01-10-2021
محليات
غابت طوابير«الذل» عن محطات الوقود،ليس لان الحكومة الجديدة منحت اللبنانيين الحلول المنشودة، بل لان رفع الدعم جعل «التفويلة» مجرد «حلم ليلة صيف» لكثير من المواطنين غير القادرين آخر الشهر على تحمّل نفقات السعر الجديد لصفيحة البنزين، بينما لا تزال البطاقة التمويلية دون افق واضح وسط تآكل الرواتب، وعودة الدولار الى الارتفاع في السوق السوداء ليُلامس بالامس ال18الف ليرة، وسط فشل الحكومة في الضغط على مصرف لبنان لتعديل التعميم 151، ما يعني استمرار»الهيركات» المقنع للودائع، فيما «النقطة المضيئة» الوحيدة او اليتيمة التي احتفلت بها الحكومة، فسلفة خزينة جديدة لكهرباء لبنان بمئة مليون دولار تمنح البلاد تغذية لنحو 8 ساعات لمدة شهرين، بينما لا امل باستجرار الطاقة من الاردن قبل ثلاثة اشهر.
وبانتظار نتائج المفاوضات مع صندوق النقد والتي تحتاج الى وقت طويل قد لا يسعف حكومة الانتخابات لقطف ثماره، تتزاحم الملفات الحيوية امام الحكومة التي تتجنب حتى الآن الملفات الخلافية، وفي مقدمها تعيين «الهيئة الناظمة» لكهرباء لبنان، تم على نحو مثير «للريبة» تجاهل تعديل المرسوم 6433 الخاص بتعديل الحدود البحرية في اول جلسات مجلس الوزراء، فاختار لبنان استراتيجية «التطنيش»بعد نصائح فرنسية، تلت تحذيرات اميركية، فيما حضرت العلاقة مع سوريا في اللقاءات مع رئيس الحكومة الاردنية بشر الخصاونة، وقد كان لافتا تمسك رئيس الحكومة نجيب ميقاتي باستراتيجة «النأي بالنفس»، بانتظار ان يتحوّل الضوء «البرتقالي» الاميركي الى «اخضر»، مخالفا بذلك نصائح نظيره الاردني!
استفزاز «اسرائيلي»؟
فقد عادت «اسرائيل» الى «استفزاز» الجانب اللبناني في ملف ترسيم الحدود البحرية، ونقلت وسائل إعلام «إسرائيلية» عن مسؤولين «اسرائيليين» تأكيدهم بالامس، أن «إسرائيل» لا تنتظر لبنان، وبدأت بالتنقيب في القسم الشمالي من حقل «كاريش».ولكن حتى الآن لا آذان صاغية في بيروت مقابل هذا «التصعيد الاسرائيلي» الممنهج، وفي هذا السياق، تحدثت مصادر سياسية مطلعة عن تفاهم سياسي بين رئيسي الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي قبيل الجلسة الاولى للحكومة، افضى الى التريث في وضع ملف تعديل الحدود البحرية على جدول اعمال مجلس الوزراء، على الرغم من الطبيعة الملحة للملف.
باريس على خط «التريث»
لكن ووفقا لمعلومات «الديار» دخلت باريس على الخط، وتلقى رئيس الحكومة نصيحة من الرئيس ايمانويل ماكرون»بالتريث» في حسم هذا الملف الحساس، بانتظار التنسيق الضروري مع واشنطن التي توليه اولوية مطلقة، وثمة خشية في باريس من قلب واشنطن «الطاولة» على التفاهم الذي ارسى «هدنة» مرحلية انتجت تسهيلا «لولادة» الحكومة. علما ان الموقف الاميركي لا يزال متشددا ازاء اي تعديل سبق واعتبرته السفيرة الاميركية في بيروت دوروثي شيا في لقائها الاخير مع وزير الخارجية عبدالله بو حبيب «تصعيدا» غير مبرر. في المقابل، لا تزال قيادة الجيش عند موقفها الذي ابلغه الوفد المفاوض لكل من رئيسي الجمهورية والحكومة بان لا شيء سيردع «اسرائيل» عن البدء بالتنقيب ما لم تقدّم الحكومة الى الامم المتحدة وثيقة معدلة تتضمن الخط 29 اي التوقيع
رسميا على المرسوم 6433.
القلق يجمع عون وميقاتي!
ووفقا للمعلومات، لم يضع رئيس الجمهورية « كرة» تعديل المرسوم في ملعب ميقاتي، وانما لا يزال التنسيق مستمرا بين الرجلين المتفقين على ضرورة عدم القيام باي «دعسة» ناقصة تثير انزعاج الاميركيين، الذين بدأوا يتحدثون عن رغبتهم في استئناف التفاوض غير المباشر في الناقورة، دون تحديد مهل محددة او نقطة انطلاق للمفاوضات، ولهذا يسعى رئيس الحكومة الى بلورة موقف موحد حيال الملف، ولهذا عرض وجهة نظره في عين التينة مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، ولم يتم التوصل الى «خارطة طريق» واضحة حيال كيفية مقاربة هذا الملف بانتظار المؤشرات الاميركية والتحرك الفرنسي. مع العلم ان علامات استفهام كبيرة تدور حول تأخر شركة «توتال» الفرنسية مع شريكتيها الروسية والايطالية، اكثر من 6 اشهر في البدء بالتنقيب في البلوك 9 ! فهل يبادر الجانب اللبناني الى خطوة تجرّ»الاسرائيليين» على العودة الى طاولة التفاوض بتعديل المرسوم ام ستضيع الحقوق بسبب القلق من اغضاب الاميركيين؟
سوريا حاضرة في جولة الخصاونة
في هذا الوقت، جال رئيس الوزراء الاردني بشر الخصاونة على المسؤولين عارضا المساعدة، سيما في مجال الكهرباء، كاشفا أن بلاده «تقوم بمحادثات مكثفة مع كل من مصر وسوريا في سبيل انجاز ترتيبات تأمين الغاز المصري للبنان، وأن النتائج حتى الآن أكثر من إيجابية»، وان هذه العملية قد لا تستغرق أكثر من 3 أشهر».
وعلى هامش زيارة الخصاونة الى بيروت، حاول الرؤوساء الثلاثة استشراف طبيعة التقارب الاردني مع دمشق، وطبيعة حدود الهامش المتاح اميركياً لهذا الانفتاح، فكان رئيس الحكومة الاردني واضحا من خلال شرح طبيعة الاتصالات التي اجراها العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني مع الرئيس الاميركي جو بايدن والتي خلصت الى تفاهم على استثناء الاردن من قانون قيصر بما يساعد في الانفتاح على النظام السوري، ملمّحاً الى دور محوري لبلاده في اعادة سوريا الى الجامعة العربية اولا والمجتمع الدولي ثانيا بالتنسيق مع القاهرة، وهو امر لم يلق معارضة اميركية.
نصائح اردنية
ولهذا نصح الزائر الاردني المسؤولين اللبنانيين بضرورة «ترتيب» العلاقة مع دمشق لما للامر من انعكاسات ايجابية على الوضع الاقتصادي والسياسي في لبنان. وفي سياق تأكيده على دعم واشنطن للخطوة الاردنية،لفت رئيس الحكومة الاردنية الى ان بلاده اسقطت الكثير من التعقيدات الأمنية عبر قرار صدر عن وزارة الداخلية الأردنية يشيرالى أن الأردني يستطيع زيارة سوريا اليوم بصورة فردية أو جماعية دون الحاجة الى الإعلام والحصول على الموافقة مسبقاً.
عون «متحمّس»
وفي هذا السياق، علمت «الديار» ان رئيس الجمهورية ميشال عون متحمّس لزيارة سوريا قبل نهاية عهده برفقة الوزير جبران باسيل، لكنه ينتظر الوقت المناسب لذلك، بينما لا يزال رئيس الحكومة على موقفه «الحذر» من زيارة سوريا، وعلى الرغم من كلامه الودي اتجاه النظام،شدد على انه لا يريد تعريض لبنان للمخاطر، ويفضل الاستمراربسياسة «النأي» بالنفس في هذه المرحلة، دون ان يمانع حصول اجتماعات وزارية، وذلك بانتظار «ضوء اخضر» اميركي واضح في ظل «الارتباك» الواضح في موقف واشنطن التي اصدرت خارجيتها موقفين متناقضين خلال ساعات قليلة، وبعد ترحيب الخارجية بتطور العلاقات الاردنية- السورية، قال متحدث باسم الوزارة إن واشنطن ليس لديها خطط حالياً للتطبيع أو لرفع مستوى العلاقات مع حكومة الرئيس الأسد، كما أنها لا تشجع الدول الأخرى على القيام بذلك؟
تحولات كبيرة ؟
ووفقا لمصادر سياسية مطلعة، يخشى اليوم من تأخر لبنان في مواكبة التحولات في المنطقة، بسبب حسابات شخصية مالية وانتخابية، وسط كلام جدي عن تفكير أميركي بالانسحاب من سوريا، شرط الاتفاق مع روسيا على حماية الكرد وعدم توسيع الدور الإيراني على حساب الانسحاب الأميركي والاستمرار بالضغط لوضع دستور جديد للبلاد أو تعديل الحالي بما يسمح بمشاركة المعارضة.
ميقاتي يتشبّه بالكاظمي!
في المقابل، تؤكد اوساط مقربة من ميقاتي انه يريد فعلا ان يحمي لبنان من دفع ثمن حسابات خاطئة ما يعرض البلاد لعقوبات اميركية، وتلفت في هذا السياق، الى ما فعله رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي الذي اضطر الى عدم دعوة دمشق الى قمة بغداد للحوار والشراكة منعا للإحراج، وذلك بالتفاهم مع النظام السوري.
..وينتظر زيارة لودريان الى الرياض
وفي هذا السياق، يتريث ميقاتي في حسم الملفات الخارجية، ومنها العلاقة مع سوريا، ريثما يتبلور الموقف السعودي الرافض حتى الآن التعاون مع الحكومة والملف اللبناني برمته، وفقا لما نقله الفرنسيون عن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، ولذلك لا شيء مستعجل، ويمكن انتظار نتائج المفاوضات السعودية- الايرانية التي قد تنتج انفراجا في ملفات المنطقة، كما ينتظر رئيس الحكومة نتائج زيارة مرتقبة لوزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان ورئيس المخابرات الخارجية برنار إيمييه، الى السعودية قريبا، تحضيرا لزيارة مرتقبة للرئيس الفرنسي قبل نهاية العام.
شيا على «خط» الانتخابات
في الشأن الانتخابي، دخلت السفيرة الاميركية في بيروت على الخط ، والتقت وزير الداخلية بسام المولوي، ووفقا لمصادر مطلعة ابلغته أنه لا مفرّ من إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المبدئي في 27 آذار، لان التأجيل سيعني حكما الصدام مع المجتمع الدولي، ووفقا لزوار «عوكر» ، تراهن واشنطن من خلال دعمها للوائح المجتمع المدني وعدة احزاب على الساحة المسيحية، على حصول تعديل في موازين القوى النيابية ما سيؤثر حكما على انتخاب خلف للرئيس عون، ولهذا فان التركيز الآن سيكون على اضعاف التيار الوطني الحر الذي يُشكل «الخاصرة الرخوة» لحزب الله.
الغاء مقاعد المغتربين
وفيما قدم النائب شامل روكز اقتراح قانون معجل مكرر لتعديل قانون الانتخاب والغاء مادتين، وتحديداً ما يتعلق بالمقاعد الستة المخصصة لتمثيل اللبنانيين غير المقيمين على الأراضي اللبنانية ، يبدو ان تفاهما سياسيا قد حصل خلال الساعات القليلة الماضية بين القوى السياسية الفاعلة على عدم زيادة 6 مقاعد نيابية مخصصة لتمثيل اللبنانيين في الاغتراب، في ظل وجود خلاف حول توزيع هذه المقاعد على القارات التي يتواجد فيها المغتربون، ولهذا فان العملية الانتخابية ستعتمد على القانون الحالي النافذ باعتماد النظام النسبي والصوت التفضيلي، وسيقترع المغتربون كما حصل في العام 2018.
التفاوض مع الصندوق..
في هذا الوقت، صدر امس قرار تشكيل لجنة التفاوض بعد التوافق بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، ويتألف الوفد من نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي، وزير المالية يوسف الخليل، وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، على أن يضم الوفد وزراء ويستعين بخبراء من اصحاب الاختصاص وفقا للمواضيع او الملفات المطروحة في مسارالتفاوض .
ومراجعة خطة التعافي
من جهته، استقبل رئيس الجمهورية وفد من شركة «لازارد» ، وشدد الرئيس عون خلال اللقاء على «ضرورة مراجعة خطة التعافي الاقتصادي التي اعدتها الحكومة السابقة نتيجة التغيير الذي حصل في الارقام منذ اكثر من سنة حتى اليوم، وتوحيد هذه الارقام، كي يكون موقف لبنان قويا خلال المفاوضات مع صنددوق النقد..
اسئلة حول البطاقة التمويلية؟
من جهته ترأس ميقاتي اجتماعا يتعلق بالبطاقة التمويلية ، شارك فيه وزيرا الشؤون الاجتماعية هكتور الحجار ووزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام، وفي ختام الاجتماع وقع ميقاتي والوزيران حجار وسلام «قرار تحديد آلية ومعايير تطبيق القانون المتعلق بالبطاقة الالكترونية التمويلية وفتح اعتماد اضافي استثنائي لتمويلها،، وهذا ما يطرح اكثر من علامة استفهام حول اسباب تمويلها داخليا، خصوصا انه سيتم فتح اعتماد اسثنائي في موازنة 2022 عبر الاقتراض من المصرف المركزي بدل الاقتراض من البنك الدولي. وبعد تذليل كل العقبات القانونية وموافقة التفتيش المركزي الذي وافق على الآلية التطبيقية للتمويل لمدة سنة فقط، يبقى السؤال عن جدوى حصرها بسنة واحدة، وماذا عن اتساع دائرة المحتاجين بعد هذا العام؟ .
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار