11-01-2022
مقالات مختارة
عماد حداد
<p>صحافي</p>
المقالات الواردة بأسماء كاتبيها تُعبّر عن آرائهم، وهي لا تعبِّر بالضرورة عن رأي اسرة تحرير موقع اينوما.
انتظر اللبنانيون أن يطلّ عليهم التغيير الموعود الذي وعدت به منصة "نحو الوطن" من عمق المنظومة وعقمها فأطلت عليهم من دائرة الشمال الثالثة خنجراً في يد رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أحد أبرز ممثلي السلطة الفاشلة يطعن به ظهر المعارضة التي تسعى لإسقاط هذا الرمز.
هكذا ارتأت "نحو الوطن" بإدارة وإرادة وإشراف رندلى بيضون وشانتال سركيس أن "التغيير بلش" من دائرة الشمال الثالثة دعماً مباشراً لباسيل في مسقط رأسه بإضعاف الجبهة السيادية بتشتيت أصوات المعارضة في قضاء البترون ليعوّض باسيل ما خسره في كثافة تسجيل المنتشرين وحماسة المقيمين، الأمر الذي أحيا الأمل الباسيلي وتسبب بخيبات لا تعدّ ولا تحصى، خيبة للثوار ومعارضي المنظومة، لتصبح "نحو الوطن" خيبة للوطن والأمل والأصل.
وفي التفاصيل، فقد أعدّت "نحو الوطن" هيئة في كل قضاء تتألف من رئيس وثلاثة أعضاء براتب شهري طبعا، وقد اختارت، على سبيل المثال لا الحصر، رامي فاضل من بلدة تنورين في قضاء البترون ومروان خوري عن قضاء زغرتا للتواصل مع مجموعات المجتمع المدني.
وباكورة ترشيحات "نحو الوطن" اختيار رياض طوق وقزحيا ساسين عن قضاء بشري، وعن زغرتا الدكتور ميشال دويهي وما زال البحث قائماً لاختيار مرشحَين آخرَين، وفي الكورة يجري التفاوض مع القواتي السابق أديب عبد المسيح، وأخيراً في البترون فالمساعي قائمة مع القواتي السابق أيضاً فادي الشاماتي إلى جانب ليال أبو موسى اليسارية المنشأ والإتجاه.
وبما ان فوز القوات في الكورة بمقعد من الثلاثة شبه مضمون، تبقى المنافسة قائمة على المقعدين الآخرين عبر أحد الحلفاء بالاتكاء على الإنقسام الذي ينخر صفوف الحزب القومي السوري في حال تمكنت قوى المعارضة من توحيد صفوفها، بينما كان لمنصة "نحو الوطن" رأياً آخر بشرذمة وتشتيت أصوات قوى المجتمع المدني والمستقلين من أجل تفويت فرصة الفوز على المعارضة وإفساح المجال أمام قوى المنظومة بانتزاع أحد المقاعد.
وفي لمحة عن قضاء البترون، تشير الأرقام إلى احتفاظ "القوات اللبنانية" بمقعدها الذي تشغله منذ العام 2005 والمقعد الثاني سيحصل عليه من ينجح بحصد أصوات سبعة إلى ثمانية آلاف ناخب وهو يتأرجح بين رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أو أي مرشح آخر للمعارضة يحصل على هذا الرقم، والعمل على إسقاط باسيل كان ولا يزال قائماً بترشيح المحامي مجد حرب بدعم كتائبي علني وتأييد ضمني من القوات اللبنانية نظراً للعلاقات التاريخية بينهم إضافة إلى بعض الشخصيات المستقلة لرفد المرشح مجد حرب بالأصوات اللازمة لتأمين فوزه وتوجيه صفعة لأبرز رموز المنظومة الحاكمة. وهذا السيناريو قد تعرّض للإهتزاز بقرار "نحو الوطن" ممثلة برندلى بيضون وشانتال سركيس من خلال الدفع نحو ترشيح ليال أبو موسى وفادي الشاماتي أو وضاح الشاعر الذين سيشتتون أصوات المعارضة بين المرشحين الثلاثة حرب، أبو موسى، الشاماتي أو الشاعر وتكون بذلك "نحو الوطن"، وهي تدري، قد قدّمت هدية لا تقدّر بثمن لمرشح السلطة جبران باسيل.
هكذا، تستغل شانتال سركيس علاقاتها بحكم مركزها السابق كأمينة عامة سابقة للقوات اللبنانية مع بعض المبتعدين عن القوات ورفض العديد منهم التعاون معها باختيارهم أن لا يكونوا خنجراً في يدها على حساب الأهواء الصغيرة، إلا أنها نجحت حتى الآن في إسقاط أسماء بعض القواتيين على لوائحها من أمثال قزحيا ساسين وأديب عبد المسيح واحتمال انضمام فادي الشاماتي إعتقاداً منها أنها تستطيع استقطاب جزء من أصوات القواتيين لإضعاف القوات اللبنانية التي تشكّل اليوم شئنا أم أبينا رأس حربة قوى المعارضة ونواتها الصلبة في مواجهة قوى المنظومة، فيما واقع الأمر أن القوات قادرة على استيعاب هذه المحاولة، ولو سلّمنا جدلاً بفوز أحد مرشحي "نحو الوطن" بأحد المقاعد مقابل تعزيز فرص نجاح باسيل، كيف تكون قد واجهت هذه الجمعية الحديثة الولادة المنظومة وأضعفتها؟ فهل نجاحها يكون بتقوية الخط المعارض وإسقاط باسيل، أم بفوز أحد مرشحيها على حساب الخط المعارض وفوز باسيل؟ وما تأثير هذا الفائز في عملية التغيير طالما انه لا ينتمي إلى مجموعة متضامنة ولن يستطيع التأثير والتغيير وحيداً؟
الواقع أن المواجهة التي تخوضها "نحو الوطن" هي في وجه المرشح مجد حرب وحزب الكتائب ومجموعات المجتمع المدني المفترض أنهم أقرب إليها من جبران باسيل، فيما الوقائع تؤكد ان كل عملها يصبّ في مصلحة باسيل على حساب القوى السيادية.
التغيير انتهى من حيث "بلّش" في اختيار المواجهة الخاطئة والأسلوب الخاطئ ويستطيع باسيل اليوم أن يبتسم في سرّه والعلن ويترحّم على مصطلح "فرّق تسد" ويترجمه بحصوله من حيث يدري أو لا يدري على دعم من دون قيد أو شرط.
أخبار ذات صلة