حكماً على شعبه".
تزامناً، عكست مواقف الموفد البابوي إلى بيروت أمين سر الكرسي الرسولي المونسينيور بول ريتشارد غالاغر دعماً فاتيكانياً واضحاً لطروحات بكركي الوطنية، حيال سبل إخراج لبنان من أزمته، لا سيما وأنّ غلاغر حرص خلال زيارته الصرح البطريركي أمس على المشاركة في جزء من الاجتماع الشهري للمطارنة الموارنة برئاسة البطريرك بشارة الراعي، والذي أكد المجتمعون في ختامه على "وجوب المعالجة الحازمة للخلل الطارئ على العلاقات اللبنانية - الخليجية، بحيث يوضع حد نهائي للتدخلات في شؤون الأشقاء والأصدقاء"، ورأوا في هذا الخلل "مثلاً ساطعاً لحاجة لبنان الماسة إلى إعلان حياده، فلا يعود ساحة للتجاذبات الخارجية وتستقيم حياته السياسية نحو التركيز على حسن إدارة أوضاعه وتواصله مع الخارج القريب والبعيد"، مع التشديد كذلك على ضرورة "وصول الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدولي إلى اتفاق في مدى قريب، بما يفتح الباب واسعاً أمام المباشرة بالإصلاحات المطلوبة"، وأهمية الحؤول بين التحولات السياسية الجارية "وبين احتمالات تأثيرها سلباً على الانتخابات النيابية والرئاسية".
وكان الموفد البابوي قد عبّر خلال مشاركته في مؤتمر عن "البابا يوحنا بولس الثاني ولبنان الرسالة"، في جامعة الكسليك، عن "حاجة لبنان لمساعدة الأسرة الدولية في مواجهة الأفق الاقتصادي المسدود ووضع حد ّله، لكن هناك حاجة أيضاً إلى تجدد وإصلاحات داخلية تترافق (مع ذلك) والتزام مقاربة تتخطى المصالح الضيقة للأفراد والجماعات". كما لفت إثر لقائه البطريرك الماروني إلى أن زيارته لبنان أتاحت له "إمكانية إدراك الحقيقة (...) وأعتقد أننا سنعود إلى روما برؤية أوضح عن المصاعب ودور الكنيسة في المستقبل والبحث عن إمكانية مساعدة لبنان في هذه الأوقات الصعبة".
أبرز الأخبار