07-12-2021
مقالات مختارة
اكرم حمدان
اكرم حمدان
بينما تتجه الأنظار نحو قصر الأونيسكو اليوم، وما يمكن أن تخلص إليه جلسة مجلس النواب التشريعية المقررة ظهراً من جدول أعمال مؤلف من 36 إقتراحاً غالبيتها العظمى بصيغة المعجل المكرر التي سيكون مصيرها الإحالة إلى اللجان المختصة لمزيد من الدرس، بات في حكم المؤكد أن إقتراح قانون "الكابيتال كونترول" لن ينضم إلى القائمة، بعد النقاشات أو الإعتراضات التي شهدها أمس خلال جلسة اللجان النيابية المشتركة، وقد وصلت إلى حدّ تكرار وصف الصيغة المطروحة للنقاش بأنها ما زالت "لقيطة"، أو في أحسن الأحوال تم إلباسها لمقرر لجنة المال والموازنة ومستشار الرئيس نجيب ميقاتي النائب نقولا نحاس، الذي وقع الإقتراح كي يصبح مقبولاً من حيث الشكل ويمكن مناقشته.
وما نُقل عن رئيس مجلس النواب نبيه بري، حسم كذلك وبشكل قطعي، عدم صحة ما كان يروج له حول وجود مقايضة أو صفقة أو تسوية أو مساومة يجري تحضيرها بين الملفات العالقة، وهو ما سبق وأشارت إليه منذ أيام "نداء الوطن"، ويؤكد الخفة وربما الجهل لدى البعض بآلية عمل مجلس النواب (ليس المجال لشرحها).
وقد سجّلت جلسة اللجان النيابية المشتركة التي كانت مخصصة لمناقشة إقتراح "الكابيتال كونترول" سلسلة مواقف نيابية ساخنة وعالية السقف ضد الصيغة التي طرحت على طاولة البحث، ووصلت أصوات النواب إلى خارج القاعة نتيجة الإنفعالات التي سجلوها داخلها، سيما وأن إجراءات الوقاية من "كورونا" تفرض فتح باب القاعة الرئيسي.
وقد سُمع نائب "حزب الله" علي عمار وهو يتوجه إلى نائب رئيس مجلس النواب ورئيس الجلسة إيلي الفرزلي بالقول: "ما حدا ياكلنا راسنا يا دولة الرئيس"، فرد الفرزلي: "ما حدا بياكلنا راسنا ويلي بدو يعملها منقطعلو راسو".
وجاءت مداخلته في سياق متكامل مع مداخلات لزميليه في الكتلة حسن فضل الله وعلي فياض تركزت في غالبيتها على انتقاد دور مصرف لبنان وسياسته.
وتناوب النواب من مختلف الكتل على انتقاد الصيغة التي طرحت للنقاش، علماً أنها لا تتضمن حتى تاريخه ملاحظات صندوق النقد الدولي التي يجري التلطي بها أحيانا.
والنقطة المركزية التي تلاقى حولها النواب هي رفض الصيغة الواردة في المادة الثامنة من الإقتراح التي ربما تشكل براءة ذمة للمصارف عما سبق وما قد يأتي من مخالفات إرتكبتها وسترتكبها بحق المودعين، خصوصاً لجهة غياب اللجوء إلى القضاء وتطبيق النص على التحاويل التي لم تنفذ بعد وترك الأمر في عهدة مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف.
وتسلسلت المواقف بدءاً من الرئيس بري الذي أكد من مقر الرئاسة الثانية في عين التينة "ضرورة أن يتضمن أي قانون يتعلق بالـ"كابيتال كونترول" بداية حفظ حقوق المودعين قبل أي بحث آخر، وهذا الموقف كان قد أكده رئيس المجلس منذ أن توقفت المصارف اللبنانية عن الدفع للمودعين وذلك في جلسة كانت قد عقدت في القصر الجمهوري بحضور حاكم مصرف لبنان ورئيس جمعية المصارف أثناء حكومة الرئيس حسان دياب وبرئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون".
خواجة ودور القضاء
وأكد عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب محمد خواجة لـ"نداء الوطن" أن "ما جرى يعيدنا مجدداً إلى السؤال عن الجهة التي تقف وراء الإقتراح أو المشروع، حيث تم توزيع الصيغة في بداية الجلسة وما زالت لدى اللجان ولا مانع من تشكيل لجنة فرعية لبحثها، سيما وان هذا القانون إستثنائي ومعقد، ونحن بحاجة إليه وتأخرنا به، ولكن يجب أن يأتي ضمن خطة تشرح الواقع المالي والإقتصادي ونستطيع ان نعرف من خلالها حجم الودائع وحجم الخسائر وكيفية توزيعها بين الدولة والبنك المركزي والمصارف والمودع".
وشدّد خواجة على "ضرورة أن يكون دور القضاء واضحاً وتحديداً قضاء العجلة، وليس بين "مالك وهالك" أي مصرف لبنان والمصارف، فما كان مطروحاً لا يُحدد سقوفًا وترك إستنسابية مبهمة بين المركزي والمصارف كما تجاهل الأموال التي حولت إلى الخارج والتي يجب أن تستعاد كلها أو جزء منها على الأقل، من أجل إستعادة الثقة وتحريك العجلة الإقتصادية وليس مصادرتها، لأنها حولت بطريقة إستنسابية وكانت في غالبيتها لصالح متنفذين واصحاب المصارف، وقد تحدث آخر تقرير عن تحويل مبلغ 9،5 مليارات دولار".
