18-10-2021
مقالات مختارة
توجّهان متناقضان
التوجه الأول، يرفض إنشاء تحالفات، بل يريد أن يقدم طرحاً جذرياً من دون أي تسوية. ويؤيد الترشح ضمن تحالف مجموعات وشخصيات ثورية فقط، ذات برنامج تغيري شامل. ويقول إن بعض التحالفات مع مكونات كان لها ارتباط سابق بالمنظومة، سيجعل اللوائح المعارضة تخسر أصواتاً أكثر مما قد تكسب. وإذا كان العكس صحيحاً، فإن وصول عدد قليل من النواب "بصفاء" إلى المجلس النيابي، أفضل من وصول كتلة كبيرة مع حلفاء.
التوجه الثاني، يرى في وصول قوى تغييرية إلى المجلس النيابي أكثر أهمية من تسجيل موقف. ولذا، يركّز على ضرورة إنشاء تحالفات، ويريد أن يحقق أكبر كتلة نيابية ممكنة معارضة للمنظومة. ويطرح تحالفات واسعة مع قوى معارضة كانت بالأمس تحت مظلة المنظومة، مثل نواب ووزارء سابقين وأحزاب، منهم لديه تاريخ في الحرب الاهلية.
التوجه الثاني يقول، إن قوة التغيير الثورية تتمايز عن قوة المعارضة بطرحها وجذريتها، لكن هذا لا يعني أنهم أضداد. وحكماً، سيكون عملهم سوية خلال ولاية المجلس. لذا، التحالف من لحظة الترشيحات أمر بديهي. أي أن يتعاونوا ويتحاوروا ويختلفوا داخل المجلس، أفضل من أن يخسروا ويتجادلوا خارجه. وبالتالي، يسمحون بعدم اتفاقهم لسيطرة كاملة للمنظومة على المجلس.
خسارة اليمين واليسار
تلك القوة المعارضة تضم تحديداً: أسامة سعد، شربل نحاس، الحزب الشيوعي، ميشال معوض، سامي الجميل، ونعمت فرام. بعض القوى التغييرية الثورية التي تسعى لتكون الانتخابات منصّة لإبراز برنامجها الجذري بوجه سلاح حزب الله و"الاحتلال الإيراني"، تسعى جاهدة لإقصاء أي تحالف مع القوى اليسارية الثلاث. والقوى التغييرية التي تميل إلى اليسار تسعى بكل ما لديها من إمكانيات لحذف القوى الثلاث الأخرى من أي معادلة انتخابية. خسارة تلك القوى يميناً ويساراً كحلفاء للقوى التغييرية، سيضعف بشكل كبير لوائح المعارضة السياسية للمنظومة.
والأسوأ، إن الاقصاء -إن تم- سيدفع نحو تشكيل لائحتين من القوى المعارضة، تقسّم القوى التغييرية الثورية، إحداها متحالف مع الجناح اليساري، والأخرى مع الجناح اليميني. تلك تكون الكارثة، وستؤدي حتماً إلى انكفاء المواطنين عن الانتخاب للوائح المعارضة بكثافة، ما يضرب أي إمكانية لزخم انتخابي وطني لاكتساح المنظومة. إن عدم إقصاء أحد، وتشكيل لوائح انتخابية موحدة تضم كل التغييريين والمعارضين هو أساس للمواجهة في الانتخابات المقبلة. ولكل منهم أن يستمر في طرح برنامجه كاملاً، لكن ضمن تلاق انتخابي.
المواجهات الشرسة
سيخالف هذا الرأي كثر، تارة بحجة التوريث السياسي لسامي الجميل، وأسامة سعد، وميشال معوض. وتارة بحجة تاريخ الحرب الأهلية للحزب الشيوعي، وحزب الكتائب، والتنظيم الشعبي الناصري. وتارة بحجة الانضواء القديم ضمن المنظومة لشربل نحاس والكتائب ومعوض وفرام. ومنهم سيعترض على جذرية مواقفهم من سلاح حزب الله، وإيران، وسوريا، ورياض سلامة، والمصارف، وقوى 8 اذار، وقوى 14 آذار. لكن بالرغم من كل تلك المسائل المهمة، يبقى أنه فقط مع هؤلاء ستستطيع القوى التغييرية أن تشكّل رزمة مواجهة صلبة بوجه المنظومة. أولاً، للوقوف بوجه العنف والتهديد والقمع والتزوير ما قبل الانتخابات وخلالها، ثم داخل المجلس في المواجهات الشرسة التي ستلحق. وتلك القوى المعارضة، هي الحليفة الطبيعية وبمتناول القوى التغييرية، لأنها الأكثر إمكانية للتوافق على برنامج عمل تشريعي مشترك، وطعون في قرارات الرئاسات، ومجلس الوزراء والمجلس النيابي نفسه.
وإن كان القاضي طارق البيطار بمسعاه القانوني من ضمن النظام قد هز عرش المنظومة، وأربكها بقوة القانون، وهو الذي يواجه رؤساء وحكومة ومجلساً نيابياً وأجهزة كاملة الولاء للمنظومة.. فكيف لو وجد كتلة نيابية ضخمة من داخل النظام؟ ألن يكون عندها ضرب المنظومة وإنقاذ الوضع الاقتصادي، وتثبيت المحاسبة، وتطبيق الدستور والقانون، أقرب الى المنال؟ هذا ليس حلماً، إنه حقيقة إذا تجنبنا الإقصاء المتبادل، وتضافرت جهود التغييريين والمعارضين بوجه المنظومة.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار