15-10-2021
محليات
شهدت بيروت أمس أسوأ أعمال عنف منذ أكثر من عقد، مع اندلاع "حرب" شوارع في منطقة حساسة أوقعت ستة قتلى وعشرات الجرحى وأثارت الرعب في نفوس اللبنانيين، بعدما كشفت احتقاناً طائفياً كبيراً فاقمه شحن سياسي مستمر في ذورة أزمة اقتصادية طاحنة لا أفق لحل قريب لها.
وأحداث يوم الخميس التي تزامنت مع تظاهرة كانت تطالب باقصاء قاضي التحقيق في انفجار مرفأ بيروت طارق بيطار، هي الأسوأ منذ 7 أيار (مايو) 2008 عندما نزل مناصرو "حزب الله" بقمصانهم السود الى الشوارع ونفذوا سلسلة اعتداءات على أهالي بيروت وعلى المرافق الاقتصادية والخدماتية. وأقفل الحزب في حينه مطار بيروت من خلال نشر مسلّحيه على طريق المطار وقطع الطريق المؤدية إليه بالأطر المشتعلة، مما أدى الى تعليق حركة الطيران.
وفي حينه هدف الحزب الى الضغط على الحكومة حتى تراجعت عن قرارات تؤثر عليه منها اتخاذ خطوات ضد شبكة اتصالات يديرها.
وأمس، كانت التظاهرة التي دعت اليها جهات مقربة من "حزب الله" تهدف ايضاً الى الضغط على السلطات اللبنانية لكف يد القاضي طارق بيطار الذي يواجه منذ فترة حملة شرسة بذريعة انحيازه وتسييه التحقيق. وبدأت المواجهات بعد وصول عشرات المتظاهرين من مناصري "حزب الله" وحركة "أمل" إلى تخوم المنطقة المسيحية في عين الرمانة بضاحية بيروت.
وانتشر في الشوارع مسلحون بينهم مقنعون، من الحركة والحزب، وقد وضع بعضهم شارات تؤكد انتماءهم الحزبي، يطلقون النيران باتجاه أبنية يتواجد فيها قناصة، فيما لم يكن الطرف الآخر واضحاً للعيان.
لكن الظروف المحددة لهذه الاشتباكات لا تزال مبهمة إذ لم يعرف الطرف الذي أطلق النار على التظاهرة، وعلى من أطلق مقاتلو "حزب الله" و"حركة امل" النار في الاشتباكات.
واتهم الحزب والحركة "مجموعات من حزب القوات اللبنانية"، أبرز الأحزاب المسيحية بـ"الاعتداء المسلح" على مناصريهما. إلا أن "القوات" اعتبرت الاتهام مرفوضاً "جملة وتفصيلاً".
شرارة الحرب
والمفارقة أن أحداث اليوم بدأت في المكان المشؤوم نفسه الذي انطلقت فيه شرارة أحداث 13 نيسان (أ[ريل)، وأدت الى حرب استمرت 15 سنة، الأمر الذي أعاد الى الذاكرة شبح الحرب اللبنانية.
ويمثل إطلاق النار أسوأ عنف مدني تشهده بيروت منذ 2008، ويلقي الضوء على عمق الأزمة السياسية المتعلقة بالتحقيق في الانفجار الكارثي الذي وقع في الرابع من آب (أغسطس) 2020 ويقوض جهود الحكومة لمواجهة أحد أبرز حالات الانهيار الاقتصادي في التاريخ.
وندد سمير جعجع، زعيم حزب القوات اللبنانية بإطلاق النار قائلا إن "السبب الرئيسي لهذه الأحداث هو السلاح المتفلت والمنتشر والذي يهدد المواطنين في كل زمان ومكان".
ورأى رئيس حزب "الكتائب" اللبنانية النائب سامي الجميل أن "حزب الله" يستعمل كل أدواته للسيطرة على الدولة، من السلاح الى تعطيل الرئاسة وتعطيل الحكومات وهو يُحكم قبضته على البلد، وقد انتقل إلى القضاء لكسره وتطويعه، في إشارة الى مطالبة الحزب بكف يد قاضي التحقيق في انفجار بيروت القاضي طارق بيطار.
واعتبر أنه ليس للبنانيين سوى الجيش الذي "عليه في هذه الفترة الاستثنائية القيام بدور استثنائي والضرب بيد من حديد".
ويريد القاضي بيطار استجواب عدد من كبار السياسيين ومسؤولي الأمن، ومنهم حلفاء لـ"حزب الله"، بسبب الإهمال الذي أدى إلى انفجار المرفأ الذي تسببت فيه شحنة ضخمة من نترات الأمونيوم. ونفى جميعهم ارتكاب أي جريمة.
وأوضحت وثائق أن محكمة لبنانية رفضت اليوم الخميس أحدث دعوى بحق بيطار، مما يسمح له باستئناف العمل.
عواصم غربية
وسارعت عواصم غربية الى الدعوة الى التهدئة واستكمال التحقيق.
دعت فرنسا إلى "التهدئة" والولايات المتحدة إلى "وقف التصعيد" مع تشديد الجانبين على "استقلالية القضاء".
ودعا الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إلى "وقف الأعمال الاستفزازية" وإلى "تحقيق غير منحاز" حول انفجار المرفأ.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار