26-07-2021
مقالات مختارة
غادة حلاوي
غادة حلاوي
ليس استقبال السفير السعودي وليد بخاري للوزير السابق والنائب محمد الصفدي مجرد خبر عابر وهو الذي كان حتى الأمس القريب من المغضوب عليهم سعودياً وقد اوقفت نشاطاته. يمكن ان يفهم على كونه رسالة لرؤساء الحكومات بوجه اجماعهم على الرئيس نجيب ميقاتي واذا كان كذلك فيعني ان المملكة ستتعامل معه كما سبق وتعاملت مع الحريري على انه رئيس حكومة القمصان السود التابعة لـ"حزب الله". إشارة سلبية سبقت لحظة تبني رؤساء الحكومات السابقين خيار تكليف ميقاتي الذي كان يعلم ان الاجواء السعودية لن تكون مرحبة بتكليفه، وقد تبلغ بذلك من اكثر من وسيط مشترك، غير انه مع رؤساء الحكومات السابقين أعدوا تبريراً محكماً لقبول التكليف اليوم، بذريعة عدم الظهور بمظهر المعطل وان يساهموا في تذليل العقبات، واذا كان من تعطيل فليكن من جانب رئيس الجمهورية وفريقه وإظهار ذلك الى الرأي العام.
وبغض النظر عن الموقف السعودي فان ميقاتي سيكون مكلفاً بغالبية قد تلامس السبعين صوتاً مزكى من "حزب الله" الذي اعتاد ان يترك قراره حتى اللحظات الاخيرة، والمرجح ان يسمي نوابه ميقاتي على سبيل الدعم ولو انهم حتى ساعات ليل امس لم يكونوا قد تبلغوا بمثل هذا التوجه، وتردد ان الامر متوقف على تسمية "التيار" وتبنيه لترشيح السفير نواف سلام، فاذا امتنع عن تسمية سلام يمتنع "حزب الله" عن تسمية ميقاتي مطمئناً الى تكليفه، والا فسيعمد الى تسميته. رغم استبعاد البعض مثل هذا السيناريو لاعتقاده ان زعل باسيل من "حزب الله" على خلفية ابلاغه بترجيح كفة ميقاتي لا يفسد الود بينهما ولا يؤثر على مسار علاقتهما. في وقت علم ان السفير اللبناني السابق في الامم المتحدة الموجود في بيروت اجرى اتصالاً مع احد رؤساء الاحزاب، ولم يكن الشأن الحكومي بعيداً عن نقاشهما ولو ان حظوظ سلام بدت معدومة.
مستبقاً تكليفه، أجرى ميقاتي مروحة اتصالات مع عدد واسع من السياسيين فاتصل بالسياسيين المعنيين بالشأن الحكومي من دون استثناء، بمن فيهم رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل الذي التقاه الى مأدبة عشاء دعا اليها ميقاتي حيث تناول البحث جملة امور تتعلق بالحكومة العتيدة. ساعات غاص خلالها الطرفان بكل العقبات التي يمكن ان تعترض تشكيل الحكومة والحقائب بهدف تذليل العقد وتسهيل تشكيل حكومة بأقرب وقت ممكن، مما استوجب عقد لقاء ثان بينهما في غضون ساعات.
ووفق المعلومات التي تناقلتها مصادر موثوقة فان الاتفاق، وان كان حصل على كثير من النقاط واهمها تخلي باسيل عن الثلث الضامن، اعاد طرح موضوع تسلم حقيبة الداخلية وهو الامر الذي قوبل برفض شديد من ميقاتي، الذي فضل ومنعاً للاختلاف والتعطيل، ان تسند الداخلية الى الثنائي الشيعي وبقي البحث معلقاً حول هذه النقطة، من دون الاتفاق على تسمية "التيار الوطني الحر" لميقاتي في الاستشارات. ومن الامور قيد البحث في مسألة الحكومة والحقائب إسناد الداخلية الى شخصية مسيحية من خارج "التيار الوطني الحر" ولا تشكل تسميتها استفزازاً لأي طرف.
ويعني مثل هذا اللقاء بداية حلحلة تتجاوز التكليف الى التأليف، بحيث تم تذليل العقبة الكبرى وهي الحوار بين الطرفين، وحرص ميقاتي على عدم اصطدام حكومته بغياب الميثاقية المسيحية والوقوف على رأي الاحزاب السياسية من دون استثناء. ولهذا الهدف حصل تواصل بين ميقاتي ورئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط بعد ان نجح بري في تعبيد طريق كليمنصو امام ميقاتي وأمّن تأييداً اشتراكياً لرئيس تيار العزم، الذي اجرى اتصالاً بالنائب فيصل كرامي، ومن المرتقب ان يجري اتصالاً بالسفيرة الاميركية في لبنان دورثي شيا وبعدد من السفراء الاجانب المعتمدين في لبنان.
كنتيجة اولى نجح ميقاتي في تحقيق اختراق على جبهة الحكومة، وبحصيلة الامس حسم تكليفه وبعملية حسابية حصد نسبة من الاصوات تعزز موقعه كرئيس مكلف، لكن تبقى العبرة في التأليف الذي ليس مضموناً طالما ان العقبات لا تزال هي ذاتها، مع فارق ابداء "التيار" رغبته بتسهيل مهمة تشكيل حكومة حتى ولو اقتضى الامر تنحيه جانباً، في حين ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تتقدم اولويته بتثبيت سعر صرف الدولار ووقف تدهور العملة الوطنية على ما عداها، وهذا لا يتحقق الا من باب تشكيل الحكومة لذا فهو يبدي مرونة في التعاطي مع ميقاتي وفق توقعات مقربين. باتصالاته ولقاءاته تجاوز البحث بمسألة تكليفه وانصب اهتمام ميقاتي على تعبيد طريقه لتشكيل حكومة في فترة قياسية لن تزيد عن الشهر والا يعتذر، وهو الاحتمال الذي يتوقعه الكثيرون متذرعين بموقف باسيل المتصلب ازاء التمثيل المسيحي في الحكومة وتحفظ رئيس الجمهورية، في حين ان قلة قليلة كانت تقول ان حكومة برئاسة ميقاتي ستبصر النور حتماً وهذا من مصلحة الجميع.
أبرز الأخبار