14-07-2021
محليات
في هذه الحلقة من كتاب «حارس قبر الجمهورية» الذي سيصدر قريباً عن «دار سائر المشرق» في بيروت للكاتب اللبناني فايز قزي، يروي تفاصيل اجتماعين له مع رئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي كان منافساً للجنرال ميشال عون على منصب رئيس الجمهورية، ثم توصل الطرفان إلى «اتفاق معراب» الذي أسفر عن انسحاب جعجع من السباق الرئاسي، لا بل مشاركة نواب حزبه في انتخاب عون رئيساً للجمهورية عام 2016 بعد عامين من الفراغ الرئاسي عقب انتهاء ولاية الرئيس الأسبق ميشال سليمان. وينقل قزي عن جعجع قوله بعدما وصل عون إلى رئاسة الجمهورية أنه عجز عن إحداث خرق ولو بسيطاً في موقفه.
إن دخول رئيس حزب القوّات اللبنانية سمير جعجع حلبة المنافسة، أعطى المعركة وجهاً مختلفاً. فكان أول المنافسين الجدّيين. ولكن ترشيحه لم يفضح مناورات حسن نصر الله وبشّار الأسد. بل زادها رسوخاً، وساعدهما بمشاركته في تحمّل جزء من مسؤولية الفراغ. فكان دعم ترشيح جعجع من تيّار المستقبل، واعتماد رئيس مجلس النواب، نبيه برّي، نظرية الثلثَين لاكتمال النصاب في كلّ الدورات، سبباً كافياً لانسداد الأفق في توفير نصاب الجلسة وإمكانية انتخاب رئيس. ورغم أن نظرية النصاب {البِرّية} هذه مخالفة لنصّ المادة 49 من الدستور اللبناني روحاً ونصّاً، فقد نام المجلس النيابي في غفوة فراغ دستوري شامل امتدّت لسنتَين ونصف السنة في عملية ابتزاز الرأي العام بمسرحية «سلسلة جلسات».
كان يتمّ تحديد مواعيد لها مع معرفة مسبقة بعدم اكتمال النصاب، وليتحمّل النوابُ المقاطعون من دون عذر، وعلى رأسهم التيّار العوني، مسؤولية دعم مشروع فراغ «حزب الله»، بعد أن بيَنت الإحصاءات أن ميشال عون لا يحظى بأكثرية نيابية للفوز. فكرّست هذه المرحلة شعار: «الفراغ أو عون رئيساً».
وأضاف إعلان سمير جعجع ترشّحه لرئاسة الجمهورية، عنصراً جديداً لاستحالة اكتمال النصاب في المجلس، استغلّه «حزب الله» ليستر به مشروع الفراغ الذي ينفّذه لاستكمال وضع اليد على المؤسّسات.
دعاني الصديق شارل خوري لزيارة سمير جعجع في معراب، فرافقته. وتبيّن لي أن اللقاء جرى وفق موعدٍ مسبق، وأن شارل سبق وأخبر جعجع أنني عَبرتُ في جلسات حوارية مع مجموعة من الأصدقاء، أن «حزب الله» غيرُ صادقٍ في طرح ميشال عون لرئاسة الجمهورية، وأن هذا ليس إلّا خطّة مدروسة هدفها المزيد من هدم النظام اللبناني، وتعطيل السلطات، وضرب المؤسّسات العسكرية والأمنية، لتأمين هيمنة الحزب على ساحة لبنان (الجزء) وإلحاقها بدولة الأمّ (الكلّ) في إيران...
في هذا اللقاء مع جعجع، المرشّح لرئاسة الجمهورية، استعدت ذكريات زيارتي الأولى له بعد خروجه من السجن سنة 2005 وسفره إلى باريس وعودته إلى منطقة الأرز. كان ثلج فبراير (شباط) يغطّي مسكنه حينذاك، وكنت مع وفدٍ من نقابة المؤسّسات السياحية والنقيب جان بيروتي. فبادرني جعجع قائلاً: «كيف تسلّلت إلى هذه المجموعة». فأجبتُه: «أنا عضو في النقابة ومستشارها القانوني ولست متسلِّلاً. وقد جئت برغبة علنية لأقول لك ما قد لا يرضيك، إلّا أنني أتمنّى عليك أن تسمعني، ولو من موقعي كصديقٍ لميشال عون. أنت الآن رقم سياسي مسيحي صعب، وميشال عون رقم سياسي مسيحي صعب، فإن اجتمعتما يستحيل خروج منصب الرئاسة منكما. يومها أذكر أنك غضِبتَ وقلتَ لي: «ومن يقنع صديقكَ وليد جنبلاط بانتخابه»؟ فقلتُ: «إنها الاستحالة التي يستعملها الثنائي الشيعي لمصادرة مجلس النواب».
استعدت في لقائي مع جعجع المرشّح للرئاسة مرّة جديدة هذه الفرضية السابقة، فسألني: «وما رأيك اليوم وقد أصبحتَ مخاصماً لعون؟» فأجبتُ وأكّدتُ: «اليوم أعود علناً لا متسلِّلاً، ومن موقع الخصومة للجنرال عون، لأطلب منك ألا تتمسّك بإعلان ترشّحك لرئاسة الجمهورية، فتساهم بمؤامرة الفراغ التي يقودها (حزب الله). ورغم أني قطعت علاقتي بالجنرال عون الممتدّة من العام 1985 حتى فبراير 2006 وأنا اليوم أقرب لنهجك السياسي، إلّا أنني أتمنّى أن تتريّث وتتراجع موقّتاً عن منافسة عون. فلا يحمّلك بعض الرأي العام المسيحي مسؤولية الفراغ وتعطيل الانتخابات، فتكون بالتالي مسؤولية الفراغ ملقاة على عاتق (حزب الله) الذي ستنكشف أوراقه أمام ميشال عون. عندها ستستفيد أنت من التصادم الناجم عن تراجع (حزب الله) عن مزاعمه في تأييد ميشال عون».
لشعوري أن جعجع كان أكثر صبراً في الاستماع، تابعت موضحاً: «(حزب الله) لا يمكن أن يضع ثقته برجل لا يملك ثبات الموقف بعد نيل مبتغاه. أضف إلى ذلك عصبيته المسيحية العميقة، وعلاقاته الإسرائيلية التي قادته إلى الكونغرس الأميركي، للمطالبة بمحاسبة سوريا، واستقباله سامي مارون لربط علاقته بإسرائيل، وانتظامه مع بشير الجميّل يوم كان ضابطاً يسمى بـ (رعد) (الاسم الحركي لميشال عون في الحرب الأهلية) ثم قائداً للجيش اللبناني باقتراح ورضا أمين الجميّل، ومستضيفاً المرسلين العسكريين الأميركيين، وانقلاباته على الرفاق والحلفاء... كلّ هذه المواصفات يدركها (حزب الله). ولديه أكثر من ذلك. وأنا خبيرٌ بوثائق وأدبيات ومواثيق الحزب ومرجعياته، ولقد أضعت سنوات طويلة في هذا البحث متفرّغاً خاصة بعد العام 2006 للتعمّق في الثورة الإيرانية دستوراً وشرعاً وعقيدة ونهجاً وغزواً. لذلك من غير المجدي وطنياً منافسة المرشّح ميشال عون، بل يجب كشف لعبة الفراغ التي هي الهدف الأول والغاية النهائية للحزب، وما ترشيح عون سوى مناورة وأحد الأسباب المعطّلة للانتخابات. وسحب ترشّحك يمنع عن الحزب هذا الغطاء».
بعدما أنهيت كلامي بادرني جعجع قائلا: «ما تقوله فيه بعض الحقيقة، لكن ماذا لو تحوّلتْ هذه المناورة من فراغٍ إلى ترشيح؟» عندها خطرت ببالي تجربة أكراد العراق. فقلت: «هذا احتمال لا تتجاوز نسبة حصوله الواحد في المائة. لكن إذا تحقّق ذلك تكون قد أنجزت الاختراق الذي يفتح لك أبواب الدخول إلى البيئة التي سيطر عليها عون من خلال ادّعاءات مسيحية وتحريرية ووطنية. ويكون قد ذهب هو إلى مغامرة ومغارة التسلّط والحكم، على غرار جلال الطالباني، الذي قَبِلَ العرض الأميركي - الإيراني له برئاسة العراق بعد صدّام حسين. فترك الإقليم الكردي ليجلس على كرسي رئاسة الجمهورية العراقية في بغداد، وبقي البرزاني في الإقليم الكردي ليحصد محبّة شعبه بإجماعٍ شامل».
بعد شهورٍ قليلة بدأ الحراك على خطّ الرابية - معراب، تولّاها الوزير ملحم رياشي موفداً من قبل سمير جعجع، تقابلها زيارات للنائب في التيّار الوطني الحرّ إبراهيم كنعان موفداً من ميشال عون إلى معراب. واستمرّت هذه المشاورات شهوراً قبل أن يعلن سمير جعجع انسحابه لمصلحة عون وليوقّع اتفاق معراب في 19 يناير (كانون الثاني) 2016، فتبادل عون وجعجع رفع نخب الفرح بتحقيق انتصار ظاهري عظيم.
الحريري يناور
احتفال عون في معراب أثار حفيظة سعد الحريري الذي ظنّ سوءاً في تحوّل القوّات. وردّاً على مفاجأة جعجع واتفاق معراب، استمر سعد الحريري بمناورته في ترشيح سليمان فرنجية في الفترة الأولى، لكنه فشل بتأمين النصاب. واستمرّ «حزب الله» وسوريا في مناورة تعطيل النصاب. وبعد فشل انعقاد الجلسات، وبعد أن باتت الأرجحية الشعبية المسيحية لمصلحة اتفاق معراب، اضطر الحريري للتخلّي عن مناورته بترشيح سليمان فرنجية واستبدالها بواسطة حصّة سخية من عون تُوفر له ركوب رئاسة مجلس الوزراء حتى نهاية العهد. وكان هذا التحوّل الشعرة التي أسقطت جانب المناورة عند جعجع، فتحوّلت إلى واقعٍ وحقيقة. وانكشفت باطنية «حزب الله» فاضطرّ الحزب لإعلان الاسم الكامل للمرشّح ميشال عون. وبات عون رقماً مسيحياً يستحيل تجاوزه، وأسقط بيد الحزب واضطرَّ للتخلّي عن مشروع الفراغ لإعلان الاسم الكامل لمرشّحه ميشال عون.
لقاءٌ ثانٍ مع جعجع
بعد زيارتي لجعجع، انقطعت عن لقائه، وتابعت عن بُعد مفاوضات جعجع وعون ولم أكن أهتمّ فعلاً بتفاصيلها ومصيرها. وبتاريخ 2 - 4 - 2016 دعيت مع زوجتي إلى عشاءٍ في منزل الصديق نديم قمير وزوجته دينا في الأشرفية. وكان إلى الطاولة سمير جعجع وجبران باسيل وشامل روكز وزوجاتهم.
قبل نهاية العشاء، انسحب سمير جعجع من وسط الطاولة وطلب مني مرافقته إلى غرفة داخلية ليفاجئني بقوله:
- إننا لم نتمكّن حتى اليوم أن نحدث ولو خرقاً بسيطاً في موقف صاحبك (عون).
- لقد وقّعتم الاتفاق منذ فترة طويلة وأنت أيضاً بدأت تتعرّض للشكّ والاتّهام وتخسر من رصيدك، فلماذا إذن لا تضع نهاية للقضية. وأردفتُ بالفرنسية chute)سقوط).
- وكيف ترى chute؟
- أما وقد تأكّدتَ من عدم تبديل عون فلماذا لا تبتدع حلّاً مفاجئاً للخروج من المأزق؟
- وما برأيك الحلّ الممكن؟
- البارحة صرّح الشيخ نعيم قاسم، نائب الأمين العام لـ«حزب الله» أن عودة لبنان إلى المارونية السياسية لم تعد مقبولة ولا ممكنة. فاخرج أنت بردٍّ صاعق واتّهمه بأن لبنان لا يمكن تحويله إلى ولاية إيرانية، فتحرج بذلك ميشال عون، فإما يتضامن معك وتكون قد حقّقت التغيير الذي تتمنّاه، وإما أن يرفض ويكون لك السبب الشرعي لاسترداد تعهدك بترشيحه.
هنا دخلت السيّدة دينا قمير لتطالبنا بالعودة إلى المائدة والضيوف. أنهينا العشاء وافترقنا على أملٍ لم يتحقّق. إذ لم يذهب إلى صيغة للرجوع عن تعهده، بل ثبت وقبل تحويل المناورة إلى اتفاق تبادل المنافع، ورضي بوعودٍ عونية لم يتمّ تنفيذها.
برّي يخرج أرْنَبه
رغم تأييد جعجع لترشيح عون، حاول الحريري بردّة فعلٍ عصبية، طرح سليمان فرنجية خصم، جعجع السياسي، مرشّحاً لرئاسة الجمهورية. ولكن تمنّع «حزب الله» عن التجاوب العلني مع ثنائي الحريري فرنجية. أسقط رهان الحريري على الاستمرار في تأييد فرنجية، ليخضع فيتحوّل إلى قبول العرض العوني بالمشاركة في ثنائية حكم العهد الكامل برأسَين: عون - حريري، فاكتمل الوفاق المسيحي السنّي على ميشال عون. وسارع «حزب الله»، لتغطية مشروع الفراغ الذي أتبعه، ليعلن تأييده العلني للمرّة الأولى لميشال عون. وساهم نبيه برّي رئيس المجلس النيابي، الخصم اللدود لميشال عون، بإيجاد المخارج لتبديل الصورة. فكانت جلسة مجلس النواب، التي عُقِدَت بتاريخ 31 - 10 - 2016، بعيدة من مفاهيم الاقتراع في الشكل والمضمون. وتحوّلت إلى مسرحية، فيها أرانب كثيرة، ودورات ثلاث أُلغيت لزيادة عدد الناخبين عن عدد النواب الحاضرين، ووجود ورقة انتخاب واحدة لغانية منافسة، ليؤشّر إلى مصيرٍ مجهول للجمهورية المولودة.
بات واضحاً أن عون سيكون الفائز بأكثرية أصوات النواب إذا اكتمل النصاب. لكنّ عون ذا الطبع الشكّاك والحذر أصرّ على استمرار التعطيل حتى يثبت له بالدليل القاطع أن لا منافس يخبّئه خصومه. ولم يوافق على حضور جلسات الانتخاب وإكمال النصاب، إلّا بعد إعلان كلّ الفرق الانتخابية دعمها العلني له. وعندها فقط تجرّأ وأقدم على ارتكاب المغامرة، التي رافقت قسمات وجهه المتجهّم، والتي ازدادت تشنّجاً في الدورات الأربع التي أنجبت الأرنب البرّي، بعد جلسات فولكلورية. وقد كشف ذلك تلعثُمه عند قراءة القسَم الرئاسي وإقدام برّي ومساعدته مع ابتسامة صفراء.
هكذا اجتاز عون كلّ الدفوع الشكلية والعملية التي كان يتمسّك بها وقبل انتخابه في ظروفٍ ومعطيات تنكرت لادعاءاته الشعبوية على رفضها:
من مجلس النواب غير مؤهّل وغير شرعي للانتخاب لأنه ارتكب جرم التمديد غير القانوني لنفسه بدل أن يلجأ إلى إعادة انتخابه.
إلى أن الانتخابات لا يجوز أن تتمّ في ظلّ احتلالٍ أجنبي (سوري أو إيراني أو إسرائيلي) وبات راضياً ومستعجلاً الانتقال إلى بعبدا.
وليتبيّن بعد الوصول أنه حصل على أصواتٍ تمّت رشوتها وشراؤها بوعود كاذبة أو غير صادقة.
عون المنتخَب ونوبات الحراسة في بعبدا
الطلقة الأولى التي سدّدها العهد على رأس الجمهورية كانت في قبوله تمديد ولاية مجلس النواب بذريعة وضع قانون جديد. ثم بدأت عملية حياكة قوانين انتخابية جديدة في مطابخ المنظّرين والانتهازيين والوصوليين. تولّى إدارة الحبكة الرئيس ميشال عون وصهره جبران باسيل والوزير «الوديعة» سليم جريصاتي، ونائب رئيس المجلس إيلي الفرزلي المتنقّل Ambulant بين ولاية دمشق «والولاية القوية» والحاضر دائماً وأبداً لخدمة «الزعيم»، بصرف النظر عن توجّهاته وهواه السياسي وعقيدته.
