18-11-2021
مقالات مختارة
كلير شكر
صحافية لبنانية
على الرغم من سوداوية المشهد اللبناني، يتصرّف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على أنّ الفرصة لا تزال متاحة للجم الانهيار والحدّ من تداعياته. لا يبالغ النائب الطرابلسي في توقعاته ولا في قدرة حكومته على انجاز الكثير من المشاريع نظراً لتعقيدات الأزمة في أبعادها المحلية والخارجية، وتشابكها في جوانبها المالية والاقتصادية والاجتماعية. ومع ذلك، يكفيه أن يسمع وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن يعلن بالفم الملآن دعمه لحكومة "الفرصة الأخيرة" قبل حصول الانفجار الكبير، ليتأكد أنّ عودته إلى نادي رؤساء الحكومات السابقين، لم يحن موعدها بعد.
يواظب ميقاتي على متابعة كل الملفات الحكومية، كأنّ حكومته كاملة الدسم السياسي، أو كأن مجلس الوزراء سيجتمع غداً أو بعد غد على أبعد تقدير. وفي باله مسألتان أساسيتان، يعتقد النائب الطرابلسي أنّ بمقدور حكومته أن تنجزهما اذا ما توافرت الإرادة المحلية الجامعة: الكهرباء والمفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
ولهذا، يستثمر الوقت الضائع الذي تتكبّده الحكومة في مرحلة التعطيل، على تحضير الأرضية لعرض ملف الكهرباء على طاولة مجلس الوزراء. المشروع، وفق المواكبين صار في جارور رئيس الحكومة، ويحاول خلال هذه الفترة جسّ نبض مختلف القوى السياسية قبيل عرضه على مجلس الوزراء، خصوصاً وأنّ وزير الطاقة وليد فياض من الفريق المتحمّس للمشروع المطروح الذي يقوم على أساس استخدام مصرف لبنان جزءاً من الاحتياطي الالزامي لتمويل بناء معملين بتنفيذ احدى الشركات العالمية المتخصصة، مقابل استكتاب جزء من الودائع العالقة في المصارف الخاصة. ولهذا، لا يرى أنّ العقبتين اللتين تواجهان الحكومة، عصيّتان على الحل: ملف التحقيقات في انفجار المرفأ، والأزمة الناشئة عن مواقف وزير الاعلام جورج قرداحي.
لا بل هو مقتنع أنّ بقية الأطراف الشريكة حريصة على انتشال الحكومة من سباتها، كونها آخر الأطر التنفيذية المتاحة قبل انفجار البركان الاجتماعي الذي يكاد يلفظ حممه القاتلة. وهو على هذا الأساس يقود سلسلة اتصالات ولقاءات من شأنها أن تساهم في فكفكة الألغام التي تعترض طريق عودة الوزراء إلى بيت الطاعة الحكومي. وتؤكد مصادر مطلعة على هذه الاتصالات، أنها تتسم بكثير من الايجابية التي ستفضي إلى التئام جلسة مجلس الوزراء من جديد، وفي فترة لم تعد بعيدة. لا بل يذهب بعض المواكبين إلى حدّ الجزم بأنّه تمّ التوصل إلى تفاهم بين القوى السياسية المكوّنة للحكومة على ايجاد الصيغ القانونية والسياسية التي تسهّل عودة الحكومة إلى نشاطها ومنع تحوّلها الى حكومة تصريف أعمال. وجاء في هذا السياق اللقاءان اللذان عقدهما ميقاتي مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، ومع رئيس تيار المردة سليمان فرنجية واللذان اتسما بالتفاهم، فيما يتردد أن رئيس الحكومة التقى أيضاً خلال الأيام الأخيرة وبعيداً عن الاعلام، الوزير قرداحي، في مسعى لترجمة الاتفاق إلى خطوات عملية.
وفق المواكبين، فإنّ الطابة في ملعب مجلس القضاء الأعلى الذي يعمل على صيغة قانونية من شأنها أن تعيد الثقة بالتحقيقات إلى الثنائي الشيعي، ولهذا عاد رئيس الحكومة وأكد "أن الاتصالات مستمرة لايجاد حل يعتمد الاسس الدستورية والقانونية"، أملاً في "إستئناف جلسات مجلس الوزراء في اسرع وقت، وان يقتنع الجميع بأن الحوار كفيل بحل الخلافات بعيداً عن رفع السقوف، خصوصاً وان ما يعاني منه اللبنانيون ينبغي تجنيد كل الطاقات لمعالجته"... ما يعني أنّ الحكومة غير معنية بالقيام بأي خطوة أو قرار من باب التدخل بعمل القضاء لتصويب عمل المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، كما كان يطالب الوزراء الشيعة.
وبالتالي إنّ الخطوة الأولى المنتظرة ستكون على المستوى القضائي، لتكون الخطوة الثانية استقالة قرداحي التي يريدها ميقاتي من باب فتح ثغرة في جدار الأزمة مع السعودية، وبمثابة ثمن سيُدفع في "سوق الأخذ والردّ" بين القوى السياسية. وسبق لوزير الاعلام أن أكد أنه منفتح تجاه أي حل يفيد لبنان ويعيد ترميم علاقاته مع دول الخليج، لكنه شدد على ألّا تكون استقالته "مجرد طلقة في الهواء لا تؤدي إلى أي نتيجة".
أخبار ذات صلة
إينوميَّات
سؤال برسم دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري