05-01-2022
محليات
لا يأبه ذوو الأمر والنهي في لبنان لمقوّمات صمود اللبنانيين في وطنهم ولا حتى خارجه، بل بات جل همّهم خوض المغامرات السياسية وفتح النار عشوائياً داخلياً وخارجياً لحسابات لا تمتّ بصلة للمصلحة الوطنية، ما يضع المواطنين أمام مآس متكررة تسهم في تدهور متزايد في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية.
داخلياً، كانت الساحة مشتعلة بين التيار الوطني الحر وحركة أمل في اليومين الماضيين، وقد رُفع سقف التحدّي إلى أن وصلت الشروط لاستقالة رؤساء الجمهورية ومجلس النواب وتكتّل لبنان القوي، فتلاشت بذلك ما بقي من فرص لحلّ أزمة تعطيل مجلس الوزراء وتعطيل تحقيقات انفجار مرفأ بيروت.
ولكي "يتم النقل بالزعرور"، جاء تصريح أمين عام حزب الله حسن نصرالله ليُبقي لبنان ساحة من الساحات الإقليمية والدولية، اذ بتصعيده ضد السعودية، لم يعر نصرالله أي اعتبار للمصالح اللبنانية الفعلية ولا مصالح اللبنانيين مقيمين ومغتربين، ومن كل الفئات.
رئيس الحكومة نجيب ميقاتي حاول تصويب البوصلة فعبّر عن موقف لبنان الرسمي، لكن البيانات خطوةٌ غير كافية أمام سطوة حزب الله على سياسات لبنان الداخلية والخارجية، الرسمية وغير الرسمية. وقد استغرب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط هذا التمادي، بسؤاله: "هل وصف اللبنانيين في الخليج بالرهائن يوقف حرب اليمن؟ ماذا تريد إيران من لبنان؟".
عضو تكتّل الوسط المستقل النائب علي درويش، لفت إلى أن "حديث ميقاتي كان واضحاً، فهو قال إن الحكومة هي التي تعبّر عن الرأي الرسمي للبنان، وبالتالي من الممكن أن يكون لكل فريق خطاب، لكن خطاب ميقاتي سيبقى جامعاً للبنانيين، وسيحافظ على التوازن في التعاطي مع الخارج، وبخاصة الخليج العربي الذي نأمل أن تكون العلاقة معه في أفضل أحوالها".
كما لفت درويش في حديث لجريدة "الأنباء" الإلكترونية إلى "أهمية سياسة النأي بالنفس"، معتبراً أنها "من المفترض أن تكون سائدة في هذه المرحلة لأننا نرغب بأن لا يكون هناك تداعيات كبيرة للتصدّعات الحاصلة على الصعيد الإقليمي، خصوصاً في ظل الظروف الحالية الصعبة".
وفي سياق إيجاد الحلول لهذه الأزمة بوجه الخليج، ذكر دروش أنّه "بعد الإعلان الرسمي الذى تلى الاتصال الثلاثي بين ميقاتي والرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي، من المفترض أن يكون هناك خطوات، وعملياً الحكومة دائماً تعبّر عن وجهة النظر اللبنانية".
وكشف درويش أنّه "في المرحلة المقبلة، من المفترض أن يكون هناك زيارة خليجية للبنان، أكان لجهة وزير الخارجية الكويتي أو وزراء آخرين، لاستكمال الخطوة الأساسية وفتح الصفحة الجديدة، لكن الظروف التي نعيشها ونتيجة الاشتباك الاقليمي وتداعياته على لبنان على اعتبار أن الأخير ساحة اقليمية، كان لها وقعها على هذا الملف".
وبالنسبة للملف الحكومي، رأى درويش أنّه "في حال خفض منسوب الخطاب الذي ساد في الأيام الماضية، من المتوقع أن يتمّ التوجّه إلى تهدئة، بعدها يُرفع منسوب التواصل الداخلي لاستكمال المشاروات لانعقاد مجلس الوزراء، والاتصالات كانت جارية بالمرحلة الماضية، لكن التصعيد السياسي خفّض من وتيرتها".
وعن احتمال استقالة ميقاتي، شدد درويش على أن "وجود سلطة تنفيذية تتمتّع بصلاحيات كاملة بأي لحظة تلتأم وتتخذ القرارات مطلوبة اليوم أكثر من حكومة تصريف أعمال سلطتها مجتزأة، وميقاتي قال لو كانت الاستقالة تفتح كوة في جدار الأزمة لكان أول المستقيلين".
