19-11-2021
مقالات مختارة
غادة حلاوي
غادة حلاوي
حزب البعث يُبعث من جديد. مؤتمر قطري ينتهي بتعيين الزميل علي حجازي اميناً قطرياً، بما شكّل مفاجأة احدثت صدمة ايجابية لم تكن في الحسبان... عقد المؤتمر في سوريا برعاية الرئيس السوري بشار الاسد مباشرة، فتم اختيار حجازي بالتعيين لا بالانتخاب "تجنباً للانقسام". خطوة لها دلالاتها السورية على الساحة اللبنانية غداة خروج سوريا من ازمتها ومؤشر للمرحلة المقبلة. أراد الرئيس الاسد وضع حد للانقسام داخل البعث، ذاك الحزب الذي أفل نجمه بعد أن طغت خلافاته الحزبية الداخلية على انجازاته وغاب عن الساحة نهائياً منذ بداية الحرب على سوريا لارتباطه عضوياً بالحزب الحاكم في سوريا. عضو حزب البعث الذي صار امينه القطري ارتضى ان يخوض الامتحان الصعب بتحسين صورة الحزب في الاذهان واعادته الى الخريطة الحزبية، وصار قرار ترشحه للنيابة مرهوناً بقرار الحزب بالتوافق مع الحلفاء. فأي بعث سيعيد حجازي ترميمه وضمن اي مشروع وفي سياق اية علاقة مع سوريا خصوصاً وان التعيين بدل الانتخاب قد يرى فيه البعض مؤشراً سلبياً للمرحلة المقبلة. حجازي يتحدث لـ "نداء الوطن" عن تعيينه وعن مستقبل البعث والعلاقة مع سوريا.
أعاد خبر تعيينك أميناً قطرياً، حزب البعث الى الذاكرة بعد ان كان صار نسياً منسياً؟
للأسف، إن مثل هذا الانطباع صحيح نتيجة ظروف تنظيمية وسياسية مرتبطة بمنعطفين أساسيين، الاول متعلق بانسحاب الجيش العربي السوري من لبنان، والثاني له علاقة بالحرب على سوريا. وهناك منعطف ثالث اساسه الخلاف التنظيمي داخل جسم الحزب والذي انعكس سلباً على اداء الحزب وصورته وحضوره، ما عزز الشعور ان هذا الحزب انتهى وصار خارج قاموس الاحزاب اللبنانية.
اليوم بعد وصول هذه القيادة وصلت الرسالة الاولى التي تؤكد ان البعث لم ينته. واجزم انه وفي غضون ثلاثة اشهر سيعود الى تنظيم صفوفه ويحضر على الساحة السياسية ليكون شريكاً اساسياً في العمل على المستوى السياسي والشعبي لان الارضية موجودة والكوادر ايضاً لكن الحاجة كانت الى ضخ دم جديد. هذا الدم الجديد ضخ مجدداً بالتعيينات التي حصلت.
اين هو ذاك الثقل السياسي والشعبي وما ترتيب البعث ضمن الاحزاب؟
اظهرت نتائج انتخابات العام 2018 وفق الدولية للمعلومات وجود 8000 صوت تفضيلي للبعث في لبنان، بينما احزاب اخرى يؤخذ بتصريحات قيادييها في الاعلام ليس لديها حجم تمثيلي مماثل. ان يحافظ حزب البعث على حضوره بالرغم من كل المنعطفات التي مررنا بها وعدم توافر الامكانات، وعلى الرغم من الحرب الكونية على سوريا وانطباع البعض ان سوريا ستسقط، فان يبقى بعثي، يعني ان هذا الحزب له جذور ليس من السهل اقتلاعها. اليوم زرت عرسال ومشاريع القاع والقرى اللبنانية داخل الحدود السورية حيث لنا حضور وازن ونشكل حاجة للناس لما نمثله من جسر عبور الى سوريا. تاريخياً كنا نشكل ثقلاً ولكن الظروف السياسية والتنظيمية خففت من وهجنا. اختلاف الجو المرتبط بسوريا، وانتهاء مرحلة الاعتقاد ان الدولة ستسقط يمنحانا فرصة حقيقية لاستعادة دورنا في المناطق الحدودية وفي الداخل لان الناس تبحث عنا. لذلك سنعيد تنظيم انتشارنا على مستوى المكاتب الحزبية ونعيد النظر بتركيب فروعنا وشعبنا، ونسعى الى مقاربة مختلفة على مستوى بناء مؤسسة حزبية تستطيع ان تستوعب. وبثقة اقول اننا سنشهد حركة انتساب بمعايير محددة الى حزب البعث تحدث نقلة نوعية، وبدأنا نلمس مؤشرات ايجابية لذلك. مثلاً في عرسال هناك طلبات انتساب مكدسة سابقاً، فرحة الناس كانت كبيرة بقرار اعادة مكتبنا في عرسال لوجود حاجة لاعادة ترتيب العلاقة مع سوريا، وفي العقل الباطني ان حزب البعث الاقدر على ترتيب هذه العلاقة لا سيما وان سوريا تشهد عودة العرب اليها وستعود الى الجامعة العربية وللعب دورها وثمة مؤشرات الى ذلك. ومن الطبيعي ان نستفيد نحن كحزب من كل تلك العوامل.