وأكد أن المطلوب "تحديد سقوف السحوبات والتحويلات، فنحن كمشرّعين وظيفتنا بالدرجة الأولى الدفاع عن المودعين وليس أصحاب المصارف ولكننا في نفس الوقت لسنا مع إنهيار القطاع المصرفي".
وبعد جلسة اللجان قال الفرزلي: "أجمع السادة النواب على نقطة مركزية هي هاجسنا الرئيسي: حقوق المودعين، وأفهمت الحكومة هذا الكلام بشكل قاطع لا يرقى اليه أي شك، فكان المنطق الذي يقول نعم لـ"الكابيتال كونترول"، نعم لضرورة إنشائه، ولكن بعد خطة إقتصادية تظهر فيها أرقام مقنعة تأتي إلى المجلس ونتأكد من صحتها وسلامتها للحفاظ على حقوق المودعين، عندها يناقش الـ"كابيتال كونترول" في اللجان المشتركة وبعدها في الهيئة العامة".
وقال النائب علي حسن خليل: "وكأن هناك أشباحاً تدير النقاش حول موضوع الـ"كابيتال كونترول"، نحن مع إقرار القانون من حيث المبدأ، لكن نرفض بأي شكل المس بحقوق المودعين وتغطية تهرب المصارف من إلتزاماتها تجاه هؤلاء. هناك ملاحظات حول السحوبات بالدولار وباللبناني وضرورة تحديدها، والاستثناءات حول التحويلات إلى الخارج، والأخطر هو غياب المرجعية القضائية وعدم التطرق إلى مصير الأموال المحولة إلى الخارج بعد 17 تشرين الأول 2019".
وغمز خليل من قناة موقف تكتل "لبنان القوي" عندما تحدث عما أسماه "تناقضاً واضحاً بأفكار الكتل، مرة نطالب بالـ"كابيتال كونترول"، ومرة نقف ضده، ومرة نطالب بحقوق المودعين، ومرة نريد أن نرى ماذا تريد المصارف".
أما رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان المتمسك بالصيغة التي سبق وأقرتها لجنة المال فقال:"نحن مع الـ"كابيتال كونترول" مبارح قبل اليوم، لكن على أن يكون من ضمن أرقام واضحة على مصرف لبنان والحكومة أن يلتزما باحالتها للمجلس النيابي ضمن خطة واضحة، ولن نقبل بأن يمرالقانون الذي استجدّ من خارج السياق النيابي والنظامي والذي كاد يكرّس الإستنسابية من جديد على حساب حقوق المودعين".
عدوان: لمراعاة أمرين
بدوره، رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان قال:"كل اللبنانيين يعلمون تماماً أنه منذ عام 2017 حذرنا مما سنصل إليه لناحية الوضع المالي، وخصوصاً سياسة مصرف لبنان، ولا يمكن إصلاح الأمور من خلال المسارات نفسها وقانون الـ"كابيتال كونترول" يجب أن يراعي أمرين، أولاً حقوق المودع، وثانياً حتى يكون قانوناً فعالاً ومجدياً يجب أن يكون ضمن خطة شاملة تقرها الحكومة وتتضمن أرقاماً، وكل القوانين التي ستخرج من المجلس يجب أن تكون جزءاً من هذه الخطة الشاملة، ويجب أن نعلم من سيتحمّل الخسائر، وطبعاً ليس على المودع أن يتحمّلها، ويجب ردّ وديعته بالسعر الذي وضعت على أساسه، أم بالسعرالموازي، وأي قانون يشرع المخالفات التي ارتكبت في الماضي من المستحيل أن نقبل به".
ووصف النائب فؤاد مخزومي ما جرى بأنه "مجزرة ثانية شبيهة بمجزرة 4 آب في مرفأ بيروت، والبونزي الذي ألغى حياة الناس في هذا البلد، هناك محاولة فعلية للقضاء على ما تبقّى من أموال المودعين اذا كانت لا تزال موجودة، وتمرير الـ"كابيتال كونترول" بالطريقة المطروحة هو جريمة وعار ضدّ أهلنا وشعبنا".
وقال النائب فريد البستاني: "باسم تكتل"لبنان القوي" أقول إننا لن نكون شهود زور على خسارة المودعين لودائعهم ولن يمرّ هذا الإقتراح".
ووصف النائب جميل السيد ما يجري بأنه "ليس علاجاً للأزمة، بل تدفيع الناس ثمن فساد الدولة".
أما الحزب "التقدمي الإشتراكي" فأكد في بيان أنه كان "أول المطالبين بإقرار هذا القانون ليضمن حقوق المودعين ويفرض تقنينًا في سحب الودائع إنما بعملتها الأساسية مع الإحتفاظ بنسبة 14% كحد أدنى للإحتياطي الإلزامي ووضع خريطة طريق لكيفيّة رفع القيود عن السحوبات والتحويلات بشكل تدريجي، مع تحديد مسبق لسقوف السحوبات النقديّة".
أخبار ذات صلة
إينوميَّات
سؤال برسم دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري