09-08-2021
صحة
يعاني أطفال وشباب صغار من "اختلالات معرفية" ومشاكل نفسية وعصبية عديدة بعد إصابتهم بكوفيد-19، رغم مرور أسابيع على الإصابة، فيما يحاول أطباء جاهدين معرفة السبب.
من بين هؤلاء ويل غروغان (15 عاما) من تكساس، الذي نسي ما حدث في فصله الدراسي في اليوم السابق، لدرجة أنه صرخ في وجه معلمه وزملائه قائلا: "لا أعرف ما الذي تتحدث عنه". يشعر "ويل" أيضا بأعراض أخرى مثل التعب وألم الساقين والدوخة.
قبل الإصابة بكوفيد-19 في أكتوبر الماضي، كان "ويل" لاعب تنس موهوبا وطالبا متحمسا لدرجة أنه كان يشعر بأن "أخذ قيلولة هو إهدار لضوء الشمس".
وبعد كوفيد، أصبح يشعر بالإرهاق الشديد وبالدوار لدرجة أنه يضطر للجلوس حتى لا يغمى عليه أثناء الاستحمام، ويعاني أيضا من الضباب الدماغي الذي يتسبب في رؤية "أشياء تطفو على الصفحات".
أما لاعب كرة السلة مسييا رودريغيز (17 سنة)، فقد اضطر للتوقف عن ممارسته لعبته المفضلة، بعد خروجه من الملعب والتقيؤ في حقيبته خلال مباراتين، والآن يسأل نفسه: لماذا أنا مريض دائما؟" فهذه الأعراض لم تحدث له من قبل وكان يمارس كرة السلة طوال حياته.
بعد الإصابة حدثت له مشكلات ذهنية ويتناول حاليا أدوية للاكتئاب والقلق ويرى طبيبا نفسيا بشكل أسبوعي. يقول إنه يعاني من "نوع من القلق الاجتماعي" بعد أن كان شخصا اجتماعيا قبل الإصابة.
سييرا ترودو (12 عاما) تم تشخيص حالتها بأنها مصابة بـ"التوتر" بعد طلاق والديها، وبعد ستة أشهر من الإصابة بالفيروس التاجي، زاد معدل التوتر لديها بالإضافة إلى مشاكل أخرى مثل التعب الجسدي والصداع والنسيان.
هذه الحالات هي ضمن عدة حالات أوردها تقرير مطول لصحيفة نيويورك تايمز تناول مسألة تأثير "كوفيد طويل الأمد" على الأطفال.
بالأرقام
وتقول الصحيفة إنه بينما يستعد الشباب الصغار في جميع أنحاء الولايات المتحدة للعودة إلى المدارس، يحاول عديدون التعافي من "الأعراض العصبية أو الجسدية أو النفسية" التي يطلق عليها اسم "كوفيد طويل الأمد" أو "متلازمة ما بعد كوفيد".
ويرصد التقرير أعراضا مثل آلام الصدر والعضلات والإرهاق وضيق التنفس وتشوش المخ وأعراض أخرى.
وتقدر الدراسات نسبة مصابي "كوفيد طويل الأمد"بحوالي 10 في المئة إلى 30 في المئة من البالغين المصابين بفيروس كورونا، فيما تتباين التقديرات بشأن الأطفال.
وكان تقرير تشرف عليه منظمة الصحة العالمية ونشر في فبراير الماضي قد قال إن واحدا من كل 10 مصابين بالمرض تقريبا يشعرون بالإعياء بعد مرور 12 أسبوعا على إصابتهم بالعدوى ويعاني كثيرون أعراضا تستمر وقتا أطول من هذا بكثير، وفق رويترز.
وفي جلسة استماع بالكونغرس عقدت في أبريل الماضي، استشهد الدكتور فرانسيس كولينز، مدير المعاهد الوطنية للصحة، بدراسة تشير إلى أن ما بين 11 في المئة و15 في المئة من الشباب المصابين بكوفيد قد أصيبوا بأعراضه طويلة الأمد، مع ما يصاحبه من آثار "مدمرة للغاية على أمور مثل الأداء المدرسي".
ووجدت دراسة أجراها مكتب المملكة المتحدة للإحصاءات الوطنية، في أبريل، أن 9.8 في المئة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 2 و11 عاما، و13 في المئة ممن تتراوح أعمارهم بين 12 و16 عاما من المصابين بفيروس كورونا شكوا من أعراض مستمرة بعد خمسة أسابيع إلى 12 أسبوعا من الإصابة.
"تأثير هائل"
ويقول الأطباء إنه حتى الأطفال الذين يعانون من عدوى أولية خفيفة أو غير مصحوبة بأعراض قد يعانون من أعراض مرض كوفيد لفترة طويلة، وهي "مشكلات مربكة، ومُوهِنة في بعض الأحيان، وقد تعطل دراستهم ونومهم وأنشطتهم خارج المناهج وحياتهم بشكل عام".
الدكتور أفيندرا ناث، رئيس قسم التهابات الجهاز العصبي في المعهد الوطني للاضطرابات العصبية والسكتة الدماغية تحدث عن تداعيات "هائلة" لأنهم "في سنوات تكوينهم. وبمجرد أن تتخلف عن الركب، يكون الأمر صعبا للغاية، لأن الأطفال يفقدون ثقتهم بأنفسهم أيضا".
الدكتورة مولي ويلسون مورفي، أخصائية الأمراض المعدية العصبية في مستشفى بوسطن للأطفال، حيث يوجد برنامج للتعامل مع حالات كوفيد-19 طويلة الأمد تشير إلى أنهم رصدوا أعراضا مثل "التعب والصداع وتشوش الدماغ وصعوبات الذاكرة والتركيز واضطرابات النوم والتغيير المستمر في حاسة الشم والذوق".
وتؤكد للصحيفة أن معظم المرضى كانوا "أطفالا أصيبوا بالمرض ولم يتم إدخالهم إلى المستشفى، وتعافوا في المنزل، ثم ظهرت عليهم أعراض لا تختفي أبدا، أو يبدو أنهم يتحسنون تماما وبعد أسبوعين أو شهر، تظهر عليهم الأعراض".
الدكتور أفيندرا ناث، رئيس قسم التهابات الجهاز العصبي في المعهد الوطني للاضطرابات العصبية والسكتة الدماغية، قال مشيرا إلى حالة المراهقة التي تعاني من "التوتر" إن بعض المشاكل قد تكون ناجمة عن الالتهابات التي تضر بالأوعية الدموية، بما في ذلك في الدماغ.
وأضاف أن هناك نظرية أخرى تشير إلى أن "الجهاز المناعي يتعرض للخلل بطريقة ما ومن ثم يصعب إيقافه" أو أن الفيروس المتبقي أو الأجزاء الجينية تحافظ على تنشيط الاستجابات المناعية. وقال: "يبدو الأمر وكأن الأغنية قد اختفت، لكن الموسيقى لا تزال موجودة".
ويقول الدكتور مالون من معهد كينيدي كريغر إن "بعض المرضى يعانون من أعراض دورية، فيما يحدث لآخرين تحسن تدريجي بطيء".
ويشير التقرير إلى أن الطالب "ويل" تحسنت أعراضه إلى حد كبير، لكنه لم يتعاف بعد بنسبة 100 في المئة.
ويرى "ويل" أن المرض أصبح مصدر قلق كبير له، وقبل الإصابة كان يقول لنفسه: "لو أصبت بكوفيد، سأحصل على الأجسام المضادة وسأكون على ما يرام، لكن الآن لا أريد أن أعود إلى ذلك مرة أخرى أبدا".
أخبار ذات صلة