لاقى قانون الانتخاب، الذي استولده الفرزلي الأرثوذكسي، استحساناً في أوساط عون وباسيل خاصة. فأطلق عليه اسم القانون الأرثوذكسي الذي حَصَرَ الدائرة الانتخابية بالمذهب فقط. وهكذا يتحوّل لبنان فعلاً إلى مولِّد لمجلسٍ نيابي يشبه مذاهبه المتناقضة فتتحقّق نظرية منع «استيلاد» نواب للمسيحيين من أصوات إسلامية ويحقّق العونيون شعاراتهم الشعبوية في انتخاب نوابهم المسيحيين.
وانطلقت صفّارات العهد القوي لتسويق هذا القانون الذي تنكر له رئيسُ حزب القوّات اللبنانية سمير جعجع بعد أن قبله. وما لبث أن سقط القانون. وتوتّرت العلاقات بين التيّار الوطني الحرّ والقوّات اللبنانية. فانتقل عون دفعة واحدة وتيّاره وأتباعه إلى تبنّي فكرة القانون النسبي كردِّ فعلٍ على معارضة حزب القوّات اللبنانية للقانون (الأرثوذكسي). وبتاريخ 10 - 5 - 2017 نشرت جريدة الأخبار، الموالية لـ«حزب الله» وفريقه السياسي، في صفحتها الأولى كتاباً مفتوحاً موجّهاً من الصحافي المخضرم والباحث السياسي المقرّب من ميشال عون إدمون صعب لعون بعنوان: «أوقف بيع الأوهام للمسيحيين قبل خراب البيت».
كفى مناورات بأن في الإمكان صوغ قانون انتخاب يمكّن المسيحيين من انتخاب نوابهم الـ٦٤ بأصواتهم، وخصوصاً عندما يكونون يتناقصون بسرعة صاروخية وباتوا يشكّلون ثلث عدد اللبنانيين المقيمين. وإذا كان هناك إصرار على الـ٦٤ نائبا بأصوات المسيحيين فإن ذلك لا يمكن أن يتحقّق إلّا في ظّل تقسيم لبنان إلى دوقيات طائفية ومذهبية يناسبها ما أطلق عليه «القانون الأرثوذكسي» الذي ينتج برلماناً طائفياً.لماذا لا تقول لمستشاريك: إن اللعبة انتهت، وإن المطلوب مشروع لقانون انتخاب يعتمد النسبية ويصحّح التمثيل المسيحي تدريجاً، ويحقّق العدالة والمساواة للجميع، «ويدرء الخطر المحدق بالوحدة الوطنية، درع الأمان».
«مطلوبٌ من (بي الكلّ) أن يبادر بسرعة قبل انهيار السدّ وخراب البيت».
لكن الكاتب نسي أن الجنرال، الذي كان يسمع ويقرأ، نزع لباس «التضحية والشرف والوفاء» وركب في قاطرة الممانعين ليرعى ويحرس تحويل جمهورية إلى مشروع ولاية. هكذا بدأت رحلة تحوّل المسار إلى معادلة تفريغ الجمهورية لتغدو بلا سيادة، يقبل رئيسها رتبة حارس يسيء ويستغلّ استثمار نضال اللبنانيين، ودماء الشهداء، فيعمم الفقر والجوع، والتخلّف والعزلة العربية والانكفاء الدولي. ويخدع «الشعب العظيم» بتنصيبه «حارساً» لرئاسة الجمهورية ليسلّمها لمغتصبيها في حالة الموت السريري.
هكذا يتهافت حارس الجمهورية لقبول الشروط «وللمشاركة» بتعيينه حارساً، ليس فقط برفع الأيدي، بل بالصوت والصورة، الموثّقَين في دفاتر السفارات ومجالس الإقطاعَين السياسي والمالي، ويحدث كلّ ذلك باسم الميثاقية والدستور.
أخبار ذات صلة
مقالات مختارة
عون: حذّرتُ حزب الله وخائف عليه
أبرز الأخبار