15-01-2022
محليات
عكس هبوط سعر صرف الدولار إلى ما دون سقف 30 ألف ليرة في الأسواق الموازية، جانباً من تناقض العوامل التي تحدد اتجاهات أسعار المبادلات النقدية، وسط صعوبات الفصل بين الضغوط الناتجة عن تنامي التأزم السياسي الذي يعمق الريبة، وبين فاعلية التدابير المتلاحقة التي يتخذها «مصرف لبنان» والمغطاة بدعم مشروط وغير مستتر من قبل مرجعيات نيابية وحكومية.
ورصدت مصادر مواكبة بدايات تحول، وإن كان مرتبكاً في السوق، في حركة العرض والطلب لصالح العملة الوطنية مع ترقب شروع المصارف مطلع الأسبوع المقبل بالتزام التعديلات المستحدثة على التعميم رقم 161 الصادر عن البنك المركزي، والقاضية بضخ كميات إضافية من الدولار النقدي، ما دفع بمعظم شركات الصرافة والمتعاملين إلى اعتماد إجراءات متحفظة في عمليات بيع وشراء العملات، ريثما تتضح طبيعة المبادلات التي ستنفذها البنوك.
وأظهرت التقلبات في تسعير الدولار عبر التطبيقات الهاتفية التي تشكل مرجعية للأسواق غير النظامية، التباين الصريح في تقديرات المضاربين والمتعاملين بشأن مدى فاعلية التدابير النقدية وتحديثاتها، فقد هبط الدولار صباحاً بنسبة كبيرة تعدت 10 في المائة ليصل إلى عتبة 27 ألف ليرة، قبل أن يرتد نسبياً للتداول بهوامش متحركة فوق سقف 28 ألف ليرة في فترة بعد الظهر.
وفيما يترقب المتعاملون في الأسواق من صرافين ومدخرين وضوح التبدلات التي ستطرأ جراء طرح كميات إضافية من الدولارات النقدية، يؤكد مصرفيون أن التأخير يعود لضرورات معالجة مقتضيات لوجيستية وتقنية قبيل بدء العمل بالتحديثات الطارئة على التعميم النقدي، وأيضاً بسبب الإقفال القسري للبنوك يوم الخميس نتيجة إقفال إضراب اتحادات النقل البري الطرقات والمنافذ الرئيسية.
بالتوازي، قالت مصادر مصرفية إنه بدا واضحاً أن مشاركة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير المال يوسف الخليل في تطوير محتوى التدابير النقدية التي يتخذها المصرف المركزي «تؤمن التغطية السياسية الكافية لتحركات الحاكم رياض سلامة الهادفة إلى استعادة الدور الحيوي المنوط بمصرف لبنان في إدارة السيولة النقدية بالليرة وبالدولار، وبالتالي كبح الفوضى العارمة التي تعم الأسواق الموازية والتي أفضت إلى تزخيم خسائر العملة الوطنية» التي تراجعت قيمتها إلى نسبة تقارب الـ96 في المائة مع بلوغ الدولار سقف 34 ليرة قبل أيام قليلة.
وبرز في هذا السياق تعمد سلامة إلى إصدار بيان جديد أمس أكد فيه أن البنك المركزي «مستمر» بتنفيذ القرار الذي تم اتخاذه، والقاضي بتمكين المصارف من الحصول على الدولار الأميركي الورقي من مصرف لبنان وبسعر منصة «صيرفة»، مقابل الليرات اللبنانية التي بحوزتها أو لدى عملائها من دون سقف محدد، وذلك إضافة إلى المفاعيل الأساسية للتعميم 161 الذي يتيح للمصارف استبدال «الكوتا» التي تحق لها شهرياً بالليرة بدولارات نقدية.
ويبدو أن إعادة التأكيد على القرار تستهدف حماية المكاسب التي حققتها الليرة في يوم العمل الأخير من الأسبوع الحالي وتثميرها لاحقاً، ومحاولة الحيلولة دون نشوء مضاربات معاكسة مع إقفال المصارف في عطلة نهاية الأسبوع. فيما أكدت معلومات استقتها «الشرق الأوسط» من مصادر مصرفية، أن البنك المركزي لن يتهاون مع أي مماطلة أو تحايل في تطبيق تحديثات التدبير النقدي، بحيث تكون الاستفادة للحصول على الدولارات النقدية عبر البنوك وبسعر منصة «صيرفة» شاملة لكل من يحمل سيولة نقدية بالليرة ومهما بلغت الكميات المستبدلة.
أما في البعد السياسي، فليس ممكناً، وفق المصادر المتابعة، فصل تغطية هذا التدبير المكلف في ظل مناخات سياسية سلبية، عن الصراع في تحديد الأولويات وصوغ المعالجات الآنية المطلوبة، فدعم البنك المركزي في خطوة ضخ كميات الدولار من مخزون الاحتياطي الإلزامي للودائع مع الإدراك المسبق بأن إجمالي المتوفر لديه يقل عن مستوى 13 مليار دولار، يمثل خياراً بديلاً لترك الناس والاقتصاد أسرى الفوضى المتفاقمة جراء الفشل السياسي المشهود والشلل شبه التام الذي يضرب المؤسسات الدستورية.
ويندرج ضمن حزمة توسع رقعة الخلافات الداخلية الملتهبة، انكشاف النزاع الذي وضع أطراف السلطة وجهاً لوجه في مقاربة ملف الحاكم رياض سلامة بين خياري الإقالة وعدم التخلي عن «الضابط» في أوج المعركة النقدية والمالية التي تعانيها البلاد. فبينما يشهر فريق رئاسة الجمهورية مطالبته بعزل سلامة وإغراقه بملفات قضائية، يصر فريقا رئاستي مجلس النواب والحكومة على دور سلامة في إعادة تصويب الانحرافات النقدية، فضلاً عن تعذر تعيين بديل في الظروف الحاضرة.
أبرز الأخبار