30-11-2021
مقالات مختارة
طوني فرنسيس
طوني فرنسيس
بمقولة محمد رعد رئيس كتلة نواب "حزب الله" ان "لبنان لا يُحكم بالأكثريات" تكتمل صورة الحكم الذي يريده هذا "الحزب" للبنان.
حتى وقت قريب كان يقيمُ وزناً لأطرافٍ أخرى يستتبعها. فجعل من إتفاق مار مخايل مدخلاً لفرض مرشحه في رئاسة الجمهورية. ولم تمرّ العملية بسلاسة بل إستغرق إعدادها والتمهيد لها سنوات. بدأ الأمر بشل الحكومات عبر سحب وزرائه منها، ثم بترهيب رؤساء الحكومات انفسهم كما حصل مع سعد الحريري لدى إقالته وهو في البيت الأبيض، وبعدها بتهديد القوى السياسية كما جرى لدى فرض نجيب ميقاتي رئيساً للحكومة الثانية له، عندما نزلت القمصان السود لتخويف وليد جنبلاط، ثم بخلق المشاكل في كل ناحية بواسطة تفريخ شخصيات وتنظيمات أو دعم بعضها القائم، وبالاشتراطات التي أعاقت التكليف والتشكيل في السنوات اللاحقة الى ان أصبح قيام أي حكومة مستحيلاً من دون موافقة "حزب الله" وتوقيعه، وتوج ذلك كله بعباءة اسموها الثنائي كتغطية لوضع اليد الحزبية على الطائفة ومجلس النواب.
تكتمل الصورة الآن مع تصريحات رعد المكررة. ففيما يأمل اللبنانيون أن تكون الإنتخابات النيابية فرصةً للتغيير، ها هو ممثل الميليشيا الوحيدة في البلد يقول لهم لا حاجة لأن تُتْعِبوا أنفسكم بالذهاب الى صناديق الإقتراع، فحتى لو فزتم بالأغلبية لن تتمكنوا من جعلها تحكم، وهو ما جرى فعلياً في أوقات سابقة عندما فازت قوى 14 آذار بالأكثرية النيابية فخرج عليها الخاسرون بنظرية الديموقراطية التوافقية.
تطويراً لمقولة رعد ان البلد لا يُحكم بالأكثرية سيُتاح القول لا حاجة للإنتخابات في الأساس. فالكلام لا يحتاج إجتهاداً، إذ بإنتخابات أو من دونها سنبقى ممسكين بالسلطة، وهذا ما يجعل أحاديث الكواليس عن تطيير الانتخابات حديثاً جدياً.
قبل الاجتهادات الرعدية عن الممارسة الديموقراطية قال حزبه أن لا حاجة إلى القضاء ولا حاجة للغرب في وجود الشرق ولا حاجة للعالم كله ما دامت ايران جاهزة لإرسال كميات من المازوت عبر بانياس.
وقبل ذلك قال أشياء مماثلة عن الجيش والدولة واختصره بسؤال في منتهى البراءة: لماذا الجيش والدولة اذا لم يكونا قادرين على حمايتنا… وبشروطنا؟
قد يحق لحزب ديموقراطي عريق التفكير على هذا النحو اذا فاز في انتخابات شفافة. يمكنه عندها ان يطرح أفكاره ومشاريعه على السلطة التشريعية وقد يتمكن من إقرارها وجعلها قوانين تحكم حياة الناس. وقد يحاول حزب إنقلابي السيطرة على السلطة فيغامر ويدفع هو والناس ثمن مغامرته، لكن في لبنان المتعدد الطوائف، البرلماني النظام، لا يمكن لحزب طائفي ومذهبي أن يحقق أكثر من استثارة مشاعر تشبهه في مذهبيتها وطائفيتها. وهذا آخر ما يحتاجه لبنان في الحفرة التي وُضعَ فيها.
أخبار ذات صلة