بدوره، اعتبر عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم أن "لكل طرف رأيه ومقاربته لكل قضيّة، فتصدر مواقف متناقضة، لكن نتمنى أن لا تصل الأمور إلى أي تصعيد، وتبقى في إطارها دون أن تأخذ أي حيز مغاير، مع أملنا ان تعود الأمور في لحظة استقرار إلى طبيعتها لأن الكثير من الملفات تحتاج إلى التعاطي معها بهدوء ورويّة".
وعن اشتباك "أمل و"التيار"، لفت هاشم في حديث لجريدة "الأنباء" الإلكترونية إلى أن "المعركة مفتوحة، انطلاقاً من قاعدة لكل مقام مقال، وهكذا كان رد الجواب يوم الإثنين، والدعوة لفتح الملفات أمام الرأي العام الذي يحكم".
وأضاف هاشم: "لسنا هواة سجال، لكن بين الحين والآخر يتوجّب علينا توضيح الحقائق منعاً للتضليل، ونحن نعلم أننا في مرحلة ما قبل الانتخابات، وبالتالي بعض الخطابات ستكون شعبويةً لتحقيق مكاسب شعبية وانتخابية".
أما وبالنسبة للملف الحكومي، فقد أعلن هاشم أن "أي جديد لم يطرأ على الملف، لكننا نأمل معالجة الأسباب المعرقلة لانعقاد الحكومة".
على خطٍ آخر، عاد انتشار فيروس كورونا إلى الواجهة مع تسجيل وزارة الصحة لأكثر من 5000 إصابة يوم أمس، وهو الرقم الأعلى منذ فترة طويلة، ويأتي بعد أيام قليلة من ليلة رأس السنة، وفي خضم انتشار المتحوّر الجديد "أوميكرون"، ما يعني أن الأرقام من المتوقّع أن ترتفع أكثر في الأيام المقبلة، في ظل تراخٍ مجتمعي لجهة الإجراءات الوقائية.
رئيس اللجنة الوطنية للقاح الدكتور عبد الرحمن البزري أشار إلى أن "الأرقام ترتفع ومن المتوقع أن تشهد ارتفاعاً إضافياً، لكن وبقدر أهمية الأرقام، فإن أعداد المصابين الذين يدخلون المستشفيات إثر الإصابة بكورونا هي المعيار الأهم، وحتى اليوم، ما زال الموضوع تحت السيطرة".
وكشف البزري في حديث لجريدة "الأنباء" الإلكترونية أن "أعداد مرضى كورونا في المستشفيات أقل نسبياً من السابق رغم ارتفاع أرقام الإصابات، وذلك لثلاثة أسباب، الأول يكمن في تلقي اللقاح، إذ أن التلقيح يخفّض نسبة إحتمال دخول المستشفى بين 80 و90%، الثاني هو إصابة مصابين سابقين بكورونا، وبالتالي تكوّن لهؤلاء مناعة قلّلت من خطورة عوارض الفيروس، أما السبب الثالث، فهو تفشّي متحوّر "أوميكرون"، وهو أخف شدّة من متحوّرات أخرى، وتتراجع نسبة دخول المصابين بالسلالة الجديدة إلى المستشفيات ما بين 30 و70%، علماً ان الموضوع يحتاج إلى دراسات أكثر للوصول إلى رقم أكثر دقّة".
وفي هذا السياق، أعلن البزري أن "نسبة 24% من المصابين بكورونا في لبنان يحملون المتحوّر "أوميكرون" حسب الأرقام الرسمية والأكيدة، لكن التقديرات تشير إلى أن 53% من مصابي كورونا مشكوك باحتمالية إصابتهم بالسلالة الجديدة".
وعن إقفال البلاد، لفت البزري إلى أنّه "من المتوقّع أن ترتفع الأعداد أكثر في الأسابيع المقبلة، وستصبح جميع الإصابات بـ"أميكرون"، ما يعني أن تفشياً مجتمعياً مرتقباً، كما أن نسبة التلقيح من المفترض أن ترتفع أكثر في المدى المنظور، ما يعني أن اللبنانيين سيشكّلون مناعةً مجتمعيةً، وبالتالي تم رفع توصية علمية لعدم إقفال البلاد، خصوصاً وأن الوضع في المستشفيات ما زال تحت السيطرة".
وختم البزري حديثه مشدّداً على وجوب "توسيع رقعة التطعيم ضد كورونا، فاللقاحات متوفّرة وبكثرة، والتلقيح هو المفتاح الأساسي".
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار