21-06-2021
مقالات مختارة
قاسم قصير
قاسم قصير
على الرغم من استمرار الأزمة السياسية والحكومية والاقتصادية، فإنّ العديد من الأطراف السياسية والحزبية ومجموعات الحراك الشعبي بدأت الاستعداد للمشاركة في الانتخابات النيابية في العام المقبل، سواء من خلال إعداد الماكينات الانتخابية أو إجراء الدراسات والإحصاءات في مختلف المناطق لقياس الدعم الشعبي، أو عقد التحالفات وتشكيل الجبهات ووضع المشاريع والبرامج السياسية والشعارات التي ستخوض المعركة على أساسها.
فأين تقف المعارضة الشيعيّة من هذه الاستعدادات؟ وهل تستطيع تحقيق اختراق حقيقيّ في مواجهة التحالف بين حزب الله وحركة أمل وشركائهما؟ ومَن هي الشخصيّات والمجموعات التي ستخوض هذه الانتخابات في الجنوب والبقاع وساحل المتن الجنوبي؟ وما هي شروط النجاح المطلوبة في المعركة الانتخابية المقبلة في ظلّ الفشل الكبير الذي واجهته القوى الشيعية المعارضة في الانتخابات الأخيرة؟
قد تكون المعضلة في الساحة الشيعيّة هي الأكثر بروزاً، نظراً إلى قوّة التحالف الثنائي الشيعي، وزيادة العصبيّة والتماسك في هذه البيئة، والقدرات السياسية والشعبية والإمكانات الماديّة التي يتمتّع بها حزب الله وحركة أمل
في حال لم تحدث تطوّرات أمنيّة أو سياسيّة تمنع إجراء الانتخابات في موعدها المقرّر أو لم يستقِل عدد كبير من النوّاب، لأنّه إذا حدثت الاستقالة فستؤدي إلى تقديم الموعد، فإنّ هذه الانتخابات ستحصل في أيّار من العام المقبل مبدئيّاً وفقاً للقانون الحالي، مع بعض التعديلات الطفيفة على البطاقة الممغنطة، واختيار النواب في بلاد الاغتراب، وبعض الشروط الانتخابية، وكلّ ذلك خاضع للتطوّرات خلال المرحلة المقبلة.
وفي ضوء ذلك، بدأت بعض الشخصيات والمجموعات الشيعيّة المعارضة الاستعداد للانتخابات من خلال الانضمام إلى جبهات سياسية واسعة أو تشكيل أطر وتحالفات شعبيّة وانتخابيّة قادرة على خوض المعركة الانتخابية بقوّة وفاعليّة.
بعد الجبهة التي ضمّت حزب الكتلة الوطنية ومجموعات من الحراك الشعبي وشخصيّات شيعيّة مستقلّة، يسعى حزب الكتائب إلى تشكيل جبهة أخرى تضمّ حشداً كبيراً من الشخصيّات والمجموعات المتنوّعة. وهو يبحث عن شخصيّات شيعية فاعلة لضمّها إلى الجبهة، في حين أنّ القوى اليساريّة والوطنيّة أعلنت تشكيل الجبهة الوطنيّة، التي ضمّت العديد من الشخصيّات الشيعيّة القريبة من الأحزاب اليساريّة والقوميّة والشيوعيّة.
لكنّ الإطار الأهمّ، الذي يستعدّ حاليّاً للانتخابات المقبلة، هو مجموعة "نحو الوطن" التي تضمّ العديد من الشخصيّات اللبنانية المتنوّعة سياسيّاً وطائفيّاً من داخل لبنان ومن بلاد الاغتراب، وتهدف إلى تشكيل تحالف انتخابي قادر على خوض الانتخابات في كل الدوائر والمناطق، وترشيح 128 شخصيّة قادرة على التنافس مع كلّ القوى السياسيّة والحزبيّة، ومن خلال ذلك محاولة إيصال كتلة نيابيّة فاعلة تكون قادرة على إحداث تغيير سياسيّ وشعبيّ حقيقيّ.
تضمّ هذه المجموعة شخصيات شيعية مستقلّة ومعارضة لكلّ من حزب الله وحركة أمل، لكنّها تحاول اعتماد خطاب سياسي يستطيع مخاطبة جمهور الحزب والحركة من دون الدخول في معركة كسر عظم أو طرح شعارات استفزازية لهذا الجمهور.
بدأت بعض الشخصيات والمجموعات الشيعيّة المعارضة الاستعداد للانتخابات من خلال الانضمام إلى جبهات سياسية واسعة أو تشكيل أطر وتحالفات شعبيّة وانتخابيّة قادرة على خوض المعركة الانتخابية بقوّة وفاعليّة
تحرص المجموعة على الحصول على دعم ماليّ كبير من رجال أعمال وشخصيات اغترابية، والاستعانة بطاقم عمل متخصّص لتشكيل الماكينة الانتخابية وإعداد الدراسات والإحصائيّات، والأهمّ أن تُخاض الانتخابات بلوائح مشتركة وقويّة في كلّ الدوائر وتوحيد كلّ القوى المعارضة، ومن ضمنها الشخصيّات الشيعيّة المستقلّة.
السؤال الأهمّ الذي يُطرح على كلّ هذه الجبهات والمجموعات: هل تستطيع توحيد جهودها، وتشكيل لوائح مشتركة في كل الدوائر، وخوض الانتخابات ضمن برامج موحّدة وشعارات واضحة، أم تكرّر أخطاء الانتخابات النيابية الأخيرة وتدخل في صراعات وسجالات فيما بينها تؤدّي إلى خسارتها المعركة، ولا سيّما في مواجهة تحالف حركة أمل وحزب الله؟
قد تكون المعضلة في الساحة الشيعيّة هي الأكثر بروزاً، نظراً إلى قوّة التحالف الثنائي الشيعي، وزيادة العصبيّة والتماسك في هذه البيئة، والقدرات السياسية والشعبية والإمكانات الماديّة التي يتمتّع بها حزب الله وحركة أمل.
لكنّ عوامل أخرى قد تخدم القوى الشيعية المستقلّة والمعارضة، ومنها التطوّرات الحاصلة منذ حراك 17 تشرين الأول من عام 2019، وفشل قوى السلطة في تحقيق أيّ إنجاز حقيقيّ وأيّ تقدّم في معركة مواجهة الفساد أو توفير احتياجات الناس، وتفاقم الأزمات المعيشية والمالية والاجتماعية، وانتشار الأصوات المعارضة للثنائي الشيعي، تُضاف إليها مشاركة المغتربين بفاعلية في الانتخابات المقبلة، وهو ما سيكون له تأثير على القوّة الانتخابية لكلّ من الحزب والحركة.
نحن إذن أمام معطيات وتطوّرات شعبية وسياسية جديدة قد يكون لها تأثير كبير في المعركة الانتخابية المقبلة، ولا سيّما في الساحة الشيعية، فهل تنجح القوى الشيعية المعارضة في تحقيق إنجاز سياسي وشعبي، أو تغرق مجدّداً في الخلافات والصراعات؟ وكيف تؤثر التطوّرات الداخلية والخارجية على أفق الانتخابات في المرحلة المقبلة؟
قد يكون من السابق لأوانه الإجابة عن هذه الأسئلة اليوم، لكنّ من المهمّ والمفيد البدء ببحثها والاستعداد لها، لأنّه لا أحد يستطيع تحديد موعد الانتخابات المقبلة التي قد تحلّ قبل أوانها في حال اشتدّت الأزمة السياسية والمالية والمعيشية.
أخبار ذات صلة
أبرز الأخبار