31-12-2021
محليات
يغادر عامٌ غير مأسوف عليه، ويحلّ آخر أقصى ما يخشاه اللبنانيون أن يستنسخ وبال سلفه الراحل بعدما أورثه التركة الثقيلة نفسها في سدة الحكم التي ضيّعت بفسادها سنين اللبنانيين وقصفت أعمارهم سنة تلو الأخرى... ولن يستعصي على السلطة عام جديد تضمه إلى باقة المآسي والانهيارات التي كبدتها للبلد وأبنائه، بل أغلب الظنّ أنها ستستشرس وتتمادى أكثر في طغيانها إزاء المحطات المفصلية والمصيرية التي ستواجهها العام الطالع لإعادة تثبيت سطوتها وسلطتها.
فالأكثرية الحاكمة، رئاسياً ونيابياً ووزارياً، تدخل عام 2022 معتركاً وجودياً على أكثر من جبهة ومحك، سيما وأنه سيكون عام "تصفية الحسابات"، سواءً معها في صندوق الاقتراع، أو بين أركانها الذين بدأوا "يتناهشون" بعضهم بعدما أفرغوا موائد الدولة وأفلسوا مواردها وتركوا خزائنها "على الحديد" يتآكلها صدأ التفليسة والانهيار... ومن حيث انتهى العام المنصرم سيبدأ العام الجديد على "صفيح ساخن" بين شركاء الحكم، لتسكير الحسابات العالقة بينهم والتأسيس لفتح صفحة جديدة من التسويات والمقايضات تعيد رصّ صفوف المنظومة وشدّ أشرعتها في مواجهة رياح الاستحقاقات العاتية الآتية، مالياً واقتصادياً واجتماعياً وحدودياً وانتخابياً.
على المستويات المالية والاقتصادية والاجتماعية، يتربّع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على رأس التجاذبات المرتقبة بين أركان السلطة على وقع التباين والتباعد في توجهاتهم حيال دفتر الشروط الإصلاحية الواجب اتباعه في برنامج العمل المنوي توقيعه مع الصندوق، خصوصاً لناحية محاولات التملص من ضبط الحدود والمعابر وسدّ مزاريب الهدر وترشيق القطاع العام.
وكذلك على المستوى الحدودي، ستكون السلطة أمام تقاطع خيارات مفصلية في مسار مفاوضات الترسيم البحري مع إسرائيل تحت وطأة استعجال واشنطن حسم الاتجاهات والقرارات في هذه العملية، مع ما سيقتضيه ذلك من تضييق هامش المناورة أمام الطبقة الحاكمة ودفعها إلى تحديد موقفها في هذا الاتجاه أو ذاك تحت طائل المخاطرة بانسحاب الوسيط الأميركي من طاولة المفاوضات، وإطلاق إسرائيل يدها في التنقيب من دون حسيب أو رقيب في الآبار والمناطق المتنازعليها.
وبروحية الحسم هذه، يستأنف الوسيط الاميركي لترسيم الحدود آموس هوكشتاين جولاته المكوكية بين لبنان وإسرائيل مطلع العام، بحيث من المرتقب أن يزور بيروت أوائل كانون الثاني لاستعجال المباحثات مع المسؤولين اللبنانيين وتبادل الرسائل والمواقف حيال مسودة الاتفاق المفترض توقيعها بين لبنان وإسرائيل على طاولة الناقورة.
أما على المستوى الانتخابي، فسيشهد الـ2022 "أم المعارك" النيابية والرئاسية التي ستخوضها السلطة للحد من خسائرها وتحصين جبهتها بعد التشرذم الذي ضرب أرضية تحالفاتها، وعلى وجه الخصوص بين العهد وتياره من جهة، والثنائي الشيعي من جهة أخرى، ربطاً بانفراط عقد التسوية القضائية – التشريعية – الانتخابية التي كان يعمل رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل على إبرامها مع "حزب الله" تحت سقف المجلس الدستوري. ولأنّ باسيل لم يعد يملك ترف تضييع أي يوم من أيام العهد الأخيرة، سيسارع إلى تدشين العام الجديد بانطلاقة "على الحامي" في ثاني أيامه، في محاولة لاستعجال "حزب الله" إلى خارطة تفاهم جديدة تشكل "جوائز الترضية" النيابية نقطة الارتكاز الأساس فيها لتعويض الخسارة "الاغترابية" التي مني بها جراء عدم مجاراته بحصر الصوت المغترب ضمن مقاعد قارية ستة.
وعليه، فإنّ المعطيات السياسية المتواترة من أوساط "التيار الوطني"، تفيد بأنّ باسيل سيعمد إلى "رفع الصوت والسقف" في خطابه ظهر الأحد، لينطلق من "روحية العناوين التمهيدية العريضة التي رسمها رئيس الجمهورية ميشال عون مطلع الأسبوع، باتجاه الغوص في نظرته التفصيلية لمقاربة أوجه "أزمة النظام" والسبل الآيلة إلى الخروج منها، مع تحميله المسؤولية عن عرقلة العهد وتعطيل آخر حكوماته إلى الثنائي الشيعي بشكل رئيسي، من دون أن يستثني مسؤولية رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن خرق الدستور بعدم توجيه الدعوة إلى انعقاد مجلس الوزراء".
لكن بعد أقل من 48 ساعة على كلمة باسيل، من المتوقع أن تعيد إطلالة الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله "ضبط إيقاع" الخلاف المستعر بين الحلفاء لا سيما بين "التيار الوطني" و"حركة أمل"، على أن يبقي الباب مفتوحاً أمام الخوض داخل "غرف مغلقة" في نقاش بالعمق إزاء الاختلاف والتباين بين "حزب الله" وباسيل، توصلاً إلى إعادة الالتحام الاستراتيجي والانتخابي بين الجانبين.
أبرز الأخبار