16-10-2021
مقالات مختارة
لا تزال أعمال العنف التي تصاعدت في لبنان تلقي بظلالها على الوضع، حيث تحول الخميس الماضي إلى أسوأ أعمال عنف في شوارع الدولة منذ أكثر من عشر سنوات، مما أسفر عن مقتل سبعة أشخاص بالرصاص، وأعاد للأذهان أشباح الحرب الأهلية في البلاد والتي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990.
وتحدثت صحيفة وول ستريت جورنال مع حسين حمدار الذي قُتل جده قبل 45 عاما برصاص قناص في رأسه أثناء أداء صلاته. فيما قتلت شقيقة زوجته مريم حمدار، الخميس، بعدما أصيبت، وهي أم لخمسة أطفال، برصاصة في رأسها، أثناء تواجدها في منزلها.
قال حمدار: "كان ابنها البالغ من العمر 16 عاما أول من وصل إلى البيت. في تلك المرحلة كانت قد رحلت. تخيل أن تأتي إلى منزلك وتجد والدتك جثة".
واندلع القتال عندما خرج أنصار حزب الله، الفصيل الشيعي المهيمن في لبنان وأكبر ميليشيا في البلاد، احتجاجا على تحقيق في انفجار مدمر في ميناء بيروت العام الماضي، قد يورط بعض حلفائه في الحكومة.
بعد بدء إطلاق النار، اتهم حزب الله جماعة مسيحية منافسة، وهي حزب القوات اللبنانية، بوضع قناصة لإطلاق النار على المتظاهرين أثناء اقترابهم من إحدى المناطق الفاصلة بين الأحياء المسيحية والشيعية.
وتنفي الجماعة المسيحية المزاعم، قائلة إن السكان كانوا يدافعون عن منازلهم ضد المحتجين.
قال حمدار: "لا أحد يفهم أي شيء. الحرب هي قتل بعضنا البعض دون فهم السبب".
ويبلغ معدل التضخم في لبنان ما يقرب من 158 في المئة، وهو ثاني أعلى معدل تضخم سنوي في العالم بعد فنزويلا، وفقا لحسابات ستيف هانكي، أستاذ الاقتصاد التطبيقي في جامعة جونز هوبكنز.
وأصبحت أسعار اللحوم والدواجن والبنزين باهظة بالنسبة لمعظم اللبنانيين. وسحقت أزمة العملة متوسط القوة الشرائية، واليوم يعادل الحد الأدنى للأجور حوالي 30 دولارا في الشهر.
أما الكهرباء فتقدمها الحكومة لمدة ساعة أو ساعتين في اليوم، مما يضطر بالكثيرين إلى الاعتماد على المولدات الخاصة. ولكن مع بدء التضخم الجامح، أصبح ذلك رفاهية لا يستطيع تحملها سوى عدد قليل من أصحاب الامتيازات.
ويلقي النشطاء والمحللون السياسيون باللوم على سماسرة النفوذ السياسي في البلاد.
يقول شارل حايك، أستاذ التاريخ وصاحب حساب (التراث والجذور) الشهير على إنستغرام: "من خلال الإبقاء على مؤسسات الدولة ضعيفة، سمح ذلك للقادة الطائفيين بالعمل كمقدمي خدمات لحقوق أساسية للغاية، أصبحت الآن احتياجات أساسية للغاية".
لكن مع اندلاع الأزمة الاقتصادية وتفاقمها بسبب وباء كوفيد-19 وانفجار بيروت، يتأرجح النظام السياسي على شفا الانهيار وتتطلع الفصائل الرئيسية الآن إلى طرق أخرى لحشد الدعم مع اقتراب الانتخابات البرلمانية في مايو المقبل. بما في ذلك تأجيج العداوات القديمة، بحسب ما تقول وول ستريت جورنال.
تقول الصحيفة إن شوارع المدينة التي تديرها الميليشيات هي تذكير بمدى انحدار البلاد. وعام 2019، تجمع مئات الآلاف من اللبنانيين في مسيرات تهدف إلى إسقاط النظام السياسي الطائفي واستبداله ببديل أكثر عرضة للمساءلة. فشلوا في تلك المحاولة، لكن حركة الإصلاح تخطط الآن لتقديم مرشحين في انتخابات مايو.
وتنقل الصحيفة عن حسين العشي، الأمين العام لحزب منتشرين، وهي حركة تقدمية انبثقت من احتجاجات 2019، قوله: "يجب أن يرى الناس مرة واحدة كيف يمكن للممثلين غير الطائفيين العمل لحماية مصالحهم".
حتى بعض أولئك المرتبطين بالميليشيات يقولون إن هناك في كثير من الأحيان ما يربطهم بخصومهم أكثر مما يفرقهم.
في شارع جانبي قبالة الطيونة، الذي يُنظر إليه على أنه حي تقطنه أغلبية مسلمة، والذي كان مركز القتال الخميس الماضي، وقفت مجموعة شبابية من أنصار حزب الله ترتدي ملابس سوداء أمام مقهى وبوشوم دينية وأوشحة ذات اللون الأخضر الداكن.
وقال مدير المقهى: "لا تدعوا أحدا يقول غير ذلك، نحن جميعا إخوة هنا، مسيحيون وشيعة وسنة". وبينما كان يعلق مسدسه على خصره، قال إن القتال انتهى.
فيما قال أحد الشبان قبل أن يخرج عقدا عليه صليب كان مدسوسا في قميصه: "جميعهم شيعة، لكنني هنا مسيحي من عين الرمانة، وأجلس مع أصدقائي".
ورد عليه شاب آخر من الجالسين، قائلا: "توقف عن هذا الكلام المخزي، أنت أخ لنا". ويخشى لبنانيون آخرون من اندلاع دائرة أخرى من العنف.
لكن حايك يعلق على ذلك قائلا إن "الميليشيات غالبا ما تفترس شبانا مثل أولئك الذين يتسكعون في مقهى الطيونة. في كثير من الأحيان، هم من عائلات فقيرة غادرت الريف بحثا عن حياة أفضل في المدينة، يحاولون الوصول إلى التعليم المناسب أو البنية التحتية الأساسية المحدودة، حيث تحاول الفصائل السياسية المتنافسة تأكيد سيطرتها من خلال ضمان مرور جميع الخدمات من خلالها".
ومع استمرار الاقتصاد في التدهور، قد يصبح التجنيد والعنف أسهل مع اقتراب التصويت في العام المقبل، بحسب الصحيفة.
ويتساءل حايك: "كيف تربح الانتخابات في ظل نظام طائفي؟ عبر تأجيج التوترات الطائفية ثم تتخيل أنك المدافع عن المجتمع".
وأسفرت اشتباكات الخميس، التي لم تتضح ملابساتها حتى الآن، عن مقتل سبعة أشخاص، هم ثلاثة عناصر من حزب الله توفي أحدهم الجمعة متأثرا بإصابته، وثلاثة عناصر من حركة أمل، بالإضافة إلى المرأة. وأصيب كذلك 32 شخصاً آخرين بجروح.
وفي الضاحية الجنوبية لبيروت، شيع المئات عنصرين من حزب الله بالإضافة إلى المرأة. ولفت الجثامين براية حزب الله الصفراء اللون، وأحاط بها عناصر من الحزب بلباس عسكري.
وشيعت حركة أمل ثلاثة من عناصرها في مناطق مختلفة. وفي قرية النيميرية جنوبا، أطلق مشيعون النار في الهواء فيما نثرت النساء الورود فوق جثمان قتيل لم يتجاوز 26 عاما.
أبرز الأخبار