18-10-2021
محليات
كيف سيُعالَج الانقسام السياسي حول مهمّة قاضي التحقيق في جريمة تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار؟ هو السؤال الذي لا يزال العمل على إنضاج إجابة عليه منذ جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، التي تمظهر فيها الانقسام الكبير بين رئيس الجمهورية ميشال عون وحزب الله وحركة أمل، حيث رفض عون طلب وزراء الحزب والحركة بكفّ يد البيطار عن التحقيق.
فبين موقف الثنائي الشيعي الحاسم بمقاطعة مجلس الوزراء إلى حين وضع حدٍّ لِما وصفوه بتجاوزات المحقّق العدلي، وبين موقف عون المتمسّك بمبدأ فصل السلطات وتمسّك البيطار بقرار عدم التنحّي وإصرار رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبّود على رفض الرضوخ للضغوط السياسية وعدم القَبول بأيّ تسوية غير قانونيّة، عُقِد اجتماع يوم السبت دام نحو ساعة جمع عبّود ووزير العدل هنري خوري والنائب العامّ التمييزي القاضي غسّان عويدات مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. وقد بحث المجتمعون قضية المحقّق العدلي على أن تتمّ دعوة البيطار في الأيام المقبلة إلى اجتماع مع مجلس القضاء الأعلى لبحث التطوّرات الأخيرة، وعلى أن يتولّى عبود دعوة البيطار إلى اللقاء المنتظر.
لا تهمّ حزب الله الوسيلة المتّبعة في إيجاد الحلّ، سواء عليه أكانت الوسيلة من خلال مجلس الوزراء أو من خلال مجلس القضاء الأعلى. المهمّ بالنسبة إليه هو "حلّ الموضوع".
من جهته، يؤكّد عون فصل السلطات وعدم قدرة مجلس الوزراء على التدخّل في السلطة القضائية.
أمّا ميقاتي فيرى أنّ بإمكان مجلس القضاء الأعلى، وبعدما اكتمل عدد أعضائه، أن يجد التسوية القانونية الأنسب لحلِّ المعضلات المثارة أخيرا.
وعلى هذا الأساس، قدّم وزير العدل في اجتماعه الأخير مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي اقتراحاً يؤدّي إلى إنشاء هيئة اتّهاميّة عدليّة استثنائيّة يكون ضمن اختصاصها النظر في قرارات المحقّق العدلي. ولكي يبصر هذا الاقتراح النور يقترحه وزير العدل، ثمّ يوافق عليه مجلس القضاء الأعلى، ثمّ يدرسه مجلس الوزراء، ويقدّمه عدد من النواب إلى المجلس النيابي ليصوّت عليه.
تحدّثت مصادر وزارة العدل عن تأكيد ميقاتي لوزيرالعدل أنّه هو مَن يضمن تقديم هذا الاقتراح من قبل بعض النواب إلى المجلس النيابي كاقتراح قانون معجل مكرّر ولا سيّما أنّ العقد العاديّ لمجلس النواب يبدأ يوم الثلاثاء. فإذا تعذّر اجتماع الحكومة اللبنانية لعدم الاتفاق السياسي على المخرج، فسيكون المخرج في مجلس النواب من خلال تقديم هذا الاقتراح على أنّه المخرج الوحيد لعودة انعقاد مجلس الوزراء.
أمّا الرئيس بري فقد رحّب بدايةً باقتراح وزير العدل، لكنّه اعتبر أنّها صيغة تحتاج إلى بعض الوقت، وهو يريد حلّاً سريعاً لإزاحة البيطار عن اختصاص ملاحقة النواب والوزراء وحصرها في المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.
هل تحظى هذه الصيغة بإجماع القوى السياسية عليها؟ ناشطة هي الاتصالات في هذه الساعات لاستبيان المواقف كافّة. غير أنّ المعلومات تشير إلى أنّها الصيغة الوحيدة التي يمكن لها أن تؤدّي إلى سحب التحقيق مع الوزراء والنواب من يدي طارق البيطار وجعله خارج صلاحيّاته، وسط تمسّك القوى كافّة بمواقفها. في المقابل كان لافتاً تصريح نائب كتلة حركة أمل قاسم هاشم بأنّ ما يتم تداوله عن إنشاء هيئة عدلية عارٍ عن الصحة، وهو غير مطروح في الجلسة التشريعية الثلاثاء المقبل. ما يعني أنّ برّي لا يزال متخوفاً من أن تكون الهيئة فخ ينصبه رئيس الجمهورية، على أنّ تخوفه ينطلق من الغرق في متاهة المراسيم التطبيقية وآلية تعيين القضاة في حال الموافقة على مبدأ إنشاء الهيئة.
مع العلم أنّ الحزب سبق أن طالب بإزاحة المحقّق العدلي طارق البيطار لكونه يعتبر أنّ البيطار يتّجه بقراره الظنّي إلى اتّهام الحزب بتفجير المرفأ، كما نقلت عنه مصادره. فهل يرضى بأقل من ذلك؟
أبرز الأخبار