يعني ان عودتكم ارتبطت بعودة سوريا؟
بالنسبة لنا سوريا لم تغب وما حصل في الحزب عنوانه واضح وهو اعادة ترتيب الوضع الحزبي. ومن مصلحتنا كحزب ان ترعى سوريا اعادة توحيد صفوف الحزب ولمجرد رعايتها فهذه رسالة واضحة وكافية بماذا تفكر به سوريا من دون تأويل ولا تفسير ولكن ليعلم القاصي والداني أننا حزب نفذ عمليات استشهادية وعسكرية ضد العدو الإسرائيلي ويحتل الصدارة بين الأحزاب بعدد الخريجين الجامعيين الذين حصلوا على منح تعليمية من الحزب للتعلم في الخارج وكان لنا دورنا ورأينا في الكثير من المحطات السياسية التاريخية ونحن سنسعى في هذه القيادة الى تظهير هذه الصورة التي يجهلها الكثير من الرأي العام.
بماذا تفكر سوريا، بالعودة الى دورها السابق في لبنان مثلاً؟
من الطبيعي ان يكون لسوريا رأي في الحياة السياسية في لبنان كما لإيران رأي والعراق والسعودية ومصر وقد تكون انشغلت سابقاً بمواجهة الحرب التكفيرية عليها لكن مع تعافيها فطبيعي ان تعود لممارسة دورها على مستوى السياسة الخارجية وتستعيد دورها.
يعني يمكن ان نشهد عودة سوريا الى سابق ما كانت عليه في لبنان سابقاً من نفوذ وحضور عسكري وسياسي؟
سوريا لا تفكر بالعودة الى لبنان كسابق عهدها بالطريقة التي يعتقدها البعض ولا تريد ان تمارس وصاية ولكنها دولة لها تأثيرها واول اشعاعاته سيكون باتجاه الدولة الاقرب ومنها لبنان. لديها حلفاء في لبنان تتشارك وإياهم الرأي كما تشاركت معهم المواجهة العسكرية بوجه العدو الإسرائيلي ومن ثم التكفيري ولماذا لا نقرأ الموقف السعودي أو الأميركي او الفرنسي في الحياة السياسية اللبنانية وصاية في وقت اننا نقرأ الموقف السوري وصاية؟
لان تاريخ العلاقة مع السعودية لم يكن شبيهاً بالعلاقة مع سوريا التي دخلت عسكرياً الى لبنان وكانت دولة وصاية مباشرة؟
عندما دخلت سوريا الى لبنان انما اتت برعاية عربية، وقد جاءت لتمارس الدور المطلوب منها وعنوانه وقف الحرب الاهلية، ويسجل لها حضورها وتقديم التضحيات في وقت كان الآخرون يغذون حروبنا.
ونحن على شفير حرب اليوم ايضاً، فهل يكون ذلك مبرراً للعودة اذاً؟
سوريا مركز قرار عربي ويحق لها كما يحق لغيرها ان يكون لها رأي وموقف لا سيما وان لبنان يواجه تأثيرات خارجية. جزء من الصراع كانت سوريا عنوانه الرئيسي.
لماذا اعتمد التعيين في المؤتمر وليس الانتخاب، فهل يكون ذلك سبباً لاستمرار الانقسام مجدداً؟
حتى لا نعود منقسمين مجدداً كان المخرج بعدم اعتماد خيار الانتخابات.
لكن ذلك تسبب بغضب فريق داخل الحزب
؟ليس صحيحاً لم يغضب احد.
وكيف تفسر بيان المعترضين على عقد المؤتمر في سوريا والتعيين بالشكل الذي حصل؟
البيان صدر قبل المؤتمر، والقيادة التي اصدرت البيان اتصلت وباركت وقامت بتسليم المبنى للقيادة التي عينت على رأسها.
لكن الامين العام السابق نعمان شلق لم يحضر التسليم؟
لم يحضر شخصياً ولكن حينما سلم الرفيق فادي العلي المبنى ابلغنا انه يسلم بتكليف من الامين القطري وبعض اعضاء القيادة ممن لم يحضروا المؤتمر والرفيق شلق قدم لي التهنئة عبر اتصال.
الا تساورك شكوك بامكانية استمرار الانقسام داخل البعث؟
لن تساورني شكوك قبل ان التقط اشارات. اما الآن كل الاشارات تدلل على ان حزب البعث لن يعود لمرحلة الانقسام السابقة لان المؤتمر كان جامعاً وحضره الجزء الأكبر من الرفاق. وعقد في دمشق وحظي برعاية ومتابعة مباشرة من رئيس المجلس القومي الذي هو الرئيس بشار الاسد وفق الترتيب الحزبي، وقد فوضه المؤتمر لان يسمي القيادة.
