25-10-2021
محليات
بخطوط حمر عريضة ارتسمت معالم التوازنات في قضية أحداث الطيونة، بعدما وضع "حزب الله" نفسه في جبهة مواجهة لجبهة مسيحية تتقدم صفوفها بكركي و"القوات اللبنانية"، لا سيما بعدما دخل البطريرك الماروني بشارة الراعي بقوة على خط هذه القضية مجاهراً برفض تحويل "مَن دافع عن كرامته وأمّن بيئته لقمة سائغة"، في إشارة إلى أهالي عين الرمانة، مقابل استمرار "حزب الله" بتسعير نيران القصف المركّز على "القوات" ورئيسها سمير جعجع، ليُسجّل نهاية الأسبوع رشقاً من المواقف النارية استهلها الشيخ نعيم قاسم بالتصويب على نظرية التآمر "القواتي" مع الخارج و"جماعة السفارات"، واختتمها النائب محمد رعد بوابل من الاتهامات المباشرة لجعجع مطالباً إياه بـ"الاعتذار" عن كلامه الأخير عبر شاشة "أم تي في" والذي "أخطأ فيه بحق سيّدنا وتطاول عليه".
وإذ حذر رعد أنّ بين سطور تهديداته رسالة "ليشعر القاصي والداني أننا لسنا قاصرين لكننا نتصرف بحكمة"، بدت في الوقت عينه "رسالة" أخرى ساطعة في طرح "حزب الله" نوعاً من "المقايضة" بين السلم الأهلي والتحقيق العدلي في جريمة المرفأ لا سيما في ضوء تشديد قاسم بالفم الملآن على وجوب "أن يرحل القاضي طارق البيطار من أجل أن يستقر الوضع". وأكدت مصادر مواكبة لمسار المستجدات الأخيرة على خط قضيتي تحقيقات الطيونة وتحقيقات المرفأ، أنّ "حزب الله" يضع ثقله في سبيل فرض توجهاته حيال القضيتين، بحيث سرّبت أوساط مقربة منه معطيات إعلامية تدعو إلى ترقب "قطب مخفية" في القضية الأولى تتماشى مع مضبطة اتهام "القوات"، بالتوازي مع إبقاء حكومة الرئيس نجيب ميقاتي مقيّدة رهن إنجاز "تخريجة قضائية" في القضية الثانية يتم العمل عليها بشكل يسترضي "حزب الله" ويوصله إلى تحقيق هدفه المركزي في "قبع" البيطار من منصبه.
وبُعيد إنهاء مديرية المخابرات في الجيش تحقيقاتها في أحداث الطيونة وإحالة الملف إلى مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي، نقلت الأوساط "ارتياح" قيادة "حزب الله" لنتائج تحقيقات المخابرات، متوقعةً أن "تتكشف وقائع جديدة في الفترة المقبلة مغايرة لما تم تداوله إعلامياً عن أحداث الطيونة، بما يعزّز نظرية "حزب الله" حيال مجريات هذه الأحداث ويضغط أكثر باتجاه تكريس طلب استدعاء رئيس "القوات" للاستماع إلى إفادته في القضية"، من دون أن تستبعد الأوساط نفسها أن يصار أيضاً إلى وضع بند إحالة القضية إلى المجلس العدلي على جدول أعمال مجلس الوزراء فور عودته للانعقاد.
وفي هذا السياق، تشير مصادر واسعة الاطلاع إلى أنّ رئيس الحكومة "على تواصل مستمر مع الثنائي الشيعي لتأمين أرضية تسووية مناسبة لاستئناف مجلس الوزراء جلساته"، موضحةً أنّ "التخريجة التي يتم العمل على إنضاجها تقوم على مبدأ فصل السلطات والمسارات بين العمل الحكومي وقضية تنحية المحقق العدلي في جريمة المرفأ، على أن يتم توليف صيغة محددة يطمئنّ لها "حزب الله" وتضمن له أن ينتهي المسار القضائي في هذه القضية إلى إلحاق القاضي البيطار بسلفه القاضي فادي صوان عبر قبول تنحيته عن القضية بدعوى الارتياب المشروع".
وبالارتياب "المشهود"، يواصل العهد نهج الازداوجية بين الشعارات الإعلامية والممارسات الواقعية على أرض الواقع، وآخر مآثره تجلت في المرسوم رقم 8412 الذي قضى من خلاله رئيس الجمهورية ميشال عون بتعيين زوجة المتهم الموقوف على ذمة قضية انفجار المرفأ بتهم فساد، بدري ضاهر، باسكال إيليا، كمراقب أول في المجلس الأعلى للجمارك.
وإذا كانت موافقة رئيس الحكومة على المرسوم تحصيلاً حاصلاً بموجب سياسة المهادنة التي ينتهجها مع رئيس الجمهورية، فإنّ "التوقيع الشيعي الثالث" على المرسوم دحض كل مجريات التراشق الرئاسي والسياسي والإعلامي "فوق الطاولة" بين بعبدا وعين التينة، ليعيد ترسيخ التناغم الفاضح في عملية التحاصص "تحت الطاولة" بينهما.
وعلى هذا الأساس، بدا وزير المالية يوسف خليل المحسوب على رئيس مجلس النواب نبيه بري، بتوقيعه على مرسوم تعيينات الجمارك كمن يمحي "بشخطة قلم" كل الحبر الذي سال في سوق الاتهامات الشعواء بين "التيار الوطني الحر" و"حركة أمل" خلال الساعات الأخيرة، والتي بلغت حد اعتبار "التيار" أنّ "الحركة" متواطئة مع "القوات" في أحداث الطيونة ومتناغمة معها في مجلس النواب، قبل أن يشتعل فتيل ردود وردود مضادة بين الجانبين، انتهى إلى دخول المستشار الرئاسي سليم جريصاتي "على خط النار" بعدما حمّلته "أمل" مسؤولية دماء الطيونة من خلال "الغرفة السوداء التي يديرها وتحرّك القاضي البيطار"، فما كان منه إلا أن أعاد كرة "الارتياب" إلى ملعب "الحركة" معتبراً أنّ سياساتها تقوم على قاعدة "كاد المريب أن يقول خذوني".
أبرز الأخبار