ابن البقاع، السياسي الشاب، ما الذي سيضيفه الى حزب فشلت تجربته في العراق وانهك في سوريا؟
حزب البعث انتصر في سوريا لان قائد الحزب كان قائداً للمعركة وخرج منتصراً. ولا يمكن المقارنة بين تجربتي سوريا والعراق وهذا نقاش يطول. انا حزبي منتسب لهذا الحزب وفي العام 2011 القيت كلمة الاعضاء العاملين في حزب البعث في مكتبة باسل الاسد في الهرمل وعضو قيادة فرع والتزم بالمهمة التي اكلف بها، كلفت ان اكون اميناً قطرياً ولا استطيع ان ارفض.
ولكن ارفض ان يقال منهك، بل دفع ثمن نتيجة ظروف سياسية وتنظيمية لكنه موجود... ويحتاج الى اعادة تنشيط وشعارنا كقيادة في مهمتنا لا يوم حزبياً من دون نشاط واطلقنا على القيادة مصطلح ارادة وادارة. نحتاج الى اعادة تنظيم الحزب. اجزم ان حزب البعث ليس منهكاً وانما يحتاج الى ترتيب وضعه التنظيمي وتنشيط العمل الحزبي والتواصل مع رفاقنا. وللاسف ظلمنا في الاعلام. لاننا لم نحسن تظهير صورة هذا الحزب ونحن جزء اساسي من مشروع سياسي له تاريخه وحضوره.
هل ستكون مرشح البعث في الهرمل؟
لا نفكر بالانتخابات حالياً، لان لا احد يجزم انها حاصلة، وقرار الترشح لم يعد قراراً شخصياً بل يتخذه الحزب في حينه والحزب سيخوض الإنتخابات حتماً وليس بالضرورة أن أكون انا المرشح وهذا ما يتطلب تفاهماً مع الحلفاء لضمان تمثيل الحزب في المجلس النيابي ولكن لا يوجد اسم مرشح محسوم او مقعد محدد من الآن.
واذا ترشحت سيكون ترشيحك حكماً على حساب ترشيح النائب جميل السيد؟
موضوع الإنتخابات والتحالفات والترشيحات يبحث في وقته وبالتفاهم مع الحلفاء. الآن ليس عاقلاً من يفكر بالإنتخابات وعلى المستوى الشخصي الهم الأول لي هو إعادة ترتيب الوضع التنظيمي.
ما هو مشروع البعث المقبل؟
الحزب سيكون رأس حربة في مشروع تغيير هذا النظام الطائفي. وسنكون منحازين الى الناس ومطالبهم وضرورة الشروع في بناء دولة. جزء من مشروعنا متصل بإعادة ترتيب العلاقة مع سوريا لما فيه مصلحة لبنان وسوريا، ولن نقبل ان تبقى الحدود وحركة الدخول والخروج كما هي عليه اليوم، وسنعمل جاهدين على ملف اعادة النازحين بالتعاون مع الحكومتين السورية واللبنانية. وسنقف سداً منيعاً في وجه محاولة التعاطي مع سوريا كعدو. لانه يضر بمصلحة لبنان واللبنانيين وقد رأينا كيف انها سهلت عبور الغاز المصري الى لبنان وتعاطت بايجابية. وسنكسر هذا الخجل الرسمي في التعاطي بين الدولتين ومش كل وزير بدو يطلع على سوريا بدو واسطة وإذن. التعاطي الجبان في ملف العلاقة مع سوريا يجب ان ينتهي.
ينطبق عليكم المثل القائل يطعمكم الحجة والناس راجعة. تخوضون حركة تصحيحية بينما لفظت الناس الاحزاب ؟
لنترك صناديق الاقتراع تحدد حجم التململ عند الناس. وفق ما يقوله خبراء الانتخابات فالامر ليس على هذا المستوى من التفاؤل بالتغيير.
كنت وعدت عند انسحابك من الانتخابات الماضية بمحاسبة نواب البقاع على وعود قطعوها فهل وفى هؤلاء بوعودهم؟
يومها لم نعرف ان هناك 17 تشرين ونصبة البنوك وانهياراً. كنا نسمع ونحلل ولم تعد الازمة حصراً في البقاع. للاسف. كان يفترض السعي لدى الدولة لتنفيذ الوعود ولكن سرعان ما سقطت الدولة وانهارت فلم يعد بالامكان تحصيل مشروع طريق بمساحة 200 متر. هناك احزاب تقدم خدمات بالحد الادنى لتأمين صمود الناس وتغطي فراغ الدولة.
أخبار ذات صلة
محليات
حزب الله: وقد اعذر من انذر